الكنيسة ليست سوبرماركت – الشماس تيودور الغندور

الكنيسة ليست سوبرماركت

الشماس تيودور الغندور

 

من الناس مَن يحسبون الكنيسة سوبرماركت يحوي رفوفًا للصلاة والصوم ومطالعة الكتاب المقدّس والخدم الليتورجية والذبيحة الإلهية والكتب الروحية والتوبة والإعتراف والأخلاق الحميدة والحركات الدينية. فيأخذون بالتجوال داخل هذا السوبرماركت منتقين ما يناسب حياتهم وراحة أبدانهم، فيفضلون أن يكون القدّاس الإلهي في ساعة متأخرة من الصباح لتنعم أجسادهم بساعات نوم أكثر كونهم يطيلون السهر في السبت ويشبعون أجسادهم أطعمة ومشروبات تجعل الجسم يتكاسل ويجبر صاحبه على النوم والنوم العميق. وآخرون يتحججون بالعلاقة المباشرة مع الله للتغيّب عن الكنيسة وعن القدّاس الإلهي والخدم الليتورجية ويكتفون بالصلاة الفردية المنزلية ومطالعة بعض الكتب الروحية. ومن الناس مَن يرون في الأخلاق الحميدة والأعمال الصالحة وحدها مدخلاً مضمونًا للملكوت فيكثرون من الإحسان ويقللون من الصوم والصلاة والمشاركة في القدّاس الإلهي ما خلا المناسبات الرسمية والأعياد.
ومن الناس مَن يجعلون من الكهنة سببًا لعدم حضورهم الى الكنيسة مع ما يرافق ذلك من تبرير للذات وتضخيم لأخطاء الكهنة التي لا ننكر وجودها كونهم بشرًا ومن بين البشر انتدبوا مع العلم أن الكاهن على المذبح هو ممثل المسيح وليس ذاك الإنسان الخاطىء الذي تعايشه في يوميات حياته. ولا تُمنع نعمة الله من الوصول الينا حتى ولو كان الكاهن خاطئًا.
وعندما يشبّ المرء قليلاً يبدأ بتبرير نفسه وتصغير حجم أخطائه للتهرّب من سر الإعتراف هذا إذا لم يكن هؤلاء من تيار الذين يدّعون أن لا وجود لسر الاعتراف في الكنيسة الأرثوذكسية وكل هذا خجلاً وجهلاً كونهم لا يعون معنى الأبوة الروحية وضرورة الاعتراف أمام الكاهن ليرافقهم في مسيرة التنقية والاستنارة والتخلّص من الخطايا ومسبباتها.
وماذا نقول عن الذين يفضّلون أن يمارس أولادهم شتى أنواع الهوايات الرياضية والثقافية والفنية ولا يفكرون بما يختص بحياتهم الروحية. ولا يسألون أين يمكن أن ينتسب أولادهم الى حركة دينية كنسية تجعلهم يتعلمون ويوسعون معرفتهم الكنسية، فيزداد إيمانهم عمقًا وتصوّب أخلاقهم فتتحول الى أخلاق مسيحية تجعلهم يشعّون حيثما وُجدوا.
كل هذا أردنا منه القول أننا في الكنيسة لا نختار بين مجموعة خيارات وممارسات بل نتخذ هذه الممارسات كأساس في حياتنا، كونه يدعونا قائلاً ” أطلبوا اولا ملكوت الله و بره و هذه كلها تزاد لكم” ( مت33:6). وأمام سؤال البعض أين الخيار في هذا الطرح؟ وهل نحن مخيرون أم مسيرون؟ أختم لأقول نحن مخيرون في الاختيار بين المسيح وكنيسته وبين السوبرماركت، ومتى اخترنا المسيح علينا بالسير معه داخل كنيسته ككل متكامل، فحتى ما لا يُعجبنا في الكنيسة هو مفيد لخلاص نفوسنا. فهلمّ الآن جميعًا نُحي كنيسة الله ونحيا بها.

Leave a comment