العبودية الحقيقية والحرية في المسيح

العبودية الحقيقية والحرية في المسيح

القديس نيكولا فيليميروفيتش


“لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ، فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ. كَذلِكَ أَيْضًا الْحُرُّ الْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ.” (1كورنثوس 22:7)

إن الخبر العظيم الذي تعلنه  المسيحية يومياً للعالم هو أن ما من شيء يأخذ قيمته بالكامل بحسب شكله الخارجي بل بحسب جوهره. لا تقيّموا الأشياء بحسب لونها وشكلها بل بحسب معناها. لا تقيّموا إنساناً بحسب موضعه وملكيته بل بحسب قلبه، حيث يتّحد إحساسه وعقله وإرادته.

فبحسب هذا التعليم الجديد دائماً بالنسبة للعالم، العبد ليس من هو مستعبَد خارجياً، ولا هو حرٌّ مَن يملك حرية مادية خارجية. بحسب المفهوم الدنيوي، العبد هو مَن لا يتمتّع بالدنيا إلا بالحد الأدنى والحرّ هو مَن يكثِر من التمتّع فيها. بحسب المفهوم المسيحي، العبد هو مَن لا يتمتع بالحياة مع المسيح الحلو إلا بالحدّ الأدنى، والحرّ هو مَن يكثِر من هذه المتعة.

إلى هذا، بحسب المفهوم الدنيوي، العبد هو مَن لا يطبّق إرادته إلا قليلاً فيما غالباً يطبّق إرادة الآخرين، والحرّ هو مَن يطبّق إرادته في أغلب الأحيان ودون ذلك بكثير إرادة الآخرين. مع ذلك، بحسب المفهوم المسيحي، العبد هو مَن يمارس رغباته أكثر من رغبات الآخرين، والحرّ هو مَن ينفّذ إرادة الله إجمالاً وإرادته الذاتية في ما نَدَر.

حرية الإنسان القيّمة والحقيقية هي أن يكون عبداً للربّ، أمّا أن يكون عبداً للعالم ولذّاته وللخطيئة والرذيلة فهي العبودية القاتلة. قد يفكّر الإنسان في الملوك أصحاب العروش: أهناك على الأرضِ مَن هو أكثر حرية من هؤلاء؟ مع هذا، كثيرون من الملوك كانوا العبيد الأكثر انحطاطاً والأكثر تفاهة على الأرض. قد يفكّر الإنسان في المسيحيين المكبّلين في الملاجئ: أهناك عبيد أكثر بؤساً من هؤلاء على الأرض؟ مع هذا، الشهداء المسيحيون في السجون أحسّوا بأنّهم رجال أحرار ممتلؤون بالسرور الروحي، فرتّلوا المزامير ورفعوا صلوات الشكر لله.

الحرية المربوطة بالأسى والحزن ليست حرية بل عبودية. وحدها الحرية في المسيح مربوطة بفرح لا يُوصَف. الفرح الذي يدوم هو علامة الحرية الحقيقية.

أيها الرب يسوع، الإله الطيّب الوحيد، يا مَن تمنحنا الحرية عندما تربطنا بشدة إليك، اجعلنا عبيدك في أسرع ما يمكن حتى لا نعود مستعبّدين للسادة القساة البطّاشين. لك المجد والشكر دائماً. آمين

Leave a comment