الحية القديمة والنميمة “أحقاً قال الله..؟” – ماريّـــا قبارة

الحية القديمة والنميمة

“أحقاً قال الله..؟”

ماريّـــا قبارة

 

إنّ الكلمة لها تأثير على النفس البشرية، والكلمة التي تخرج من الفم تعبّر عما بداخل الإنسان. الكلمات هي شرح مفصل ودقيق لشخصية المتكلم، فمن القلب الصالح تخرج كلمات البناء ومن القلب الشرير تخرج الكلمات الهدّامة
سُِئل حكيم عن أفضل عضوٍ في جسد الإنسان فقال “اللسان”، وعندما سُئِل عن أسوأ عضو فيه قال: “اللسان أيضاً”
اللسان نارٌ آكلة، به نبارك وبه نلعن، “هو شرٌ لا يُضبط مملوء سمّاً مميتاً، به نبارك الله الآب وبه نلعن الناس الذين قد تكوَّنوا على شبه الله” (يعقوب8:3-9). اللسانُ عضو صغير جداً لكنّه أصعب المخلوقات ترويضاً.
من دون الحطب تنطفئ النار وحيث لا نمَّام يهدأ الخصام. “رجل الخصام يُطلق الخصومة، والنمَّام يفرق الأحباء” (امثال28:16)
إنَّ أول من استخدم سلاح النميمة هذا كان “الحيّة القديمة”، عندما جاء إلى حواء في عدنٍ وقال لها: “أحقاً قال الله..؟ ” (تكوين1:3)، أراد هدم العلاقة بين الله والإنسان فكان السقوط بالشك والعصيان
إنَّ النميمة والإشاعات ونقل الكلام من المُتع الاجتماعية التي يمارسها أكثر الناس، ولكن ما يكسر القلب أنّ هذا يحدث أيضاً وسط جماعة الرب في الكنيسة. النميمة سلاح مدمّر مخرّب، يهدم بيوت عائلات تعيش بسلام، وتقطع أواصر المحبة والأخوة بين الأصدقاء. تشبّه الشائعات الكاذبة بريش النعام عندما ينثر لا يمكن إعادته، وهكذا الكلام الذي يخرج من الفم
فإذا كنت تبغي التأثير في الآخرين، استخدم قوة الكلمات البناءّة، ودرّب لسانك على كلمات التشجيع، فإن لغة التشجيع لغة جديدة مختلفة عن سائر اللغات الحيّة، فهي باقة الكلمات الطيبة الرائحة والتي يشتاق الآخرون إلى استنشاقها
استخدم كلمات إيجابية حتى مع رؤسائك، فإن رئيسك يحتاج لكلمات التشجيع ليطمئن لنجاح إدارته ويشعر بمساندتك له. والتشجيع يحتاج إلى مهارة، فليست كلّ الكلمات الجميلة هي كلمات تشجيع ولكنهّا تؤثر إيجابياً. هناك كلمات تكون وقوداً لحظة اشتعال الحريق، وكلمات تكون مياهاً تطفئ الغضب الناتج. والتشجيع لا ينبع إلاّ من الشخص الذي تعلّم المحبة، فالتشجيع من دون محبة يسمى “نفاقاً”. التشجيع كلمات تعبّر عن الاقتناع وهو احد الفضائل التي تعبّر عن المحبة والاحترام
يقول حكيم: “ما تقوله تعلمه وما تسمعه تتعلَّمه، ومالم تقُله تملكه وما تقله يملِكك”. والله جعلَ لنا أذنين ولساناً واحداً لنسمع ضعف ما نتكلم. وتأكَّد أنَّ من ينمّ لك فذاك ينمّ عليك. فلا تصدق كلّ ما تسمعه ولا تحكم على شيء أو شخص من دون تحقق، ولا تنقل كلّ ما تسمع به، “لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه، لاننا بعضنا أعضاء البعض” (افسس25:4)، “ومن يحفظ فمه ولسانه يحفظ من الضيقات نفسه” (أمثال: 23:21)
باللسان يمكن أن نرتقي إلى السموات، وبه أيضاً يمكننا أن ننخفض إلى الأرض. فماذا يكون الحال في مجتمع هوايته الأولى الكلام؟!

Leave a comment