ولما حضر يوم الخمسين – ماريَّــا قبارة

ولما حضر يوم الخمسين
“توبوا وليعتمدْ كلّ واحدٍ منكم، فتقبّلوا عطيّة الروح القدس”(أع37:2)

ماريَّــا قبارة

 

إننّا معيدون اليوم لعيد الخمسين، عيد حلول الروح القدس، عيد نجاز وعد السيد وتحقيق آمال الرسل القديسين الأطهار. إنه سرٌ عظيم خلاصي.
إنّ عيد الخمسين عند العبرانيين تذكاراً لدخولهم أرض الميعاد، أما نحن المسيحيين فنعيد عيد الخمسين لأن الروح القدس فيه حلَّ على التلاميذ الأطهار بهيئة ألسنة ناريّة فامتلأوا كلّهم من نعمته “وطفقوا يتكلمون بألسنة مختلفة بعظائم الله” (أع4:2). كان العبرانييون يقدّمون لله تقدمة جديدة، أيّ خبزاً، لأنهم دخلوا أرض الميعاد وأكلوا خبزاً بعد أن كانوا يقتاتون المنّ في البرية، أما نحن المسيحيين فنقدّم الخبز السماوي المحيي، الذبيحة غير الدموية عن تسبحة وشكر وإكرام وسجود.
أُعطي روح الرب لشاول ليبشرّ، وبالروح القدس علّم داود وتكلّم الأنبياء. ظهر بغتةً بهيئة ألسنة نارية واستقر على البشر. لم يمتلئ البشر من مواهب الروح القدس كما امتلأوا يوم الخمسين المقدس وعليه قال الإنجيلي لوقا: “امتلأ الجميع من الروح القدس”. فأخذ الرسل مواهب التكلم بالألسنة وصاروا كليي الحكمة؛ اجترحوا العجائب عرفوا المسقبلات، تشدّدت عزائمهم وتمجَّدوا في كلّ المسكونة. أعطى الروح القدس الرسل أن يبشروا بألسنة جديدة، وهدف الموهبة هو بنيان الكنيسة وليس مجرد تشويش وبلبلة. في وقت مضى أراد الرب أن يفرّق شعوب الأرض فبلبل ألسنتهم أما في يوم الخمسين فأراد الرب أن يوحدّ البشر فأعطاهم أن يتكلموا بلغات جديدة ليوحدّهم لكي يكرزوا بالإنجيل فتصير رعية واحدة لراعٍ واحد.
إنّ حلول الروح القدس أنعش الكنيسة وحدّد روح الجماعة وأعطاها قوة على الالتزام والشركة المقدسة. والشركة المسيحية علاقة تبدأ مع الله الآب والابن مع المؤمن بالروح القدس وتنتهي بالآخر، إنّها الرابط الحي للجماعة المسيحية. والشراكة هي مساهمة كل مؤمن بما عليه من واجبات وما له من مواهب تساهم في نمو شركة الكنيسة كلها.
أين نحن من الشركة والشراكة في كنائسنا التي هي علامة انتمائنا لجسد الرب؟ أين نحن من المشاركة في العطاء والإحسان المادي؟ حولنا، محتاجون فقراء مساكين، ماذا نفعل لأجلهم؟. هناك ممارسات لا تُرضي يسوع، ننتهز أدنى الفرص لتجريح الآخرين، نعيش بطريقة كأن الله يجب أن يكون بعيداً وغير مشارك في حياتنا.
إنّ شركة الكنيسة تتلّون بحياة يسوع وطريقة معاملته واهتمامه بالآخرين. جاء يسوع ليعطي ذاته للكل، أعطانا الروح القدس ومواهبه. وهذه المواهب التي فينا لا تخلّص الإنسان بل ثمرها هو الذي يخلص. إنّ ثمر الروح هو علامة التفاعل بين المؤمن وسكنى الروح القدس فيه. ومن دون الثمار لا تستحق أيّ شجرة أن تبقى شامخة بل يلعنها السيّد مثل شجرة التين غير المثمرة فالمطلوب، ثمار وليس كثرة أوراق توهم الجميع بأنّها شجرة كبيرة.
فمواهب الروح القدس تكون سبب دينونة، وهي وزنة سيحاسب عليها الإنسان إن ساء استخدامها. “وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان” (غل22:5).

Leave a comment