ما هو عمل الكنيسة التبشيري؟

ما هو عمل الكنيسة التبشيري؟

الأب يوحنا رومانيدس

الجهد التبشيري في زمن الكنيسة  الأول لم يكن كما هو اليوم في الكنيسة الأرثوذكسية. فاليوم يتكوّن هذا الجهد من الإعلان عن معتقداتنا الجميلة وشكل العبادة التقليدي كما لو أنها لا شيء منتجات للبيع. على سبيل المثال، نحن نتحدث على هذا المنوال: “ألقوا نظرة أيها الناس! لدينا أجمل العقائد، وأروع عبادة، والترتيل الأكثر بهاء، والاثواب الأكثر جمالاً”… نحن نحاول أن نبهرهم بأشيائنا، بدلاتنا، وقلاليسنا حتى نتمكن من متابعة عملنا التبشيري. بالطبع، هناك بعض الشعور بالنجاح وبعض النجاح في القيام بعمل تبشيري بهذه الطريقة، ولكنه ليس عملاً تبشيرياً أصيلاً على مثال عمل الكنيسة في العصور الأولى.

يتكوّن العمل التبشيري اليوم بشكل أساسي على هذا النحو: نحن ننوّر الناس الذين يؤمنون بالخرافات ونجعلهم مسيحيين أرثوذكسيين من دون أن نحاول شفاءهم. ولكننا بهذا نستبدل  المعتقدات السابقة بمجموعة جديدة من المعتقدات. نحن نستبدل خرافة بأخرى. أنا أقول هذا لأن الأرثوذكسية متى قُدِّمَت بهذه الطريقة بماذا تختلف عن الخرافة؟

الشاغل الرئيسي للكنيسة الأرثوذكسية هو شفاء النفس البشرية. الكنيسة دائماً اعتبرت الروح جزءً من الكائن البشري، لكنه جزء بحاجة للشفاء. هذا الشفاء يتمّ عبر الحياة اﻷرثوذكسية. أنا أركّز على موضوع الحياة اﻷرثوذكسية ﻷننا حتّى ولو كنّا نعترف بالعقيدة الصحيحة ولا نعيش الإيمان الذي نعترف به فلن نصل إلى علاقة مع الله في هذه الحياة ولا إلى الخلاص في الحياة الآتية. إذاً، عندما يأتي أحد ما إلى الكنيسة الأرثوذكسية، لا ينبغي أن يكون عنده الرغبة بملء الحق المعلَن من الله بل أيضاً، والأكثر أهمية، هو الالتزام بطريقة الحياة هذه. إذاً مما تتكوّن الحياة المسيحية؟ من التوبة، أي التوبة كعملية تطهّر واستنارة معاً.

في الأرثوذكسية اليوم، تُحدَّد التوبة بقبول المسيح وحسْب، أي باﻹعلان “أوافق المسيح”. ولأننا نوافقه نحن نذهب إلى الكنيسة ونضيء شمعة أو اثنتين ونصير أبناء وبنات صالحين. إذا كنا من اﻷطفال ننضمّ إلى مدارس اﻷحد، وإذا كنّا من البالغين نحضر الاجتماعات الدينية بين الحين والآخر. هذا على افتراض أننا نحيا التوبة، وعلى افتراض أننا تائبون. أو، إذا كنا قد ارتكبنا أمراً سيئاً في حياتنا نظهِر بعض الندم ونطلب المغفرة ونسمّي ما نقوم به توبة. إلا إن هذا ليس توبة. إنه مجرد ندم. الندم هو بداية التوبة لكن النفس البشرية لا تتنقى بالندم فقط. لكي تتنقّى النفس من الأهواء، ينبغي أن يكون خوف الله والتوبة حاضرَين أولاً ومستمرَين عِبر مرحلة التطهّر التي تنتهي بالاستنارة الإلهية.