كنيسة أنطاكية ولقاء كريت الكبير: شيء من مراجعة

كنيسة أنطاكية ولقاء كريت الكبير: شيء من مراجعة

الأب أنطوان ملكي

نظّمت كلية اللاهوت في جامعة تسالونيكي، اليونان، المؤتمر الدولي الثامن للاهوت الأرثوذكسي، في حرم الجامعة ما بين 21 و25 من أيار 2018. شارك في هذا المؤتمر 120 من الرؤساء واللاهوتيين الأكاديميين، كهنة وعلمانيين، وباحثين شباب من النساء والرجال، من 25 جامعة ومعهد لاهوتي ومن 15 دولة. عنوان المؤتمر كان المجمع الكبير المقدس للكنيسة الأرثوذكسية: اللاهوت الأرثوذكسي في القرن الحادي والعشرين“. وهذا المؤتمر، كما يرِد في الاسم، هو الثامن من سلسلة مؤتمرات بدأت في 1936، وهو الأول بعد انعقاد ما عُرِف بالمجمع الكبيرفي كريت في 2016. هدف المؤتمر كان محدداً بمناقشة قرارات مجمع كريت وتقديم اقتراحات لجدول أعمال المجمع الكبير القادم. شارك في الجلسة العامة أصوات من غير الأرثوذكس: المسيحيين الشرقيين، الكاثوليك، الأنكليكان واللوثريين ومجلس الكنائس العالمي.

قُرئ في المؤتمر كلمات ورسائل من عدد من البطاركة. لم يرد في الإعلام أنه كان هناك رسالة من البطريرك الأنطاكي. شارك الأب بورفيريوس جورجي عميد معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في جامعة البلمند في المؤتمر وقرأ كلمة لم تنشَر بعد بين الأوراق التي تمّ نشرها على مدونة “ΘΕΟΛΟΓΙΚΑ ΔΡΩΜΕΝΑ” العائدة لكلية اللاهوت في جامعة تسالونيكي التي نظّمت المؤتمر. والجدير بالذكر أن كتاب أعمال المؤتمر لم يصدر بعد.

من بين الذين قدّموا مداخلات في المؤتمر هو السيد ألبيذوفوروس لامبريديس مطران بورسا الذي شغل دور الناطق الرسمي لمجمع كريت أثناء انعقاده. مداخلته كانت بعنوان المجمع الكبير المقدّس التالي: أسئلة تتعلّق بجدول الأعمالوفيها عدّد المطران ما تمّ إنهاؤه من القضايا في 2016 وما سوف يُنقَل إلى المجمع المقبِل الذي بدأ الإعداد له. من المثير للاهتمام توقّفه مطولاً عند مقاطعة أنطاكية ورأيه في مجريات الأمور حيث يقول: “كانت كنيسة أنطاكية قد سلّطت الضوء منذ فترة طويلة على حقيقة أنها تعتبر اختلافاتها مع كنيسة القدس حول نطاق سلطتها ذات أهمية أساسية. لقد طلبوا مراراً من البطريرك المسكوني أن يتدخل. أخذ قداسته مبادرتين على الأقل سعياً لحلّ المشكلة ؛ للأسف، لم تكن ناجحة، وبالتأكيد ليس بسبب أفعاله، بل بسبب الموقف المستعصي للفريقين المعنيين. إلى هذا، لم يستطع البطريرك برثلماوس، ولم يكن من حقه، الربط بين انعقاد وسير المجمع الكبير المقدس الذي كان قيد التحضير لعقودوتطور نزاع ثنائي ليست الأرثوذكسية بمجملها مسؤولة عنه. من هذا المنظور، أعتقد، مع كامل التوقير، أن إصرار بطريركية أنطاكية القديمة كان في غير أوانه. إن حلّ نزاعها مع كنيسة القدس شكّل شرطًا للمشاركة في حدث رئيسي وتاريخي في حياة الكنيسة. أتذكر أن البطريرك المسكوني خلال آخر اتصال له مع بطريرك أنطاكية، قبل انعقاد المجلس في أيار 2016 ، قد سلّط الضوء على حقيقة أن الوقت الميتبقّي ليس كافياً لتحصيل حلٍّ مؤاتٍ بشأن قضية قطر. وبالإضافة إلى ذلك، التزم بالعودة إلى معالجة القضية مجدداً مباشرة بعد الانتهاء من المجمع، بينما حثّه في نفس الوقت على عدم مقاطعة هذا الحدث الكبير في الكنيسة. لم يقبل بطريرك أنطاكية حتّى بهذا الالتزام الذي تعهد به البطريرك المسكوني. وأنا على يقين الآن، بعد عامين من انعقاد المجمع، من أنّ رؤساء الكهنة الموقرين في كرسي أنطاكية، بإظهارهم المزيد من الاتزان والوضوح في التفكير، هم في وضع يسمح بإعادة تقييم القرار المتشدد الذي اتّخذوه في حينه. ومع ذلك، بعد تحليل الأستاذة اليزابيث برودرومو للتوازنات الجيوستراتيجية، لا يمكنني مقاومة إغراء الإشارة إلى أن المعانقة الشديدة بين دمشق وموسكو في السياسة والشؤون العسكرية والمالية والطاقة، هي عامل يؤثّر على موقف كنيسة أنطاكية. قد تكون حالة بطريركية أنطاكية، من بين الكنائس التي لم تحضر، الوحيدة التي يمكننا أن نظهر لها تفهماً، خاصةً مع الأخذ في الاعتبار جميع الأسباب المذكورة أعلاه.”

إذاً، بعد عامين من انعقاد المجمع، يحلل غير الأنطاكيين موقف أنطاكية، دون أن يتسرّب إلينا، أي الشعب الأنطاكي، أن أنطاكية قيّمت أو هي بصدد تقييم ما جرى. لكن التساؤل حول هذا الأمر شرعي، بغض النظر عمّا إذا توفّر مَن يجيب أو لا، وبغض النظر عن قيمة هذا اللقاء. هل قضية قطر تستحق قطع شركة مع كنيسة أخرى في زمان الانفلاش المسكوني؟ هل رأى آباؤنا أن قطع الشركة مع مَن هو أصلاً مغتصب للسلطة يؤدّي إلى حلّ؟ هل ما زالوا يرون ذلك الآن؟ هل كان لديهم خطة بديلة؟ كيف ربط آباؤنا بين مقاطعة لقاء كريت وحلّ قضية قطر؟ ما هو ردّ أنطاكية على الكلام الصادر عن الناطق الرسمي باسم اللقاء الكبير؟

لا يبدو أن الشعب الأنطاكي المقيم في قطر على علم، أو على اهتمام، أو هو ملتزم بقطع الشركة. ولا يبدو أن الشعب الأنطاكي المقيم في لبنان وسوريا على علم، أو على اهتمام، بقطع الشركة هذا. ولا يبدو أن هذا القطع أدّب مَن ينبغي تأديبه. فما هي الخطوة التالية؟ هل سوف تقاطع أنطاكية المجمع المقبل؟ هل نتّكل على أن الإعداد للقاء الأول دام ما يقارب القرن وبالتالي هذا ينطبق على اللقاء الثاني؟ هل أنطاكية هي فعلاً في معسكر، وبالتالي فقدت دورها الجامع؟ كيف قررت ذلك؟

هل يملك أحد أجوبة؟