نضع التلفيقات في مكان الله
المتقدم في الكهنة نيقولاوس لودوفيكوس*
مقابلة مع جورج كيوسيس
المشكلة الحقيقية في عصرنا ليست الإلحاد ، بل تعدد الآلهة الذي يظهر في الواقع في شكل عبادة أصنام. هذا يخلق خطراً لأنه في مكان المسيح الإله المحب والمضحي نضع الوحوش الخارقة التي نختلقها في نرجسيتنا للسلطة والسيطرة.
س: كيف يواجه الناس اليوم حدث عيد الفصح؟
بعيداً عن الغلاف العاطفي والاحتفالي، هناك أيضاً إعلان وجودي مذهل: أن الله نزل إلى حالتِي، أي الفوضى واللاعقلانية، أحبّني حتّى ولو صلبتُه. يهتم الله بي وهذا مكلف له. فيما يريد الجميع أن يفرضوا عليّ، هو يمارس حريته في أن يكون في علاقة معي لا كـ “إرادة للسلطة“، بل كمحبة. إنه يضحّي بنفسه ويتواضع، “يخسر” تمامًا وكلّ شيء من أجلي. المسيح مصلوب لأن هذه هي الطريقة الوحيدة حقاً لمحبة الشخص المكسور بالفعل. إذن، القيامة هي الانتصار الشخصي النهائي لتعايشه المؤلم في حياة كل الناس: اليهود، الرومان، الإغريق، كما بالطبع تلاميذه المرعوبين والمربكين. الموت والشر يُهزَمان في وقت واحد في احتضان الجلجلة المُحِب. “لقد مددتَ يديك ووحّدت الذين كان في السابق منفصلين“.
س: ماذا تقول لشخص يمرّ عبر جلجلته هذه الأيام (بلا مأوى ، عاطل عن العمل ، مريض)؟
كلّنا مصلوبون على جلجلة التاريخ. فلنصنعنّ صليبنا الشخصي سعياً إلى صليب المسيح. صليب المسيح هو الوحيد غير المأساوي، لأنه صليب القيامة للتضحية بالذات من أجل الله والآخرين. قال أبيكتيتوس أن ما يرعب الناس ليس الألم بل انعدام المعنى. يجب أن تصبح المصائب سعياً عميقاً إلى الله، لأنه هو الهدف الحقيقي لشوقنا، خلف الكثير من المطالب المختلفة والمتنوعة التي عندنا. إنه المعنى العميق الذي يزوّدنا بكل ما نفتقده.
س: قبل بضعة أيام ، قال فيلوثيوس فاروس أن “معظم رجال الدين غير موجودين على المستوى الرعائي. فهم لم يقدموا الدعم للمحتاجين”. هل توافق؟
إن الضجة المستمرة التي تحيط بالشر تنتِج عدم الأمان والعنف والعداء والإغراء المضاد لتعظيم الذات. ألا يمكننا الترويج للخير قليلاً؟ لقد التقيت شخصياً بعدد من الكهنة والرهبان القديسين الذين استطاعوا تحويل تلاميذ فرويد وهيدجر، ولم يكن لهم أي علاقة بالكنيسة، إلى علماء دين وكهنة. أشعر بنقص كبير في المقارنة بهم.
س: لقد قلت: “دعونا لا نفقد الأهواء بل لنحولْها“. ماذا تقصد؟
لحسن الحظ ، المسيحية ليست الأفلاطونية ولا الرواقية. كل شيء في جسدنا ونفسنا من صنع الله، وبالتالي فهو مقدس بالمطلَق. ما تبقى هو أنني يجب أن أغضب وأقع في الحب وألعب وأخلق وآكل وأبتهج وأحزن بطريقة تقرّبني أكثر من أي وقت مضى إلى مصدر كِياني الإلهي الذي هو التجسد. لم يدعُني الله للهروب من العالم بل لتحويله إلى مكان يتجلّى فيه.
س: هل القيامة “عيد الأعياد وموسم المواسم“؟
المسيحية هي عدو شرس لكلّ أشكال المثالية، لأنها في حد ذاتها، ليست سوى ماديّة دينية. التجسد هو التحقق من صحة المادة والتاريخ، عندما يُقدَّما إلى الله وللآخرين. المادة (بحسب الآباء ، ونفسنا هي الشكل الأكثر دقّة للمادة)، والتاريخ في النهاية، شركة وجودية مع الله (كجسد المسيح، بتعبير أكثر لاهوتية) جميعاً يذهبون معاً لتشكيل حقيقة الكنيسة الوجودية الأنطولوجية.
س: هل يزعجك أن الانغماسات الدهرية ووسائل راحة “الرعاة” تحدث باسم الله؟
يهوذا كان، في الواقع، أحد تلاميذ المسيح. أنا شخصياً اضطرب أكثر عندما، بدلاً من وجهة النظر هذه عن الكنيسة، يتمّ تبنّي وجهة نظر بلا معنى تمامًا، حيث تُعتبر الكنيسة مؤسسة دهرية تفترض أنها تقود الأمة أو تهتم عصابياً بضبط الأمن الأخلاقي للآخرين. هذه كنيسة بدون أي إثبات أنها حيّة.
س: وأخيرًا ، كيف يمكننا أن نختبر القيامة في كل لحظة، كحالة من الأبدية أو كالأبدية في كل لحظة؟
القيامة هي الانفتاح حتى التداخل، الحرية التي تصبح محبة عبر الصليب. هذا هو الخلود. هذه هي نهاية عهد الأنانية (الماركيز دي ساد): يتوقف الآخرون عن أن يكونوا “أشياء لنفسي” (لكي نتذكر كوهوت) وندخل الأصالة الوجودية من خلال إعلان الآخرين عبر ذواتنا وذواتنا عبر الآخرين.
*المتقدم في الكهنة نيكولاوس لودوفيكوس هو لاهوتي يوناني، عالم نفس، مؤلف وأستاذ في كامبريدج