الأخلاق المسيحية – الموعظة على الجبل

الأخلاق المسيحية – الموعظة على الجبل

القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

 

4-كمال البر في ناموس النعمة

 

28. أين يظهر ارتفاع برّ ناموس النعمة؟

يظهر في موعظة المسيح مخلّصنا على الجبل.

 

29. بأيّ روح توحي كلمات مخلّصنا، وما هي الرغبة التي يعبّر عنها في العظة؟

إنّها روح المحبة للبشر والرغبة في هيمنة السلام على الأرض.

 

30. كيف ننظر إلى بر ناموس النعمة؟

على أنّه أكثر التعابير عن إرادة الله كمالاً.

 

31. ماذا يقول السيد لتلاميذه عن البِر؟

يقول لهم ما يلي: “إن لم يزد برُّكم عن بر العشارين والكتبة، لن تدخلوا ملكوت السماوات”

 

32. كيف باشر السيد إتمام الناموس وإكماله؟

إنه يبدأ كما يلي: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ”.

 

33. كيف يكمّل الوصية السادسة عند هذه النقطة؟

إنّه يكمّلها بمنعه كل إهانة للقريب، حتى يسود المحبة والسلام. يظهر هذا أيضاً في الوصية التالية، التي من خلالها يأمر المخلّص بأنّ كلّ مَن يحزن أخاه ينبغي ألاّ يقدّم قرابينه عند المذبح إلى أن يصالح أخاه. بهذه الطريقة يطلب أنّ تتوقّف كل النزاعات حتى لا يأتي مغيب الشمس بوجود الغضب نحو الأخ واستمرار النزاع.

 

34. كيف يتمم الوصية السابعة؟

إنّه يتممها بالكلمات التالية: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ”

 

35. ماذا يطلب المخلّص من أتباعه بهذه الوصية؟

إنّه يطالبهم بنقاوة القلب. لهذا السبب هو يمنع الإساءة إلى شرف عائلة القريب، ليس فقط بالعمل بل أيضاً بالفكر. بالواقع، إنّه يطلب نقاوة القلب بهذه الصرامة، ليأمرنا بنزع كل الأسباب التي تثير الشهوات، من داخل قلوبنا، ويقول: “فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.” بكل هذه الأشياء أراد المخلّص أن ينصحنا بأن نبتعد حتّى عن أكثر الأشخاص قيمة ونفعاً، حتّى لا تتلوّث طهارة قلوبنا ببعض الشهوات الشريرة، فيما نحن أتباعه.

 

36. بأي كلمات أخرى يكمّل المخلّص الوصية السابعة؟

إنّه يكمّلها بإبعاده كل الوسائل التي من خلالها يتم انتهاك الناموس. هذه الوسائل كانت وثائق الطلاق التي من خلالها كان يحق، بحسب الناموس القديم، للرجل أن ينفصل عن امرأته معطياً إياها هكذا كتاب (التثنية 1:24).

ما كانت كلمات المخلّص؟

كانت كلماته ما يلي: “وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.”

 

38. كيف يكمّل وصية العهد القديم حول القَسَم؟

إنّه يكمّلها بهذه الكلمات: “أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.”

 

39. ما الذي يطلبه بهذه الكلمات؟

إنّه يطلب الكمال الأخلاقي من جهة أتباعه. فالقَسَم الذي يقوم به المرء ليؤكّد أقواله، يفترض مسبقاً عيباً أخلاقياً هو أقرب للكذب ويتعارض مع المسيحية. لهذا السبب، إنّه يأمرهم بأن يكونوا جديرين بالثقة حتى لا يستدعي تثبيت أقوالهم أي قَسَم، بل تكون نعم نعم أو لا لا كافية للوثوق بكلامهم وتأكيده. بعبارة أخرى، ينبغي أن تعني “نعم” ما تعنيه فعليا و”لا” أيضاً ما تعنيه فعلياً. هذا هو الكمال المسيحي. المسيحي مجبَر على أن يكون جديراً بالثقة، حتى يصدّقه الجميع عندما يقول “نعم” أو “لا”، دون أن يتطلّب الأمر أي تأكيد إضافي لتعزيز حقيقة قوله.

 

40. مع هذا، ما الذي يحدث عندما يشكك طالبو الحقيقة بكلام الإنسان؟

إن انتهاك الوصية ليس مبرراً في هذه الحالة، لأنّ المسيحي ملزَم بالبقاء غير متزعزع في تأكيد الحقيقة من خلال النعم واللا.

