الأب جاورجيوس برفقــة القدّيسين

الأب جاورجيوس برفقــة   القدّيسين

دير راهبات القدّيس يعقوب الفارسيّ المقطّع

 

يعيش الكاهن جاورجيوس حالات فائقة الطبيعة نتيجة لسيرته الفاضلة، فقد كان يقول لأبنائه الروحيّين: “شدّدوا إيمانكم، وحاولوا أن تركّزوا أفكاركم في الأمور التي تجري أثناء سرّ الشكر الإلهيّ، حتّى تستحقّوا رؤية عظمة الله والروح القدس منحدرًا على المائدة المقدّسة”.

عندما كان يزمع أن يقيم الذبيحة الإلهيّة، كان ينهض في منتصف الليل لكي يصلّي، ويستعدّ للسرّ الأعظم. اعتاد أن يبجّل الأمور المقدّسة، مداومًا على الوقوف أمام المائدة المقدّسة كشمعة منيرة، فهو لا يعرف التعب، ولا يحبّ أن يستعجل في الخدمة الإلهيّة، مردّدًا، على الدوام، “إنّها ليست فرض أو واجب أو وظيفة. الخدمة الكنسيّة هي وقفة في حضور الله”.

درج الأب جاورجيوس على ذكر أسماء كثيرة في التقدمة المقدّسة، أحياء أو أمواتًا، كما كان يخبر أقرباءهم بمشاكلهم وبالطريقة التي رقدوا بها، كي يقيموا لهم الذكرانيّات والقداديس، ويقدّمون إحسانات وصدقات من أجل راحة نفوسهم.

في إحدى السهرانيّات في كنيسة القدّيس مينا في تسالونيك، شاهده أبناؤه الروحيّون، على الرغم من أنّه كان غائبًا، يشارك في الخدمة مع الكاهن. تعجّب المؤمنون لحضوره السرّيّ الذي أراد من خلاله أن يقوّيهم في تعب السهرانيّة.

كان الأب جاورجويوس يتواصل مع العالم الروحيّ غير المنظور، لذا، وصلت علاقته بالقدّيسين إلى أقوى أشكالها لا سيّما أثناء القدّاس الإلهيّ. لم تكن خدمته تخلو، يومًا، من مشاركة القدّيسين، فتراه يقول ببساطة: “قلّما أخدم وحدي، فاليوم كان لدينا القدّيس فلان زائرًا في الخدمة ومشاركًا لنا”.

في إحدى المرّات، سمع جميع المشاركين في القدّاس الإلهيّ ضجيجًا قويًّا في الهيكل المقدّس، وشاهدوا وجه الأب نيّرًا مشرقًا، ولمّا استفسروا منه قال: “لقد كان لدينا اليوم زوّار سماويّون هم القدّيسون مينا وجاورجيوس ونيقولاوس”.

وفي نهاية قدّاس آخر، قال وهو متأثّر: “كان لدينا اليوم ضيفان مبجَّلان هما القدّيسان نيقولاوس ويوحنّا السابق الكريم. آه، إنّ صابغ المسيح ضيف صارم مهيب”. كانت يد الأب جاورجيوس ترتعش في كلّ مرّة يبخّر فيها أيقونة السابق المجيد.

في اليوم السابق للحرب الإيطاليّة – اليونانيّة أخذ الشيخ يبكي باستمرار، ما دفع البعض ليسألوه: “ماذا أصابك أيّها الأب، ولماذا تبكي؟”. فأجابهم: “لقد أصبحت يتيمًا، إذ ذهب كلّ من الفائقة القداسة والقدّيس جاورجيوس إلى الجبهة”.

لاحظ بعض المسيحيّين الأتقياء أنّ الشيخ لا يمشي على الأرض أثناء سرّ الشكر الإلهيّ. فعند قراءة الإنجيل خلال أحد القداديس الليليّة، شاهده المؤمنون مرتفعًا عن الأرض. وفي قدّاس آخر أثناء الدخول الكبير (الشاروبيكون) رأوه يسير في الهواء، ويقف وسط الكنيسة على ارتفاع شبر من الأرض، ثمّ لدى دخوله الهيكل المقدّس عاد فوضع قدميه أرضًا.

وفي إحدى المرّات كان أحد الزوّار شاهدَ عيان لأحداث مشابهة، فذهب وروى ذلك لمؤمنين آخرين. عرف الأب بما فعله، فاستدعاه، ولطمه لطمة صغيرة وهو يقول بلهجة قاسية: “لا تخبر أحدًا بما ترى”. وذات يوم، وبعد انتهاء القدّاس قالت له إحدى  النساء: “أيّها الأب، لقد رأيتك تضيء بقوّة”. فأجابها بتواضع: “وهل أنا مستحقّ لأن أضيء؟! إنّ المسيح هو النور الحقيقيّ الذي ينير كلّ إنسان، فربّما سقط عليّ بعض من نوره الخاصّ”.

Leave a comment