بول فوتيو

بول فوتيو

الرّابِّي الذي تحوَّل إلى الأرثوذكسية

نقلها إلى العربية الأب أثناسيوس بركات

مَن بين العديدين الذين تحوَّلوا إلى الأرثوذكسية، الرابِّي اليهودي بول فوتيو،وهو من الجماعة  اليهودية في مدينة آرتا  في اليونان،وقد تحوّل من الدين اليهودي ونال سر العماد مع عائلته.

إليكم ما كتبه الأرشمندريت نكتاريوس زيومبولاس حول بول فوتيو:

“عرفتُ بول فوتيو في الأماكن والأوساط الكنسيَّة في أثينا حيث كان يَعِظُ، ودائماً ما كنتُ أسمعه يتحدّثُ عن تَحَوُّلِه من الدين اليهودي إلى الإيمان الأرثوذكسي. عندما كان يتكلم، كنا نُصغي إليه برهبة وعاطفية ونطرح عليه أسئلة ذات طابع عامّ. كان ملتزماً بشدّة بحياةَ الكنيسة الأسرارية. كان مُحيّاه وشخصيّتُه ينضحان وقاراً، ورائحتُه كالبخور. سوف أَذكرُ حادثة محدَّدة شهدتها في معرفتي ِلِبول فوتيو. بحسب ما أَذكر، فقد جرت في أثينا بين سنتَي 1960 و1962.

كان ذلك مساء الخميس العظيم، وكنا في كنيسةٍ في أثينا لحضور خدمة الآلام المقدسة. كنتُ، حينها، علمانيّاً، وصادف أنني وُجِدتُ ناحية بول فوتيو، قرب الأيقونسطاس أمام أيقونتي المسيح والسابق (يوحنا المعمدان). حين كان الكاهن الرخيم الصوت يقرأ المقطع الإنجيلي: “فلما رأى بيلاطسُ أنه لا ينتفعُ شيئاً بل بالحَري يزدادُ البَلبال، أخذ ماءً وغسلَ يَديه قدام الجمع قائلاً إني بريء من دم هذا البار، أبصِروا أنتم. فأجاب جميعُ الشعبِ وقالوا دمُه علينا وعلى أولادنا” (متى27: 24- 25)، سقط بول فوتيو بقوة على الأرض مغميّاً عليه. وفيما كان الكاهن يتابع القراءة، نقلناه إلى الهيكل. سرعان ما رآه أحد أطباء الرعية وقام بما يَلزَم، وبعد أن تعافى لم يَرضَ أن يترك قبل أن تنتهي الخدمة. من الطبيعي أن الحاضرين من أبناء الرعية عرفوا بما حدث، وظنّوا أنه أُغمي عليه بسبب الوقوف. القليلون عرفوا أن ذلك حدث في اللحظة التي سمع فيها المقطعَ الرهيبَ من الإنجيل. بعبارة أخرى، تلك الكلمات كانت تنطق فيه، وقد مَسَّتْه بالصَّميم، إذ قد عاش، بعد ألفي سنة، ذاك الإعترافَ الأخرق من مواطنيه اليهود… لقد تحوَّلَ قلبُه من شخص في ضياع إلى المَسيّا يسوع الحقيقي؛ لقد فُطِر قلبه وأيقن حقيقة الجريمة الفظيعة التاريخية التي حدثت على الجلجلة…”.

ما يلي مقتطف من كرّاس كتبه بول فوتيو باليونانية، عن تَحَوُّلِه، عنوانُه “تَحَوُّلي إلى المسيح”:

تَحَوُّلي إلى المسيح

بقلم بول فوتيو

ربما قرأتم، في الصُّحُف، عن الحَدَث الكبير الذي جرى منذ عقد مضى، بنعمة الله، لي ولعائلتي. ولكن، ربما لم تَعلَموا بذلك. إنه حول عودتي إلى المسيح ومعموديتي وعائلتي كلِّها، في عيد العنصرة في مطرانية آرتا المقدسة. بالنسبة لي ولعائلتي، كان ذلك مَعْلَماً مُهمّاً في حياتنا، لذا فإننا دائماً ما نشكر الله بربنا يسوع المسيح، ابنِه الوحيد، على النعمة والكرامة اللتين من لَدُنِه، لكي يَدعونا إلى طريقه لخلاص نفوسنا. فالشُّكرُ له عظيم كما هو واجبنا نحو الآخرين… أولاً لإخوتنا الإسرائيليين الذين، بسبب سوء تفسيرهم للكتاب المقدس، يرفضون ويكرهون، بشكل عنيف، المسيحَ الذي قد أتى. هو الذي سلَّمه آباؤنا إلى الموت المُخزي، إلا أن أباه أقامه في اليوم الثالث بحسب الإنجيل. طبعاً من أجلهم قد كَتَبْتُ هذا الكرّاس، بشكل خاص، لكي أجعل الأمر أُسَهِّلَ عليهم، بمعونة الكتب المقدسة، فيرغبون ويعودون ليَقبَلوا المسيحَ مخلِّصاً لهم، الذي سيأتي لا يُخلِّصَ بل ليُحاكم الأحياءَ والأموات.

