نبوءة عن عصيان لله في الأزمنة المستقبلة

نبوءة عن عصيان لله  في الأزمنة المستقبلة

 للقديس أناتولي الحديث (1922 م.)

رسالة للشيخ الجديد في الشهداء أناتولي الحديث  من دير أوبتينا

ترجمة رولا الحاج

وسوف تنتشر الهرطقات في كلّ مكان وتُضِّل كثيرين. سيعمل عدوّ الجنس البشريّ بمكرٍ لكي يُشرك المختارون، في الهرطقة إن أمكن.

لن يبدأ برفض قاسٍ لعقائد الثالوث القدوس، وألوهيّة يسوع المسيح، وبتولية والدة الإله، بل سيبدأ بطريقة غير محسوسة بتشويه تعاليم الكنيسة، وقوانينها، وروحيّتها نفسه، وهو ما تسّلمناه من الآباء القدّيسين بالروح القدس  .

قليلون سيَلحَظون حِيَلَ العدوّ هذه، وهم ذوي الخبرة الرفيعة في الحياة الروحية. سيُسيطر الهراطقة على الكنيسة، وينشرون خدّامهم في كلّ مكان. وسيُنظر إلى الأتقياء بازدراء. قال الربّ “من ثمارهم تعرفونهم”: إذًا من ثمار الهراطقة، بالإضافة إلى أعمالهم، اجتهدوا في تمييزهم عن الرعاة الحقيقيّن.

هؤلاء لصوصٌ روحيّون، ينهبون القطيع الروحيّ، وسيدخلون الحظيرة (الكنيسة)، متسلّلين بأي طريقة، ومُستخدمين القوّة، ودائسين على القوانين الإلهيّة. يسمّيهم الربّ لصوصًا (راجع يوحنّا 10: 1). في الحقيقة، ستكون مَهمَّتُهم الأولى إضطهادَ الرعاة الحقيقيّين، وسَجنِهم، ونَفيَهم، لأنّه من غير ذلك يستحيل عليهم سرقة القطيع.

لذلك يا بنيّ، عندما ترى انتهاك التقليد الآبائيّ، والترتيب الإلهيّ في الكنيسة، والنظام الذي أنشأه الربّ، إعلم أنّ الهراطقة قد ظهروا، على الرغم من أنّهم في الوقت الحاضر، قد يسترون  كُفرَهُم، أو يشوّهون الإيمان الإلهيّ بصورة تدريجيّة، بغية أن ينجحوا على نحو أفضل في إغواء عديمي الخبرة وإغرائهم  وإيقاعهم في الشباك.

 لن يكون الإضطهاد موّجهًا ضدّ الرعاة فحسب، بل ضدّ عبيد الله كلّهم. وكلّ أولئك المنصاعين الى الهرطقة لن يتحملّوا التقوى. اعرف هذه الذئاب اللابسة ثياب الحملان من خلال تصرفاتهم المتعجرفة، وحبّهم للسلطة. سيكونون نمّامين، وخونة، وسينثرون بذور العداوة والحقد في كلّ مكان. قال الربّ “من ثمارهم تعرفونهم”. إنّ عبيد الله الحقيقيّين متواضعون، ويُحبّون جيرانهم، ويُطيعون الكنيسة.

سيضطهد الهراطقة الأديار بشكل كبير، وسيتمّ الإزدراء بالحياة الرهبانية. وسيتدّنى عدد الأديار ويتقلّص عدد الرهبان، والّذين سيبقون سيعانون الاضطهاد. سيسعى أولئك المبغضون للحياة الرهبانية، الّذين لا يملكون سوى مظهر التقوى، لإجتذاب الرهبان إلى جانبهم، واعدين إيّاهم بالحماية، وبالخيرات الدنيويّة، ومهدّدين أولئك الّذين يعارضونهم بالطرد.

ستُسبّب هذه التهديدات إحباطًا شديدًا عند الضعفاء. أمّا انت با بُنيّ فافرح لأنّك تعيش حتّى ذاك الوقت. لأنّ المؤمن الّذي لا يُظهر أي فضائل أخرى، سيحصل على أكاليل لمجرد ثباته على الإيمان، وفقًا لكلام الربّ (راجع متى 10: 32).

اتّقِ الربّ يا بُنيّ. إخشَ أن لا تخسر الإكليل المعدّ لك، ارهب المسيح كي لا يرميك في الظلمة الخارجيّة والعذاب الأبديّ. اثبت بشجاعة في الإيمان، وإذا لزم الأمر، تحمّل الإضطهاد والأحزان الأخرى لأنّ الربّ سيكون معك…سينظر إليك الشهداء القدّيسون والمعترفون  ويفرحون لجهادك.

ولكن في تلك الأيام، الويل للرهبان المُكبّلين بالممتلكات والثروات، الّذين بسبب محبة السلام سيخضعون للهراطقة. سيُسكّنون ضمائرهم قائلين “إنّنا نحفظ الأديار ونُنقذها، والرب سيغفر لنا”. هؤلاء الرهبان التعساء والعميان لا يفقهون أنّ الشياطين تدخل الى الدير من خلال الهرطقة، لأنّه إذ ذاك لن يكون الدير بعد مقدّسًا، بل  مجرّد جدرانٍ غادرتها النعمة.

مع ذلك، إنّ الله أقوى من العدوّ، فلن يترك عبيده. سيبقى المسيحيّون الحقيقيّون حتّى انتهاء هذا الدهر، إلاّ أنّهم سيختارون أن يعيشوا في أماكن منعزلة ومهجورة. لا تخشَ الأسى، بل بالأحرى ارهب الهرطقة المُفسدة، لأنها تُجرّدنا من النعمة وتفصلنا عن المسيح. لهذا السبب أوصى الربّ أن نحسب الهرطوقيّ كوثنيّ وعشار.

 وهكذا يا بني، شدّد نفسك بنعمة يسوع المسيح. أسرع إلى الإعتراف بالإيمان. تحمّل المعاناة كجنديّ صالح ليسوع المسيح (راجع 2 تيموثاوس 2: 13) الّذي قال كن أمينًا حتّى الموت، وسأعطيك إكليل الحياة (رؤيا 2: 10).

الّذي له الكرامة والمجد والسلطان مع الآب والروح القدس إلى دهر الداهرين. آمين.