سقطة آدم بحسب الأب يوحنا رومانيدس

سقطة آدم بحسب الأب يوحنا رومانيدس

إعداد الأب أنطوان ملكي

يعلّم الآباء أنّ بالسقوط صار نوس الإنسان مظلماً. أظلم نوس آدم. لا ينشغل الاباء بآدم بحد ذاته بل بنوس آدم والمرض الذي لحق بسبب إظلام نوسه. يتحدّث الاباء عن نوس خالٍ من الفهم. في كل الأدب الآبائي، يتركّز موضوع السقوط بمجمله حول هذا الإظلام للنوس البشري.

ولكن كيف نعرف أن الإنسان سقط؟ أمِنَ الوصف التاريخي للسقوط في الكتاب المقدس وحَسْب؟ ةما معنى “سقوط الإنسان” بالحقيقة؟ ماذا يعني “الفردوس”؟ ما كان الفردوس؟ هناك تقليدان آبائيان حول هذا الموضوع، يلخّصهما القديس يوحنا الدمشقي الذي يبيّن الرأيين الآبائيين من دون أن يتّخذ موقفاً في هذه المسألة.

يقول أحد التقليدين أن نوس آدم في الفردوس كان مستنيراً. يقول التقليد الآخر أن نوس آدم كان في حالة تؤهّله لإدراك الله بشكل مستمر وهذا كان معنى الفردوس عند آدم، أي رؤية مجد الله. يؤكّد التقليدان الإسكندري والكبادوكي (مع القديس باسيليوس الكبير) أنّ قبل السقوط، أدرك آدم الله بنوسه، بينما التقليد الأنطاكي (مع القديس يوحنا الذهبي الفم) يشير إلى أن نوس آدم كان مستنيراً وحسب.

لا يتبنّى القديس يوحنا الدمشقي أيّ موقف في ما إذا كان نوس آدم، قبل السقوط، مستنيراً فقط، أو ما إذا كان في حالة تؤهّله بشكل مستمر لأن يدرك الله، اي في حالة مستمرة من التألّه. لمَ لا يتبنّى هذا الأب أي رأي؟ لأن اهتمامه هو في أن يقدّم تفسيرين لحالة النوس الأصلية وكيف صار مظلِماً. ولكن كيف نعرف أن نوس آدم صار مظلماً؟ ببساطة كبيرة، لأننا نعرف أننا أنفسنا نملك نوساً مظلماً. وهذا النوس المظلم يحتاج للشفاء، والعلاج هو على مرحلتين: الاستنارة والتألّه، حيث التألّه هو الشفاء الكامل.

لكن ماذا يعني القول بأنّ النوس صار مظلماً؟ يعني أن حركة النوس في القلب البشري لا تعمل بشكل صحيح. تبدأ الطاقة النوسية بالعمل كما ينبغي فقط عندما يعبر الإنسان التطهّر ويبلغ الاستنارة. بعد السقوط، صار النوس في حالة مظلمة. لماذا؟ لأنه ممتلئ بالأفكار التي تُظلِمه. ومتى يصير النوس مظلماً بالأفكار؟ عندما تنزل أفكار عقلنا إلى القلب وتصير أفكار النوس، اي عندما يصير موقع أفكارنا مشوشاً بين العقل المفكّر والنوس. الأفكار موجودة في نوسنا فيما لا ينبغي أن تكون هناك إذ إنها لا تنتمي إليه بل إلى قدرتنا المفكّرة. ينبغي إفراغ النوس بشكل كامل من الأفكار حتّى يبقى طاهراً وبالتالي قابلاً لأن يأتي الروح القدس ويسكن فيه ويبقى هناك.

Leave a comment