 

41. هل يمنع المخلّص القَسَم الذي تطلبه السلطات المدنية؟

لا يمكن تأكيد منعاً من هذا النوع من كلام السيد. الهدف الذي قاده إلى قول كلامه يظهِر بالأغلب أنّ السيد منع القَسَم الذي يتبادله الناس مع بعضهم وليس ذاك الذي يقوم أمام السلطات المدنية بحسب متطلبات القانون بهدف تأكيد الحقيقة وتأمين السلطات. إلى ذلك، المخلّص نفسه ارتضى أن يقسِم مام رئيس الكهنة الذي سأله إن كان هو المسيح ليعترف به (متى 63:26). أيضاً، الرسول بولس، في رسالته إلى أهل روما، استدعى الله كشاهد له لكي يثبّت كلامه بأنّه دائماً تذكرهم في صلواته (روما 9:1). وعلى المنوال نفسه، كاتباً إلى الكورنثيين، استدعى الله كشاهد له لكي يشهد بأنه لم يكن يرغب بتسبب أي حزن لهم (2كورنثوس 23:1).إلى هذا، ملاك الإعلان أقسَم باسم “الذي يحيا إلى دهر الدهور”، الذي خلق السموات التي توجد فيها، والأرض وكل ما عليها والبحر وكل ما فيه (رؤيا 6:10)

 

42. هل من مكان آخر يمكّن الاستنتاج منه أنّ المخلّص لم يحرّم القَسَم بطريقة مطلقة؟

مما يلي: أ) حقيقة أنّه لم يأخذ الوصية مباشرة من الوصايا العشر، بل من التثنية (12:19)، حيث يرد أنّ قَسَماً باسم الله لتغطية الظلم هو قَسَم مرفوض وعلى القدر نفسه انتهاك الاسم لأنّ القَسَم المُعطى للقريب أياً كانت الحالة قد انتهِك. هذا ما يسميه السيد شهادة زور. هذا يدل على أن القضية قيد النظر تشير إلى اليمين المتبادلة بين شخصين في شهادة وصدق متبادلين. ب) استناداً إلى أنه لا يوجد دليل واضح على ان المخلص حرّم بصورة مطلقة استدعاء اسم الله لغرض تأكيد الحقيقة في وقت مناسب. على العكس من ذلك، يبدو انه سمح بهذا من خلال مثاله الشخصي، وهذا ما تبعه أيضا تلاميذه. لو كانت نية المخلص حظر اليمين بطريقة مطلقة، أي سواء عبثا أو بصورة عادلة، لكان أكمل وصيته بحظر آخر واضح، وهذا ما لم يفعله. وينبغي أن يُذكَر هنا أيضا، أنّ في الحالة الحاضرة، ينطلق المخلص من المبادئ الأخلاقية لا العقائدية. هكذا إذن، حلف اليمين أمام السلطات المدنية بغرض تأكيد ما هو صحيح هو أمر مسموح.

 

43. كيف يكمّل المخلّص ما يرد في ناموس موسى حول “الألم المساوي” أي العقاب على قدر الذنب؟

على الشكل التالي: “سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.”

 

44. ما الذي يعلّمنا إياه المخلّص في هذه الكلمات؟

أ) إنه يحثّنا على أن نكون متسامحين نحو ما يفعله الآخرون لنا، ويمنعنا من الانتقام ومبادلة الشر بقدر يوازيه من الأذى؛ ب) انه يظهر المدى الذي ينبغي أن يصله تسامحنا من أجل المحبة والسلام اللذين يشكلان مهمة أتباع المسيح ورسالتهم. ج) إنّه يشير إلينا أيضاً حول السُبُل التي علينا اتّباعها لتفادي المشّادات فيسود السلام، وكيف يمكننا أن نغلب الشرير بالأعمال الصالحة والتضحيات، وختاماً د) إنّه يظهِر لنا شكل السلوك الذي علينا تبنّيه نحو الأشرار الذين يخضِعون الآخرين بالعنف، حتّى لا يختلّ السلام وتُجذَب محبة الإخوة.

 

45. ماذا نستنتج مما سبق قوله؟

نستنتج أنّ المسيحي ملزَم بتقديم نفسه كنموذج لإنكار الذات، وأنّ عليه ألا يعتبر الخبث، أو الاستيلاء، أو الظلم ، أو العنف سبباً عادلاً للانتقام. لا بل بالأحرى إنّه ملزَم على أن يقدّم لأخيه مثالاً ثابتاً بالتراجع عن كل ما لا يؤذيه أخلاقياً، وبإظهار، بالأعمال المناسبة، أنّ ما هو محفوظ في داخله هو محبة الأخ ورغبته في أن يراه يتغيّر، وليس الثأر أو الانتقام، إذ فقط بهذه الطريقة يمكن استعادة السلام ومجيء الملكوت على الأرض.

