حول إنجيل أحد الغفران

حول إنجيل أحد الغفران

الأب أنطوان ملكي

 

إنجيل اليوم هو جزء من العظة على الجبل، الجزء الذي يلي مباشرة الصلاة الربية (أبانا الذي في السماوات) التي هي أيضاً جزء من العظة على الجبل. بمعنى ما، هذا المقطع الإنجيلي هو تفسير للصلاة الربية.

في هذه القراءة الإنجيلية يربط الرب الغفران بالصوم وأسلوب الحياة. قد يتساءل البعض ما علاقة الغفران بصومنا وأسلوب حياتنا؟ فكثيرون منّا يقاربون الصوم من وجهة نظر قانونية: أي ماذا يجوز أكله ومالا يجوز. ويقضي البعض منّا ساعات لا نهاية لها في قراءة الملصَقات وتحليل وجبات الطعام التي تُقَدَّم لنا لمعرفة مدى مطابقتها لمعايير الصوم. فيما الانضباط بالأكل جدير بالثناء، الأجدى هو قضاء كل هذا الوقت في الصلاة ومسامحة الآخرين والسعي لاكتساب الغفران على أخطائنا والامتناع عن الطمع بما ليس لنا.

الصوم أو الامتناع عن المآكل ليس مجرّد نظام للجسد، بل هو أيضاً نظام للفكر. إذ ندخل الصوم مع كلا النظامين نجمع لأنفسنا الكنوز السماوية الحقيقية. هذه الكنوز هي العلاقات الحسنة مع إخوتنا البشر عن طريق أعمال الرحمة من صومنا الجسدي والعيش بانسجام مع الناس من خلال صومنا الفكري.

يشير القديس يوحنا الذهبي الفم إلى أسلوب الحياة هذا بأنه “سُبُل التوبة الخمس”، وهذه السبل هي: إدانة خطايانا الذاتية، غفران خطايا الآخرين، الصلاة، عمل الرحمة والتواضع.

واضح في إنجيل اليوم قول الرب: “إِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ”. هذا القول بالواقع هو وعد وتهديد في آن واحد. لكن الوعد أكثر قوة بكثير من التهديد. إذا أضمرنا الحقد لن نخلص، حتى ولو كان حقدنا على أشخاص آذونا كثيراً في هذه الحياة.

إذاً، غاية صومنا هي حملنا إلى التوبة، وتغيير ذهننا، وتبديل أساليب حياتنا. حتى يمكننا أن نشابه الله أكثر في تعاملنا مع الآخرين، أي إذا صرنا متحابّين اكثر فيما بيننا، كما الله يحبنا.

في الختام، إنجيل اليوم يذكّرنا بأن هذا النمط من الحياة هو اختيار علينا إتمامه. يمكننا أن نختار السلوك في عيشة أرضية فنكدّس الثروات في هذه الحياة أو يمكننا أن نجمع الكنوز في السماوات حيث الدود والصدأ لايفسِدان، إذ كما يقول الإنجيل: “حيث تكون كنوزكم تكون قلوبكم”.

 

* عن نشرة الكرمة

Leave a comment