كيف بقيَت النعجة؟

القديس نيقولاوس فيليميروفيتش

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

عندما نفكّر بنظرية داروين غالباً ما ننشغل بكيف استطاعَت النعجة البقاء. يقول داروين أنّ في الصراع القاسي للبقاء على فترات طويلة، وحدها الحيوانات الأقوى والأكثر ذكاء من غيرها هي التي بقيَت بينما الأضعف والأقل حنكة اختَفَت. بعد الاستماع لهذه النظرية، نسأل أنفسنا: كيف تصرّفّت النعجة للبقاء على قيد الحياة؟ كيف جرت الأمور حتى أنّ أعداء النعاج القاتلين، أي الذئاب، لم يقضوا عليها كلياً؟ في النهاية، أنثى الذئب تلِد خمسةً أو ستة من الجراء في السنة، بينما في الفترة نفسها تلِد النعجة حملاً واحداً. إذاً في كل سنة، يوجد خمسة مقابل واحد.

إلى هذا، الذئب موهوب بالقوة وله مخالب وأنياب، فيما ليس للشاة أيّ منها. وبالإضافة، أليس الذئب أسرع من الشاة؟ إذاً لا أمل للشاة بالبقاء على قيد الحياة بالهروب من مضطهدها الذي لا يرحم. وعلاوة على ذلك، الخراف هي أشهى شيء لدى الذئب وهو قادر على افتراس قطيع كامل في وجبة واحدة. إذاً، نسأل، لمَ، عبر السنين، لم تُبادُ الخراف جميعاً وتُمحى عن وجه الأرض؟

الإنسان حماهم! أيّ إنسان؟ ألم يُخلق الخراف والذئاب قبل الإنسان؟ يوافق داروين مع الكتاب المقدس في هذا الإطار: ظهر الإنسان على الأرض بعد كل الحيوانات الأخرى، ما يعني بعد الذئاب والحملان معاً.

مَن يفوق الحملان  في الضعف والمسالمة والهشاشة وعدم التسلّح؟ النحلة أصغر حجماً لكنّ لها لسعتها. الجرثومة لا تُرى لكنها تهاجم بالسموم.  قارنوا الذئب بالخروف. الذئب مقاتل جريء قوي رشيق، لديه القدرة على التحمّل وهو مسلّح بشكل جيّد. إذاً، كيف تصرّف الخروف ليبقى على قيد الحياة في جوار الذئاب ومن دون معونة أحد؟ وكيف لنا نحن، في مواجهة هذه الحقيقة البديهية، أن نتقبّل القول بأنّ الأكثر قوة ورشاقة سوف يستمرّ بينما الأضعف والأقل رشاقة سوف يهلك ويختفي في ما يسمّى “الصراع من أجل البقاء”؟

بديهي أننا لا نستطيع. خبرتنا تقول بعكس ذلك. حالة الخراف تقول عكس ذلك. وكل النظريات العلمية يجب أن تُدار وتُصحح بالخبرة.

إذاً، كلّ ما بوسعنا عمله هو الالتزام بإيماننا الحسن القديم، الذي أثبتته الخبرة، بأنّ العناية الإلهية تحكم العالم، تدعم الضعيف وتلجم القوي فيما في الوقت عينه تحفظ هذا التناغم العجيب في الحياة حيث كلّ الذئاب تتغذى جيداً وكلّ الخراف محسوب حسابها. لقد أُعطي لنا الإثبات على هذه العناية الإلهية المحِبّة من ربّنا المخلّص حين قال بأنه ولا عصفور واحد يقع على الأرض من دون علم الآب (متى 29:10).