الصلاة المقبولة – الشماس تيودور الغندور

الصلاة المقبولة

الشماس تيودور الغندور

 

قال الرب يسوع في الكتاب المقدّس:” يقترب إليّ هذا الشعب بفمه و يكرمني بشفتيه و أمّا قلبه فمبتعد عني بعيدًا “( مت 15 : 8 ). ليس هناك صلاة مقبولة وأخرى غير مقبولة لدى الرب يسوع، فما هو مرفوض في الصلاة أن تتحوّل صلاتنا إلى ترداد كلمات وتمتمة جمل دون فهم معناها أو التركيز على فحوى الصلاة التي نؤديها أمام الله. والصلاة ليست بعدد الكلمات التي نرددها بل بالموقع التي تصدر منه هذه الكلمات. فكثير ما تكون صلاتنا نابعة من الشفاه فلا تستطيع أن تغوص إلى أعماق قلب الله، فالطريق إلى قلب الله تبدأ من قلب الإنسان المصلّي فهي لغة قلوب وليست لغة شفاه.
كما أن الصلاة تكون مقبولة أمام الله بقدر ما يكون مؤديها متواضع. ولا يغيب عنّا في هذا المجال مثل الفريسي والعشّار في انجيل لوقا (لو 18) حيث أخذ الفريسي موقع الصدارة في مقدمة الهيكل وأخذ بمقارنة نفسه مع العشّار وتبرير ذاته وتبيان أعماله الحسنة أمام الله، فيما اكتفى العشّار بالوقوف بعيدًا ولم يستطع رفع عينيه نحو السماء واكتفى بقول:”اللهم ارحمني أنا الخاطىء”. ويقول الرب يسوع أن العشّار هو الذي قُبلت صلاته وذهب مبررًا الى بيته. فالصلاة ليست استعراضًا لمحاسننا ومواهبنا ولا تقاس الصلاة بجمال الأداء أو قبحه بقدر ما تقاس بتواضع المصلّي أو كبرياءه.
كما أن الصلاة لتُقبل يجب أن تكون ركيزتها الإيمان فالرب يسوع قال:” كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه” ( مت 21 : 22 ) . وإذا كنّا نصلّي بإيمان لا نعد نكترث للوقت الذي نقضيه بالصلاة فالرب نفسه كما يقول الإنجيل ” قضى الليل كله في الصلاة لله” ( لو 6 : 12 ) وهو الذي لا يحتاج للصلاة. وكم من القديسين قضوا معظم أوقاتهم بحضرة الله في الصلاة. فيما نحن لا ننفك نتلفت إلى الساعة لنرى كم استغرقت الخدمة من الوقت. فما أجمل الصلاة التي فيها المؤمنون ” يواظبون بنفس واحدة على الصلاة و الطلبة” ( اع 1 : 14 ).
وكم من مرّة في صلاتنا نطلب الضرر للآخرين الذين آذونا بتصرفاتهم أو جرحونا بمواقفهم دون علم منّا أننا لا نستطيع أن نطلب من النور أن يُعطي ظلمة. كما لا نستطيع أن نطلب من إله الخير أن يُمطر شرًا على عبيده وجبلة يديه. فهذه الصلاة كيف نعتقد أنها ستكون مقبولة لدى الله الذي يدعونا الى المحبة وحتى للأعداء، أليس هو القائل:” أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم و يطردونكم” ( مت 5 : 44 ). فلنصلِّ إذًا لأجل هؤلاء لكي يرتدّوا عن الشر الذي فيهم ولا نصلينَّ لأجل أذيتهم.
بالختام فلنتعظ من الرسول بولس الذي دعانا في رسالته إلى أهل فيليبي قائلاً :” لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة و الدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله” ( في 4 : 6 ). والصلاة ما هي إلا لقاء مع الله وقد لا تحتاج حتى إلى الكلام حينها. فالوجود في حضرة الله لا يحدّه لا وقت ولا كلام ولا أي شيء بشري على الإطلاق.لذا “واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر” ( كو 4 : 2 ) .

Leave a comment