المجد لله لا لنا

المجد لله لا لنا


ماريَّــــا قبارة، ومارييل تونجال

بهجة خلاصي أن أرى كاهناً لا ينهزم تحت الضغوط. فاليوم، الحاجة أن تكون الجماعة المسيحيّة، أبرشية كانت، رعيةً أو فرقة، ورشةَ عملٍ تهيئ فيها الشباب للارتقاء إلى الحياة، لا كما تبدو تافهة وسطحية، تعاني من مرض القرار المتفرد والمزاجية.

اليوم هل من منبر للقلم؟! هل ما زالت الكتابة مطلوبة؟!. يساورني شك في نفع الأسطر والصفحات أمام ما يظهر من واقع ومواقف جارية تعكس عري المسيح على الصليب من جراء المقامرة البشرية على طاولة الإحتضار الإلهي.

لقد صمتَ المسيح أمام غياب القانونيّة في محكمة قيافا، وأمام صِغر النفس الذي أبداه الحاكم بيلاطس حين تنصَّل من عار الظلم بغسل يديه بالماء. من يومها والحوار أزمة في الكنيسة يحتاج الخروج منها وحلّها إلى مجامع؛ أيّ إلى حوار!.

فما بالنا اليوم – رغم أنّ مناخ العصر لا يغيب عنه ريح الطاعة والإذعان- نتراجع حتى عن العهد العثماني حين كان يقود الكنيسة فريق مؤلف من الإكليركي والعلماني متمثلاً بالمجالس المليّة والرعوية. فالآن نرتع في مناخ إرشادي فاسد تعصف فيه روح التسّلط في ظلمةٍ عن الوجه، نسير كمرشدين في طريق تقود إلى الأنا لا إلى (الهو) الله. وبالتالي تتفكك خلايا الجسد الواحد لتذوق الموت في وهن القداسة. لن يفلت أمر من ربقة القبر. لا خلاص إذا لم نُصغِ بخوفٍ في عيون خَفِرَة ترقبُ فجراً يُعلن مجد الله. وفي هذا فقط تكمن فلسفة الحوار وفي المسيح صبوتها.

ليكون الآخر موجوداً يجب أن أنقص أنا، أن أرتضي اختلافه، أن أحترم منهجيته، أن أظهر حريتي بمصداقيتي مع نفسي ومعه. لا أحد وصي على الله، لا أنا ولا غيري. نحن أوصياء على بعضنا من قبل الله بالمحبة والحقّ، نمارس تلك الوصاية بالقبول الكياني للآخر نظهر مجد الله، وحضوره في كنيسته.

الضلال، كلّ الضلال في أن نؤمن بذواتنا أننّا المعلمون والقائدون في ذهولنا عن ترابيتنا، في جلال تعليمنا وسِقم عملنا، في تضمير الإصغاء وتعطيل الآذان، في رفع سوط الغيرة الإلهية وضرب الصورة التي هي أخي في قمعه، في إسكاته، في إعلان الأحكام ضدّ صوته ورأيه.

الحقيقة في الكنيسة هي المسيح، والطريق إليها هو المسيح المصلوب. معيارها موت الأنا وإخلاء المشيئة لا الكثرة العددية بل قداسة السيرة بحسب التعليم الموضوع أمامنا. والطاعة في الكنيسة منبرها تناغم الحريّات، أمّا الانقسام والانفصال هو مشورة الشرير وقد يقودنا إليها شهوة التسّلط وغياب الاعتبار.

إذاً الأزمة في الكنيسة الارثوذكسية واقع لا يلغيه سياسة النعامة التي تدفن رأسها في رمال تاريخ مجيد هاربة من مذبحة الشهادة. الصمت عن الإثم يقتل الإله.

فبأمر وسلطة المحبة تكلموا يا إخوتي على رجاء قيامة الكلمة فينا، تحرروا حتى تستطيع أرجلكم أن تسابق في طريق الحقّ الذي هو خلاصنا، حتى نسمع ترنيمة السّماء تعلن مجد الله وسلام العالم ومسّرة الناس، لأنّ الإله أخذَ جسداً (الذي هو نحن) وحلَّ بيننا.

Leave a comment