اليابانية التي تبعت قلبها إلى الأرثوذكسية

اليابانية التي تبعت قلبها إلى الأرثوذكسية

 

كم تبعد طوكيو عن لاريسا؟ (طوكيو هي عاصمة اليابان ولاريسا مدينة في وسط اليونان- المترجم). لا شكّ أن المسافة بالكيلومترات كبيرة جداً. بالنسبة إلى امرأة كانت تشتاق إلى اتّباع سبيل قلبها لتحقيق رغبة كبيرة لديها، المسافة كانت مثل نزهة في حديقة ربيعية مزهرة.

هذه النزهة هي مثل الرحلة التي قامت بها يوكو، ابنة التسعة والعشرين عاماً، قبل ثلاثة عشرة سنة، إلى كنيسة القديس نيقولاوس في قلب طوكيو، وهي الكنيسة الأرثوذكسية الوحيدة في العاصمة الصاخبة لبلاد الشمس الصاعدة. الرحلة كانت مصيرية بالنسبة لباقي حياتها لأنها غيّرتها كلياً.

لقد جعلتها تعيش الشهادة الحية للأرثوذكسية، وتغير عقيدتها، وتترك أرض أجدادها وعائلتها وتأتي إلى اليونان مصممة على أن تصير راهبة مكرسة ما بقي من حياتها لخدمة الله. فزيارتها إلى كنيسة القديس نيقولاوس في طوكيو حيث حضرت القداس الإلهي، وصِحبَتُها التي نشأت مع أستاذ اللاهوت في جامعة أثينا ستارجيوس بابدوبولوس، كانتا الحدثين المفتاحين في تغيير حياتها.

لقد التقينا بها فيما كانت تنسج السلال في الهواء الطلق خلال احتفال مخصص للطبيعة في قلب باراناستي على بعد كيلومترات قليلة عن قرية ماسوخوريتوس في منطقة دراما. عندما تستمع إلى قصتها تشعر أن ابنة الإثنين والأربعين عاماً، المعروفة اليوم باسم الأخت صوفيا، خُلِقَت لهذا الهدف بالتحديد: ان تكون راهبة مكرسة حياتها لاتّباع الحقيقة الإلهية.

لقد تخلّت عن البروتستانتية. إذ سحرتها العبادة الأرثوذكسية، والخدم في الكنيسة الأرثوذكسية، وبتوجيه من الأستاذ ستارجيوس بابادوبولوس، قررت أن تتخلّى عن البروتستانتية، وتترك عملها كمرشدة بروتستانتية، وتعتمد في الكنيسة الأرثوذكسية. اتّخذت اسم صوفيا وقررت المجيء إلى اليونان، وبحسب قولها: “هنا فقط وجدت تحقيق رغبتي الكبرى في التكرّس لله”.

تعترف الأخت صوفيا أنها أتت إلى اليونان لأنها هناك لن تشعر بأنها أقلية لأن “الأرثوذكسية والإيمان منتشران وحيّان في الحياة اليومية”. إلى هذا، لقد تعبت من حياة طوكيو المعقدة. وقد سمعت من الأستاذ عن دير السابق المقدس الذي يبعد 3.5 كلم عن قرية أناتولي على علو 1100 متر من سطح البحر في جبال كيسافوس. بنى الدير القديس داميانوس كيسافوس سنة 1550 وفيه نظّم شركة رهبانية وعاش بالقرب منها في أحد الأودية. ازدهر الدير إلى الحرب العالمية الثانية ومن ثم هُجِر. في 1980 بدأ بعض الرهبان الأثوسيين بناء جناح جديد بالقرب من المجمّع الأصلي. وقد تخلوا عن العمل في 1983. ومنذ تموز 2000 عادت أعمال الاستصلاح إلى الدير على يد عدد من الراهبات من عدة جنسيات، وهن جميعاً من منسك القديس بولس في لافريون. جدير بالذكر أن هذه الشركة الرهبانية تفهم الوجه المتعدد الجنسيات على أنه رسالة كونية، تثبت أن في الأرثوذكسية لا تمييز بين الأمم أو القبائل أو الألسنة.

أتت الأخت صوفيا إلى هذا الدير وهي فيه كراهبة لثلاث عشة سنة كانت خلالها أقرب إلى الله وبعيدة عن عائلتها المؤلفة من والديها وأختها. تذكر هي كيف قاوموا قرارها بتغيير عقيدتها وترك اليابان. مع هذا، هي تصلّي ليهبهم الله القوة وهي على اتصال بهم بشكل دوري من خلال الرسائل. لقد تعلّمت اليونانية التي تعتبرها لغة صعبة، كما تعلّمت حياكة السلال بطلب من الأم الرئيسة إذ عليها أن تتمّ الطاعة. وهي تقول عن السلال أنها “مرتبطة شكل لا ينفصم بالمسيحية حيث أن آباء البرية كانوا ينشغلون بحياكة القصب لمختلف الأهداف وأيضاً لتأمين معيشتهم”.

كان الكثيرون يلتفون حولها يسألونها عن مهارتها في صنع السلال خلال اشتراكها في المهرجان اليوناني العاشر لصناعة السلال، حيث كانت تبهرهم بيديها الماهرتين اللتين كانتا تنتجان السلال من دون الاستعانة بأي مواد غير القضبان القصبية الطرية. أما ما علق في بالنا من كلامها فهو قصتها التي تظهر أنها تبعت قلبها على طريق الحقيقة وآمنت بقدرتها وبقوة الروح القدس فكان لها ما أرادت.

عن: Αλήθεια, Σεπτέμβριος 2013

Leave a comment