عظة الفصح في 30 نيسان 1978

عظة الفصح في 30 نيسان 1978

المتروبوليت أنطوني بلوم

نقلها إلى العربية كمال كدر

المسيح قام

قبل أن أقرأ ميمر القديس يوحنا الذهبي الفم الفصحي وأتوجّه بالكلام باللغة الروسية إلى الذين يتكلمون هذه اللغة، وإلى العديد، في الواقع الملايين، الذين يستمعون في هذه الليلة عبر وسائل الإعلام، أحبّ أن أقول بعض الكلمات لكم ولكل الذين في هذا البلد وفي كل البلدان في أوروبا الغربية والشمالية المستمعين لهذه العظة.

عندما خلق الله الإنسان أعطاه حياةً أبدية، حياته الخاصة ليملكها ويشترك بها. والإنسان تجاوب مع عطية الله وهبته بالخيانة التي استدعت موت ابنه على الصليب. الآب قد سلّم البشرية ابنه الوحيد المحبوب قائلاً لنا: ليس لدي شيء آخر أعطيه لكم وقد أعطيتكم كل ما أملك والآن لست أملك شيئاً. في الواقع الله دخل إلى هذا العالم، أخذ جسداً وصار واحداً منا، واحتمل الموت الذي نحن البشر جلبناه للمسيح، ولكن المسيح قد غلب الموت، وبالموت نفسه فتح لنا الطريق إلى الحياة الأبدية. وتجاوباً مع عطية الله هذه، فقد استجاب آلاف وملايين البشر خلال عشرين قرناً إلى عطية الله وإلى الثقة به، وإلى ثقته بنا أيضاً ورجائه بأن تضحيته لم تكن عبثاً.

وهذا العيد الذي نحفظه اليوم هو الفرح الأعظم والانتصار الأعظم لله وللإنسان. انتصار وفرح مشتركين. في الواقع من دون هذا العيد وهذا الحدث التاريخي لا وجود للمسيحية. الرسول بولس كان ليبقى مضّطهِداً شرساً للمسيح وأتباعه لو لم يقابل وجهاً لوجه على الطريق إلى دمشق المسيحَ القائم الحي، الذي مات على الجلجلة. وهو يعلن حقاً أنه لو لم يقم المسيح لكنّا أتعس الناس لأن إيماننا ورجاءنا وحياتنا كلها تكون قد بُنيتْ على لا شيء، على وهم وسراب.

لكنها ليست وهماً أو سراباً، طوال العشرين قرناً شهد الشهود أن خبرة الرسول بولس ومعرفته للقيامة هي حقيقة، وأنه حقاً أن ذاك الذي مات على الجلجلة كان الله نفسه الصائر إنساناً، أنه حقاً قد قام بالجسد من القبر مغيّراً العالم إلى عالم جديد بالكلية، إلى عالم ليست الكلمة الأخيرة فيه الموت بل الحياة، ليست الكراهية بل الحب، ليس الخوف بل الشجاعة والجهاد المغبوط. ولذلك جاء المسيح إلى تلاميذه في المساء بعد قيامته قائلاً لهم: “كما أرسلني الآب كذلك أنا أرسلكم” (يو21:20). قبل هذه الكلمات وقبل ظهور المسيح لهم، كان التلاميذ خائفين لأنهم ظنوا أن الحياة والحب والحقيقة قد غُلِبَتْ. أما الآن فقد انطلقوا إلى العالم بشجاعة دون خوف لأنهم عرفوا أنهم يمتلكون الحياة الأبدية، وأن المسيح قد شاركهم في حياته، حياة يسوع الإنسان القائم، حياة الابن السرمدي.

لم يكونوا خائفين من أولئك الذين يستطيعون أن يسلبوهم حياتهم الوقتية الزائلة لأنهم عرفوا أن لا شيء يستطيع أن يسلبهم الحياة الأبدية. وهذا هو العيد الذي نبتهج به، هذا ما نرنّمه وننشده، وهذا ما قد أعلناه الليلة بكل إيمانٍ ومعرفةٍ عن الله والمسيح.

الشكر لله، والشكر للذين قد آمنوا وأعلنوا الحقيقة التي نستطيع مشاركتها، والحياة التي يمكن أن نمتلكها أيضاً. منذ أكثر من عشرين سنة، تسلّم الكثيرون الرسالة وقبلوا الإيمان بالمسيح مصلّين هنا بفرحٍ، وقرأوا الكتب المولودة من حياة هذه الجماعة، وقد نالوا الدعم والتعزية والأمل. لهذا السبب أتوجّه إليكم، أنتم الذين سمعتموني قبلاً وإلى آخرين يسمعونني الآن أينما حلّوا، بصرخة للمعونة. إن هذه الكنيسة يجب أن تُراعى وهذه الجماعة يجب أن تستمر بنشر الإنجيل وبإعلان الإيمان ليس هنا فقط بل في روسيا وجميع البلدان الناطقة باللغة السلافية. يجب أن نتابع احتمال الشهادة للحياة والحب والأمل والإيمان بالإنسان. أمين