رموز في الكنيسة

رموز في الكنيسة

الخورية سميرة عوض ملكي

 

حدّق أحد الأولاد في أعلى الأيقونسطاس (حامل الأيقونات) حيث يوجد الصليب وسأل والده: لماذا رُسمَت بعض الحيوانات حول الصليب يا أبي؟

فتحيّر الوالد من هذا السؤال ولم يدرِ بماذا يجيب فقال: دعْنا نسأل الكاهن وهو يجيبك عن سؤالك.

فهرع الولد إلى الكاهن متلهّفاً لطرح السؤال عليه والحصول على الجواب. أخذ الكاهن الولد بين ذراعيه وأجلسه في حضنه وقال: إن سؤالك جميل حقّاً، فالكثير من الناس ينظرون إلى الصليب ولا يلاحظون ما لاحظتَه أنت. كما أن ليس كل الكنائس يرسمون هذه الحيوانات حول الصليب. فهذا يختلف من كنيسة إلى أخرى. لكن قل لي هل تعرف ما هي هذه الحيوانات؟

– نعم، إنها نسر وأسد وثور.

– وماذا ترى أيضاً؟

– أرى إنساناً بهيئة ملاك.

– هل تعلم ما هي الكتب التي يحملها كل واحد منهم؟

– كلا يا أبتي!

– إنها الأناجيل يا بنيّ.

– الأناجيل! ولماذا يحملون الأناجيل؟

– هذا هو أساس موضوعنا. بأيّ منهم تريد أن نبدأ؟

– بالنسر

– النسر يرمز إلى الإنجيلي يوحنا. فكما يحلّق النسر في السماء، هكذا حلّق الرسول يوحنا في اللاهوت إذ يتكلّم دائماً عن يسوع على أنّه ابن الله وهو الله، كما أنّه يتعمّق بالحوارات بين الربّ يسوع والله الآب.

– والأسد؟

– الأسد يرمز إلى الإنجيلي مرقس. فأنت تعلم أنّ زئير الأسد، أي صوته، قوي جداً في الغابة. هكذا كان صوت القديس يوحنا المعمدان الذي يبدأ القديس مرقس إنجيله بالكلام عنه في الآية “صوت صارخ في البرية”.

– والثور؟

– يرمز الثور إلى الإنجيلي لوقا الذي يبدأ إنجيله بالحديث عن الهيكل حيث كانت تُقَدَّم الذبائح والمحرَقات التي هي بدورها رمز للذبيحة الإلهية الحقيقية يسوع المسيح الذي افتدانا بدمه الكريم على الصليب

– بقي لدينا الإنسان الملاك

– حسناً! الإنسان الملاك يرمز إلى الإنجيلي متّى لأنّه يتكلّم كثيراً عن ملاك الرب في بداية إنجيله كما أنّه يسرد الكثير من القصص المتعلّقة بيسوع المسيح على أنّه ابن الإنسان. هل رأيتَ الآن يا بنيّ لماذا تحمل هذه الرموز الأربعة الأناجيل؟

– نعم يا أبتي! لقد علمت الآن أنّها ترمز إلى الإنجيليين الأربعة. لكن بقي سؤال صغير وأخير.

– تفضّل يا بنيّ

– إني أرى حمامة مرسومة فوق الباب الملوكي أي الباب الوسطي فإلامَ ترمز هي أيضاً؟

– إنّها ترمز إلى الروح القدس. ونحن نراها تُرسَم في أيقونات عديدة كأيقونة البشارة وأيقونة الظهور الإلهي والتجلّي. كما أنّها تذكّرنا بانتهاء الطوفان أيام نوح وبدء عهد جديد من الربّ.

تنهّد الولد بفرح وقبّل يدَ الكاهن وشكره من كل قلبه، فباركه الأب ورجع مع أبيه مسروراً.

Leave a comment