عمل المسيح على الصليب

عمل المسيح على الصليب*

الميتروبوليت ييروثيوس فلاخوس

نقلتها إلى العربية مجموعة التراث الأرثوذكسي

يوم الجمعة العظيم، بالاقتران مع قيامة المسيح، هو يوم انفجار روحي، هو بيغ بانغ روحي، لم يخلق كونًا مبنيًا ولا صار مبدأ الحياة العضوية، بل خلق حالة مستوحاة من الخليقة الجديدة والولادة الجديدة.

إن الترانيم التي ننشدها في هذه الأيام، خاصة ليلة الجمعة العظيم، فيها مزيج من الإذلال والمجد، الجلال والإفراغ، والقوة والحنان. كل هذا يبدو متناقضًا ، لكنه يخلق تناغمًا يحرّك الجميع لأي مجموعة انتموا.

ترِد في إحدى تقاريظ جناز المسيح واحدة من أكثر الصفات إشارة إليه، وفيها:
كمثل البجعة، جُرحت في جنبك، وأعطيت الحياة لأبنائك المحتضرين، منقّطاً لهم قطرات الحياة[غير موجودة في العربية]

بحسب التقليد، عندما تحقن الحية السامة القاتلة السم في فراخ البجعة وتموت، تثقب البجعة جنبها ويجري منه الدم، فتستقطره إلى فراخها وتنعشهم فيما هي تموت. تُظهر هذه الصورة عمل المسيح على الصليب. الناس أموات بسمّ الموت والخطيئة والشيطان، فتبرّع السيد المسيح بدمه لنا، لمحاربة الموت والخطيئة والشيطان، ولإنعاشنا. وهكذا أصبح موته حياةً لنا.

هذا هو عمل الكنيسة. تحتضن العالم كله، بغض النظر عن العرق والإثنية واللون واللغة والجنس والعمل، وتعطيهم دم المسيح وكل حياة قيامته، للقضاء على السم الذي تعرضه عليهم قوات الشر القديمة والحديثة.

الإنسان اليوم مسموم بشكل مستمر من الصيغ الجديدة التي تضلله خارجياً، ومن أوهام الحياة، ومن الواقع الافتراضيالقاتل الذي هو جحيم حديث. إنها العقلانية والإثارة والأوهام التي يتم تمويهها خارجيًا بغطاء حلو، مما يخلق إحساسًا بالمتعة، ولكنه يشير إلى المعاناة والألم والفراغ واليأس الأجوف. إن الإنسان يعيش في عالم مزيف في واقع افتراضي“.

إن مصدر الطاقة الذي يغذي هذا الواقع الافتراضي هو حب الذات والغرور والغطرسة والأنانية، وعندما يتم إغلاق هذا القابس يدخل الإنسان في مأساة هي مأساة الفراغ. إن مجتمعنا قاسٍ ومريض وخطير يخفي ثعابين رنانة سامة تسبب الموت للإنسان. لذلك نحن بحاجة إلى نقل دم من المسيح ، الذي يموت من أجلنا لنحيا.

في الوقت نفسه، يحتاج مجتمعنا المسموم إلى أشخاص ذوي رؤية، أصحاب نظر قادرين على معالجة هذه الثعابين السامة الكامنة في كل مكان ناشرة الموت الروحي والنفسي، وإعطاء الناس الرجاء والقوة والشجاعة، والمعنى للحياة، والأكثر أهمية هو حماية الناس من الواقع الافتراضيالخطير الذي هو وهم مميت.

* من عظة في يوم الجمعة العظيم في إحدى ضواحي نافباكتوس

(Μεγάλη Παρασκευή, 18-4-2014. Λόγος στήν Περιφορά τῶν Ἐπιταφίων στήν Ναύπακτο )