ظهورات السيّد قُبَيلَ استنارتي

الظُّهورُ الأول للسيّد

كان ذلك في فترة التريودي، في الأسبوع الثاني أي أسبوع الابن الشاطر، وهو الزمن الذي يدعونا فيه الربُّ للتوبة والصوم من أجل الإحتفال بالآلام والصلب الرهيبين. حينها، رأيت في نومي ما يلي: رأيت أنني كنتُ أقيمُ صلاةَ غروب السّبت وكنت أَدرُسُ التوراة في إحدى المخطوطات، في مقطع الخروج من مصر، فشاهدتُ هناك ثلاث كلمات باليونانية مكتوبة بحبر ذهبي جاء فيها: “الإيمان يُحرِّرُ الأمّة”

عندما قلبتُ الصفحةَ الثانية، وجدت نفسي في بيت كبير، يقف على مدخله جنديَّان.

في تلك اللحظة، ظهر ربُّنا يسوع المسيح. قرع الرب على الباب فنزلت مسرعاً وفتحتُه. في دخوله، أخرج المسيحُ، من جيبه، صورةً فيها 360 شخصاً وأعطاني إياها. بما أني لم أستطع فهم ما تعنيه تلك الصورة، قال لي: ” الكثير منكم غادروا كرهائن وكثيرون منكم عادوا من آرتا Arta. إنه وقت التوبة عن خطايا آبائكم، التي هي صلْبي”. حينها، أراني الثقوبَ في يديه. وبعد أن قدّم  تفسيراً مستنيراً ما تعنيه للإصحاحات الـ 26 من سِفْرِ الّلاويين، تَوارى…

الظّهور الثاني للسيد

بعد شهرين، وبما أنني استمرّيت بدراسة مختلف الكتب من الكنيسة الأرثوذكسية وكنت أَحضُرُ القداس الإلهي، وصلنا إلى الأربعاء العظيم. ليلة الأربعاء العظيم نمت وأنا في غاية الاضطراب بسبب ما سمعتُه في الكنيسة. وللمرة الثانية، شاهدت المسيح كما يلي:

شاهدت أنني كنت بصحبة عائلتي التي سبقت تصفيتها في ألمانيا، وكنا نأكل سويّة في مدخل منزلي. وفي لحظة، قُرِعَ البابُ ودخل ساعي بريد آرتا وسلَّمني رسالة. فتحتُ الرسالة فوجدتُ داخلها الصورةَ التي أعطاني إياها السيدُ وتخلياً عن رتبة الرابي للجماعة اليهودية. أيضاً، كنت منتشياً بصورة الـ 360 شخصاً. ثم سُمِعُ صوت غريبٌ في البيت، وقال لي: “الكثيرون منكم تركوا، والكثيرون عادوا. إنه الأوان لكي لا تسمعوا لأيٍّ كان. هلمَّ وتعال معي بصحبة عائلتك، إن خطيئة آبائكَ تعذِّبُك. تُب وتعال معي فتُخلُصَ نفسُك”.

منذ تلك اللحظة، تاجَّجت شعلةُ إيماني، وأعلنتُ ما حدث لعائلتي حاثّاً إياهم لكي نذهب جميعاً، بأسرع ما يمكن، إلى الميتروبوليت سيرافيم ليقوم بتعليمنا الإيمان المسيحي ثم تعميدنا. في اليوم التالي علمتُ من أحد أصدقائي الإسرائيليين، إخوتي سابقاً، قد ابتكروا خطّةً لطردي من المجمع اليهودي فيما لو ذهبت إلى المجمع يوم السبت، كما فعل الكتبةُ والفريسيون أيام الرب يسوع. لذا، تجنبت الأمرَ. وفي اليوم الثالث من الفصح، ذهبنا إلى الميتروبوليت بهدف تعليم العائلة الإيمان المسيحي، وقد وعدْنا سيادَتَه بأننا سوف نُبلِّغُه عن موعد المعمودية قبل عشرة أيام من حصولها موعدها.

