الصوم الكبير يتمثّل بصوم المسيح

الصوم الكبير يتمثّل بصوم المسيح

سيرجي بولغاكوف

نقلتها إلى العربية أمل قرّة

إن التقليد بهدف التعليم لصوم المسيح خلال الفترة السابقة للأيام التي نذكر فيها آلام المسيح وموته وقيامته المجيدة، يعطي للصوم الأربعيني المقدس معنى خاص وقيمة بالنسبة لنا. إن آلام المخلص وقيامته تهبنا كلنا الرجاء أيضاً بقيامتنا إلى الحياة الأبدية. لكن لنحقق هذا الرجاء بتلقي حياة أبدية مباركة، نحتاج لأن نقلّد المسيح بالطهارة وقداسة الحياة، نحم بحاجة لأن نسلك بنفس سبيل الحياة، كما فعل المخلص أيضاً: سبيل التخلي عن النفس ونكران الذات، وإلى جانب ذلك سبيل الجهاد ضد شهوات طبيعتنا وميلها إلى الخطيئة.

يعتبر الصوم الأربعيني المقدس بمثابة المثال الأكثر ملائمة لاتباع هذه الطريقة. “إن نحن عايناها بإمعان، تدلّ الأيام الأربعين على حياتنا الحاضرة، كما كانت أيام الفصح أيضاً دلالة على حياة النعيم الأبديبحسب المغبوط أوغسطينوس. في الصوم الأربعيني لدينا التوبة، وفي الفصح لدينا الفرح. وفي الحياة الحاضرة علينا أن نكون تائبين حتى نصل في الحياة الثانية للفرح السرمدي. لذلك، كل شخص خلال حياته الأرضية عليه أن يتحسّر على خطاياه، يذرف دموعه، ويقوم بأعمال الشكر. ولكن إن كانت عقبات العالم غالباً تشوّشنا في هذا، عندها، وبِطاقة أكبر، علينا أن نملأ قلوبنا من عذوبة ناموس الرب خلال الأربعين يوماً المقدّسة.

خلال موسم الحصاد يُجمَع الطعام للجسد، لذلك خلال موسم الحصاد الروحي علينا أن نجمع غذاءً للروح، غذاءً يُؤكل للحياة الأبدية. إن كنا مهملين ولم نُعِدَّ شيئاً في موسمه فالعام كله سيقاسي المجاعة. بالتالي إن من يهمل الصوم، وقراءة الكتب المقدسة، والصلاة خلال هذه الفترة يفشل في جمع القمح الروحي والغذاء السماوي للروح. وسيجني العطش الأبدي والضيقات الثقيلة. حتى الكنيسة المقدسة تعبّر عن فكرة مشابهة عندما تصلي لله من أجلنا ليرشدنا في هذه الأيام الأكثر تكريماًمن الأربعين يوماً المقدسة، لشفاء النفوس والأجساد، للترفع عن الأهواء، ولرجاء القيامة، وليعطينا القوة من خلال الجهاد النسكي للسعي إلى الخير وإكمال شوط الصيام، ولحفظ الإيمان غير المنثلم، ونحطّم رؤوس التنانين غير المنظورة، ونظهر غالبين الخطيئة“. وبهذه الطريقة فالأيام الأربعين المقدسة تبعاً لمفهومها ومعناها بالنسبة لنا، تُعتبر نموذجا لحياتنا كما يجب أن تكون. وبشكل أوضح: الحياة ليست للجسد ولا لهذا العالم، وإنما للسماء والأبدية.