حرّيّة الرّوح

حرّيّة الرّوح

الأب جون بريك

نقلها إلى العربية بتصرّف الأب نقولا مالك

 

يُعلِّمُنا الرّسولُ بولس أنْ نَثبتَ في الحرّيّةِ الّتي حرّرَنا بها المسيح (غلا 1:5). إنَّ سِمَةَ حياتِنا في المسيح هي الحرّيّة، أي التّحَرُّر مِن قيودِ شريعة موسى. إنّها حرّيّةٌ بالرّوحِ القُدُس، تُخَوّلُنا أنْ نَحيا لا بِحسبِ الجسد بل بحسبِ الرّوح، بِفَرَحٍ وَسَلام، وذلك عن طريقِ النّعمةِ وحدَها. وَيُعَقِّبُ بولس: “لِنَسلُكْ بِالرّوح” (غلا 25:5).
في الموسمِ الخمسينيّ يَجدُرُ بِنا أن نتأمّلَ في مسألةِ الحرّيّةِ هذه، لِنَفرَحَ بِما تُؤَمِّنُه مِن انعتاقٍ، غيرَ مُتجاهِلِينَ ما تَستَوجِبُهُ مِن تحديدات. الحرّيّةُ بالرّوح تَعني الحرّيّةَ بواسطةِ الرّوح. إنّها تَعني، حسبَ الصُّورةِ الّتي أعطاها الرسولُ بولس، أنّنا قد اجتَزنا من العبوديّةِ للخطيئةِ والموت إلى شكلٍ آخَر من العبوديّة، إلى قَيدٍ نتّخِذُهُ طَوعًا وَبِفَرَحٍ وَسُرور.. قَيدٍ نَتَبَنّاهُ كُلِّيًّا إلى درجةِ الهُتاف: “لا أنا أحيا بعدُ، بلِ المسيحُ هو الّذي يحيا فِيَّ”. إنّهُ القَيدُ الكُلّيُّ الّذي يستطيعُ وحدَه أن يُعطِيَنا الحرّيّةَ الحقيقيّةَ والأصيلة.
وفيما نتأمّلُ في هذا السّرّ، مِن المهمّ ألاّ تَغيبَ عن ذهنِنا حرّيّةُ الرّوحِ نفسِه؛ ذلكَ أنّنا، نحن المتحرِّرِينَ مِن قُيُودِ نامُوسِ موسى، غالبًا ما نُقَولِبُ الرُّوحَ في نامُوسٍ آخَر، واضعِينَ حَدًّا لِتَحرُّكاتِه، وَمُتَحكِّمِينَ بأهدافِه.
إنّ رُوحَ اللهِ هُوَ حُرٌّ، وَيَبقى دائمًا حُرًّا. إنّه حُرٌّ مِن أيّ شكلٍ أو صيغةٍ طقوسيّة. إنّه حُرٌّ أن يأتي ويذهب كيفما شاء. روحُ الله هو روح الحرّيّةِ المطلقة، حاضرٌ في كلِّ مكان، ومالئٌ كُلَّ الأشياء.
في يومِ العنصرةِ العظيم، نَقِفُ بِخَوفٍ إزاءَ الرّوح، إزاءَ هذا الحضورِ الأسراريِّ والكُلِّيِّ القُوَّةِ للحياةِ الإلهيّة. وَبِما أنَّهُ أَحَدُ الثالُوثِ الأقدَس، مَسجُودٌ لَهُ معَ الآبِ والابن، فإنّهُ يَملأُ وُجُودَنا بِتِلكَ الحياة. إنّهُ يَسكُبُ عطاياهُ على الكنيسة، ويَمنحُ أعضاءَها ثِمارَه. إنّه يَملأُنا مِنَ النّعمةِ المانحةِ الحياة، وَيَقُودُنا مِن حالةِ الأَسْرِ إلى حالةِ الحُرِّيّةِ الحقّة، لأنَّهُ هُوَ نفسُهُ مَصدَرُ الحرّيّةِ الإلهيّةِ الكاملة، الّتي نحنُ مدعُوُّونَ إلى المساهمةِ فيها.

Leave a comment