الظُّهور الثالث للسيد

انقضى أربعون يوماً بين الفصح وعشية عيد الصعود، حيث في ذلك الوقت يحتفل اليهود بعيد العنصرة، وكانت العادةُ عندنا أن نُمضيَ الليلة في أكثر من عشرين بيتاً، لدراسة تقليد الشريعة الموسوية في سيناء. في تلك الليلة، كنت وعائلتي ندرس كتاباً حول حوار بين غريغوريوس رئيس الأساقفة ورابّي يدعى إروان Erwan الذي كان قد دُعي من قِبَل ملك إثيوبيا للنقاش حول المسيح. طلب الرابّي أن يُمهَلَ أربعين يوماً لكي يدرس الكتابَ المقدس قبل المناقشة. بعد انتهاء المدة، عرض وناقش، لثلاثة أيام بلياليها، مع سبعين معلِّماً. في النهاية، قال الإسرائيليون بأنهم سوف يؤْمِنون شرط أن يَظهَرَ لهم السيد، الأمرُ الذي حصل. لكن، وبسبب ضعف إيمان اليهود، حالما ظهر السيد لهم “وكانت الأبوابُ مُغلَقة” (فقد حضر على سحابة في وسط الغرفة)، صلّى الأسقف فصاروا عُمياناً. فيما كانوا عمياناً حثَّهم الأسقفُ على الإعتماد. بعد المعمودية، فُتحت أعينُ أذهانهم فآمنوا بيسوع مخلص البشر، وكذلك مَلكُهم وحاشيتُه، ما مجموعُه 1500 شخصاً من المدينة. كان الوقت قد صار منتصف الليل فيما كنت أدرس ذلك، فسمعت ثلاث طرقات على سطح بيتي، أغلقت الكتاب خوفاً وذهبت للاستلقاء. بعدها، سمعتُ بابَ غرفتي يُقرَعُ، ودخل الربُّ يسوع المسيح يحمل بيده قطعة قطن مغمّسة بالزيت، فمسحني بها على شكل صليب على وجهي وقال لي: “يا بول، يا بول، ابتداءً من غد، سوف تكون لي. مهما حصل لا تَتزعزع، فسوف أكون فيك”. نهضتُ بسرعة وأخبرتُ زوجتي وكلَّ عائلتي بما حدث لكي لا يتزعزعوا من خوف أو إغراء ماليّ مهما كان مقداره. وهو ما حدث، للأسف، في اليوم التالي.

محاولة الرّشوة

في اليوم التالي، وهو أول يوم من عيد العنصرة اليهودي، تواجَدَ المجلسُ اليهودي بأكمله في منزلي، حوالى الساعة الحادية عشر قبل الظهر، وحاولوا التأثير عليَّ بعرضهم مبالغ كبيرة من المال. وهذا ما فعله، أيضاً، أقربائي الذين وصلوا من جزيرة ” كورفو”. لكن، وبسبب تحذير الرب المسبَق، بقيتُ وعائلتي ثابتين في الإيمان المستقيم المستقبلي ومعموديتي باسم الإله المثلّث الأقانيم، الآب والابن والروح القدس.

الثامن من حزيران سنة 1952

في اليوم التالي، أبلغتُ سيرافيم ميتروبوليت آرتا بما حصل طالباً أن يعمّدنا. فكان يومُ الأحد الواقع فيه 8 حزيران 1952- وهو يوم عيد العنصرة في الكنيسة الأرثوذكسية- الساعة 12:00 ظهراً، تاريخ معموديتي مع أفراد عائلتي الثلاثة، وذلك أمام الكاهن وسلطات المدينة والعديد من الناس قُدِّرَ عددُهم بأكثر من ثلاثة آلاف.

رسالة بول فوتيو، الرابّي السابق لآرتا، إلى الرابّي والمسئولين الإسرائيليين.

“والباقون منكم يَفنون بذنوبهم في أراضي أعدائكم. وأيضاً بذنوب آبائهم معهم يَفنون. لكن إن أقرّوا بذنوبهم وذنوب آبائهم في خيانتهم التي خانوني بها وسلوكهم معي الذي سلكوه بالخلاف…” (لاويين 26: 39- 40).

أحبّائي اليهود، ها معجزة الفتْك بنا يومياً من الألمان الذين، وللأسف، أمسكوا بنا وأبادونا بسبب خطايا آبائنا الذين حَرَّفوا تفسيرَ الكتاب المقدس وصلبوا المسيّا يسوع، وقد أُلقيَتْ خطيئةُ الصلب علينا، عندما قال الفريسيون الجشعون لبيلاطس: “دمُه علينا وعلى أولادنا” (متى 27: 25)، وقد وافق باقي الرعاع على ذلك قائلين “آمين”، فتم أُبعادُه…

وأخيراً، يا أحبائي، رأينا في اللغة العبرية كلمةً مكتوبة أعظم من أي كلمة أخرى، التي نقولها صارخين بقوة ونغمة ملحنَتين: “تذكّروا شريعةَ موسى التي قيلت في حوريب” ألخ… من الضروري دراسة كل التفاصيل في هذا الإصحاح، إضافة إلى الإصحاح 26 من اللاويين اللذين كُتِبَ فيهما عن كلُّ الكوارث اللتي ستحل باليهود بسبب عصيانهم شريعةَ الله، إلى النقطة التي ذُكرَ فيها بأننا الشعب المسئول…

أحبائي، لا أتكلم انطلاقاً من منفعة مادّيّة، لكنني أتكلم بنعمة الروح القدس التي تلقَّيتُها بربنا يسوع المسيح يوم معموديتي. أتكلم معكم، من أجلي ومن أجل كل البشر، أتوجّه إليكم بالتوبة لي ولكل البشر إلى الرب يسوع المسيح، الذي هو المسيح ومخلص كلِّ الخطأة التائبين، وأرجو أن نكون جميعاً رعيَّةً لراعٍ واحد وهو المسيح. آمين

مع محبتي في المسيح

بول فوتيو

Leave a comment