الميراث

الميراث

قصة قصيرة للأطفال من الأدب المسيحي الروسي

كان أهل ليزا فقراء لكنّهم كانوا صادقين ومجتهدين. وليزا نفسها كانت فتاة لطيفة جداً يحبها كل أولاد الجوار لسلوكها المهذب والرقيق. الكلّ كان يتلهّف ليلعب معها مع أنّها كانت الأفقر ولم تكن ترتدي الثياب الجذابة مثل ناتاشاوناستي والأصدقاء الباقين. لم يكن أحد ينظر إلى ثيابها بل بالأحرى كانوا يهتمون بقلبها الذي كان بالتأكيد أكثر قيمة من أي ملابس حريرية أو مخملية.

فجأةً، تغيّرت ليزا. لقد تلقّى أهلها تركة (ميراثاً) كبيرة وصاروا أغنياء. فصارت ليزا تتخيّل أنّها أكثر أهمية من أصدقائها. لقد صارت متكبّرة إلى أبعد حد ولم يبقَ أيّ أثر من لطفها السابق ورغبتها في مساعدة الآخرين.

تفاجأ ناتاشا وناستيا والأصدقاء الآخرون بالبداية، لكنهم لاحقاً صاروا يضحكون منها، إلى أن قالت لها ناستيا في نهاية الأمر: “اسمعي يا ليزا. أنتِ تتصرفين بطريقة سخيفة. إذا لم تغيّري تصرفك، سوف تبقين وحدك، وسوف لن نلعب معكِ. تذكري ذلك”.

بعد سماعها هذه الكلمات، عقدت ليزا حاجبيها، ابتعدت عن أصدقائها ثم قالت لهم: “أنا الآن غنية وسوف أجد أصدقاء”. لكنها كانت مخطئة. لقد تركها الأولاد الباقون. وما أن تخلّى عنها أصدقاؤها حتى أحسّت بضجر شديد.عندها أدركت كم هو كريه أن يكون الإنسان وحده. وفيما كانت جالسة إلى النافذة تتفرّج على أصدقائها يلعبون معاً بفرح، راحت تبكي. وهكذا لاحظت أمّها تغيّرها وسألتها: “لمَ لا تلعبين مع أصدقائك؟”

في بادئ الأمر خجلت ليزا من إخبار أمها بالسبب. لكن عند إصرار أمها، اعترفت لها بتصرفها الأحمق وقالت لها بأنها نادمة على تكبرها.

فقالت لها أمها: “اذهبي الآن إلى أصدقائك، واعتذري منهم. وتذكري أنّ ما يجعل الإنسان محبوباً ليس الثروة بل هو التصرف الرقيق اللطيف. ماذا يهمّ الآخرين إن كنتِ غنية أو فقيرة؟ أيهتم الآخرون بثروتك؟ تخلّي عن الكبرياء إلى الأبد ولا تتركي الشرير يجد قاعدة في قلبك”.

في الحال عملت ليزا بحسب نصيحة أمها. اعتذرت من أصدقائها بوداعة عن تصرفها المتعجرف معهم، وقد رحّبوا بفرح بعودتها إلى رِفقة الأولاد السعداء.

لقد كان لهذه الخبرة تأثير نافع جداً على ليزا. إذ، منذ ذلك الحين، لم تعد تتباهى بثروة أبيها.

Leave a comment