 

46. كيف يكمّل المخلّص وصية الناموس الموسوي حول المحبة والكراهية؟

بقوله: “سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ: أحِبَّ قريبَكَ وأبغِضْ عَدُوَّكَ. أمّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم، فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ. فهوَ يُطلِـعُ شَمْسَهُ على الأشرارِ والصّالحينَ، ويُمطِرُ على الأبرارِ والظّالمينَ”.

 

47. ما الذي يأمر به المخلّص في هذه الوصية؟

إنّه يأمر بالتالي: أ) المحبة الكاملة لكل البشر من غير تمييز، حتّى لمَن شرّهم فائق، ب) التعبير عن هذه المحبة بمقابلة أعمالهم الشريرة بالأعمال الحسنة، إذ عندما يعمل المؤمنون بهذه الطريقة يصيرون أبناء لأبيهم السماوي، بقدر ما يقوم بأعمال صالحة نحوه، وهو مَن لا يرد الشر بشر بل يغلب الشر بواسطة الصلاح.

 

48. ما هي الكلمات التي يستعملها المخلّص ليظهر ضرورة المحبة؟

يستعمل ما يلي: ” لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟  وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ”.

 

49. ما هي الوصايا التي يعطينا المخلّص في هذه الكلمات؟

إنّه يعطينا وصيتين: “أ) أننا ملزَمون بمحبة أعدائنا، لكي نكسب المكافأة بجوار الله ولا نخزى كالوثنيين، وب) أننا ملزَمون بالتحرّك نحو الكمال وبأن نصير كاملين، بحسب الله نفسه الذي هو النموذج الأول، الذي ندعوه أباً عندما نكتمل بالمحبة. فكلّ مَن يحبّ أعداءه ويعاملهم بصلاح هو كامل في المحبة. إذاً، بهذه الوصية الأخيرة، يكمّل مخلّصنا تشريعَ الناموس الموسوي المتعلّق بالمحبة.

 

50. هل من تعليم آخر يعطيه مخلّصنا فوق إتمام الوصايا والتوجيهات المتعلّقة بالمحبة في الناموس الموسوي؟

إنّه يقودنا إلى التعليم عن وضع رجائنا في الله ويأمرنا بأن نقوم بكلّ ما يرضي الله فقط. فمنه وحده نرجو أن نأخذ المكافأة التي تناسب أعمالنا الصالحة وعليه وحده يمكن أن نضع رجاء خلاصنا.

 

51. كيف يبدا المخلّص تعليمه عن وضع رجائنا على الله؟

يبدأ كما يلي: ” اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.”

 

52. ما الوصية التي يعطينا المخلّص من خلال هذه الكلمات؟

إنّه يوصينا بأن نرجو مكافأتنا من الله لأنّه يرى كل الأمور ويكافئ كلّ إنسان بحسب أعماله. إنّه يشير علينا أيضاً بأن نعمل أعمالاً صالحة من أجل الصلاح وليس لكي يرانا إخوتنا البشر. لأنّ الذين يذيعون أعمالهم الصالحة أمام مَن حولهم إنّما يقومون بذلك لكي يمجدهم البشر وليس الله. لهذا السبب، لن يحصلوا على اي مكافأة على أعمالهم الصالحة لكونهم لم يعملوها مكن أجل الصلاح ولم يضعوا رجاءهم على المكافأة الإلهية.

 

53. هل من وصايا أخرى يعطيها الفادي حول الرجاء بالله؟

نعم، إنها التالية: “وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً”.

54. ما الذي يعلّمنا بهذه الكلمات؟

إنّه يعلّمنا أنّ الصلاة هي نتاج الرجاء بالله والتعبير عن القلب الذي يعبده، وأنّها يجب ان تكون صادقة وبسيطة، إذ فقط الصلاة والعبادة اللتين على هذا المنوال ترتفعان غلى الله الذي يرى المصلّي سرياً ويكافؤه علانية في الحاضر والمستقبل. الصلاة المبهرجة لا تليق بالله وهو يرفضها، بينما الذين يقدّمونها يتطلعون إلى البشر ليكافئوهم من دون أن يكون رجاؤهم عند الله، بل بالحرى يعملون كلّ شيء ليتباهوا بين نظرائهم البشر.

 

55. ماذا يحدد الربّ بخصوص طريقة الصلاة؟

يحدد ما يلي: ” وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.”

 

56. ما الوصية التي نتلقّاها من هذا القول؟

أنّ علينا ألاّ نتكلّم هراءً، بل باتّضاع وما ينبغي قوله بالطريقة المناسبة التي تليق بمؤمن وضع رجاءه على الله ويتطلّع إليه. والله الآب سوف يمنحنا كلّ ما نحتاج إليه، لأنّه يرى حاجاتنا قبل أن نطرحها عليه.

Leave a comment