مدخل إلى الفضائل

مدخل إلى الفضائل

الأب توماس هوبكو

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

 

إلى جانب التطويبات، هناك الكثير من ثمار الروح الواردة في الكتابات الرسولية والمُشار إليها في تعاليم آباء الكنيسة. هذه الثمار الروحية تُدعى غالباً الفضائل، التي تعني حرفياً هذه القوى والقدرات الفكرية والقلبية التي على الناس امتلاكها إذا كانوا فعلاً بشراً مقتنعين بأنهم مخلوقين على صورة الله ومثاله.

بالإجمال، الفضائل هي صفات إلهية. إنها مواصفات يسوع المسيح، ابن الله المتجسّد. إنها الصفات الإلهية التي يجب أن تكون في الأشخاص البشريين بموهبة الله للخليقة والخلاص بالمسيح. لقد قيل، وهذا صحيح، أن الفضائل المسيحية ليست “مسيحية” بشكل خاص بمعنى أن معرفتها والالتزام بتطبيقها ليسا حصراً على المسيحيين. أغلب الفضائل المسيحية، إن لم يكن جميعها، هي موضع إكرام واحترام وتوصية من قِبَل كل معلمي الحياة الروحية العظماء. هذا لا ينتقص من قيمتها وحقيقتها المسيحيتين بأي شكل من الأشكال، لأن المسيح ورسله والقديسون لم يعلّموا ويمارسوا شيئاً غير ما ينبغي أن يعلمه ويمارسه كل البشر. هذا يمكّننا من فهم كون يسوع المسيح هو تحقيق جميع تطلعات ورغبات البشر الإيجابية، لأنه “الآتي من السماء” و”آدم الأخير” الكامل (1كورنثوس 45:15-47، رومية 14:5)، ولهذا هو يحقق ويتمم في نفسه كل ما سعى إليه رجال الحكمة والنيات الطيبة وكل ما تمنّوه في قلوبهم وعقولهم، منارين من الله.

فالحقيقة هي أن كل ما هو حسن وجميل وصحيح في الإنسان هو بسبب الله ومنه. هذه هي الحال، سواء أدركها الإنسان أم لا، “كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ” (يعقوب 17:1)، والمسيح بذاته، ابن الله الأزلي وكلمته، الذي هو نور وحياة كل إنسان آتٍ إلى العالم (أنظر يوحنا 1:1-10). 

على هذا الأساس أشار الرسول بولس إلى المؤمنين بالمسيح: “أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا” (فيليبي 8:4).

فيما نحن نفكر بهذه الأشياء نشير إلى تعاليم الرسول نفسه وغيره من رسل المسيح ومعلمي الإيمان الأرثوذكسي الذين استناروا من الله وتسلّموا وحيه بيسوع المسيح وقوة الروح القدس في حياة الكنيسة.

 

Leave a comment