صلاة التوبة للقديس أفرام السرياني

صلاة التوبة للقديس أفرام السرياني

تحتل هذه الصلاة مركزاً مهماً في الخدم الصيامية لأنها تعدد جميع مقومات التوبة وتساعدنا على فحص توجهنا وهدفنا من الصوم. فهذا الهدف يجب أن يكون التحرر من بعض الأمراض الروحية الأساسية وبالمقابل طلب الفضائل.

أول هذه الأمراض هو البطالة وهي ذلك الكسل الغريب الذي يقنعنا دائماً بأن التغيير غير ممكن وبالتالي يخلق لدينا حساً بأن الجهد الذي نقوم به ضائع وبهذا يسمم طاقتنا الروحية. ينتج عن البطالة الفضول وهو حالة اليأس عندما يستحيل على الإنسان أن يرى جيداً بإيجابية وهذا ما يرى فيه الآباء أعظم خطر على الروح. أما حب الرئاسة فهو ناتج عن البطالة واليأس اللذين إذ يفسدان موقفنا من الحياة يدفعاننا إلى طلب تعويض عن الفراغ في حياتنا وذلك من خلال موقف خاطئ من الآخرين. هذا الموقف قد يكون سعياً إلى السيطرة عليهم أو لامبالاة نحوهم. ثم يأتي الكلام البطال. فالنطق يميّز الإنسان عن كل المخلوقات الأخرى ولهذا يرى الآباء في النطق ختماً للصورة الإلهية ولهذا قد تتحوّل هذه الموهبة العظيمة إلى خطر عظيم إذا استسلم الإنسان للبطالة واليأس وحب الرئاسة. هذه الأمور الأربعة هي أمراض علينا التخلص منها.

أما ما علينا طلبه فهي أربع أيضاً: العفة والتواضع والصبر والمحبة. العفة ليست حصراً في الموضوع الجنسي، إنما هي نقيض البطالة. إنها تجميع كل طاقتنا التي تُهدر بالبطالة. أما التواضع فهو انتصار الحقيقة في داخلنا حتى نرى كل شيء كما هو، جلال الله وحسنات الآخرين وسيئاتنا نحن. وينتج الصبر عن العفة والتواضع. الإنسان الساقط متسرع في الحكم والإدانة لأن معرفته ناقصة. الصبر مرتبط بالتسامح ولهذا هو فضيلة إلهية. وبعد هذا تأتي قمة الفضائل أي المحبة وهي غاية كل ممارسة روحية.

أما الطلبة الختامية في صلاة التوبة فتجمع وتلخص ما طلبنا الانعتاق منه وما يرجو الحصول عليه. “هب لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي وألاّ أدين إخوتي”. بمعنى آخر أنقذني من الكبرياء التي هي منبع الشرور. لا يكفي أن نرى عيوبنا فقد يستغل المجرّب هذا الأمر ليدفعنا إلى تقوى مشوهة لا تتعدى ظاهر الفضيلة. أما عندما لا ندين إخوتنا فعندها نكون قد اكتسبنا فعلاً العفة والتواضع والصبر والمحبة.

نقوم بهذه الصلاة مع سجدات. هذا دليل على الارتباط الوثيق بين النفس والجسد. فالجسد يشارك النفس في تعبدها هنا على الأرض وهو سوف يشاركها في تمجيدها للرب في الحياة الآتية. لهذا نحن نكثر السجدات في الصوم ولنؤكد أيضاً أن الصوم ليس احتقاراً للجسد. كما أن الصلاة النقية هي علامة توبة النفس وتواضعها كذلك السجود هو علامة توبة الجسد وتواضعه.

الخورية سميرة عوض ملكي

(عن نشرة الكرمة)

Leave a comment