رسالة رعائية حول المناولة

رسالة رعائية حول المناولة

أشعياء مطران دنفر للكنيسة اليونانية في أميركا

في الأول من ايار 2018

الرسالة رقم 29

إلى الآباء الموقرين وأعضاء الرعايا المؤمنين في أبرشية دنفر المقدسة

أيها الأحباء بالرب

بلغني أن عدداً متزايداً من الأشخاص في رعايانا يتقدمون إلى المناولة الإلهية لكنهم يصرّون على الكاهن ألا يناولهم من جسد المسيح بل من الدم فقط. يشرح هؤلاء لكهنتهم أن أطباءهم، وعلى الأكيد ليسوا من الأرثوذكسيين، يطلبون منهم عدم أكل أي نوع من الخبز لأن هذا يؤذيهم.

إن كان في رعايانا أرثوذكسيون يؤمنون بأنّ بعد استدعاء الروح القدس في القداس الإلهي، تبقى التقدمة خبزاً وخمراً فينبغي أن لا يتناولوا من الجسد والدم المقدسين من بعد أبداً إلى أن يؤمنوا بأن السر المقدّس هو حضور روحي للسيد بشخصه أي بجسده ودمه.

إنها لَنِعمة عظيمة حقاً من القديس بولس، الرسول الإلهي إلى الأمم ، بأن يفسّر مخاطر تناول جسد ودم ربنا المقدسين، وذلك لأسباب مختلفة تماماً عن العلوم الطبية. يقول القديس بولس: “إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ. مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ.” (1 كورنثوس 27:11-30)

في ما يتعلق بهذه الكلمات القوية للقديس بولس، هل يوجد في الرعية مَن يعانون من المرض، ربما لأنهم لم يستعدوا لتناول التقدمة الإلهية من جسد ربنا ودمه؟ وإذا كانت تعليمات الطبيب لهم بعدم تناول الجسد (الخبز) لأنهم يعتبرون أن معرفة الطبيب الطبية أكثر أهمية من الإفخارستيا المقدسة، فعندئذ لا ينبغي أن يتناولوا القربان المقدس من الرب، إلا إذا كانوا يعتقدون أن معرفة خالق الكل عن الحياة الأبدية تفوق كل العلوم الطبية في هذا العالم الساقط.

إن هذه المسألة الخطيرة هي دليل كافٍ على أن العالم الدهري يتطور إلى فلسفة خاطئة مفادها أن العالم ذاتي الإنشاء، بحسب النظرية القائلة بأن كل الخليقة طارئة وعرضية. وبالتالي، فإن العالم القائم على المادية، وبخاصة الإنسانية، يحدد ذاته أكثر فأكثر على أساس ما يرضيه لأنه لا يعترف بخالق إلهي.

إن أي عضو في الرعايا لا يؤمن بشكل كليّ بأن الرب يسوع المسيح هو خالقنا، وأنّه أتى إلى العالم متّخذاً جسدنا البشري، وأن جسده كامل، وبذل نفسه على الصليب من أجل خلاصنا الأبدي، فيُرجى مساعدة هؤلاء الأشخاص على تبيان خطئهم إذا شاؤوا أن يصغوا. بالطبع، الأمر يعود إليهم لممارسة حريتهم في قبول ربّنا كما نعرفه، أو اتّخاذ الاتجاه الآخر أي الابتعاد عنه. نحن نصلّي لكيما الروح القدس يهبهم الاتجاه الوحيد إلى الحياة الأبدية وهي أن يعرفوا ويحبوا ربنا يسوع المسيح كمخلصنا وفادينا.

مع البركة الأبوية

أشعياء، ميتروبوليت دنفر

أهمية هذه الرسالة أنها تعالج موضوعاً يتلافى الكثير من الرعاة مقاربته خوفاً من أن ينفر بعض الذين يشركون بالصلاة ويمتنعوا عن المشاركة في القداس. فالبعض مثلاً لا يتناولون خوفاً من انتقال أمراض إليهم، فهؤلاء أيضاً ينبغي أن يصار ألى الاهتمام بهم. فالمناولة أصلاً هي لشفاء النفس والجسد، وهذا ليس كلاماً جزافاً يقوله الكاهن أثناء المناولة، بل هو وصف دقيق لما يجري التعاطي به. من هنا أن اختيار هذه الرسالة لترجمتها هو للقول بأن الراعي الصالح يهتمّ حتّى بهذه التفاصيل، ويسعى لأن تكون الأمور بلياقة وترتيب على كل المستويات. عسى أن يكون نشر أمور مثل هذه على بساطتها حافزاً لزيادة الوعي بين المؤمنين فيحفظون الأداء غير منثلم ويساعدون الكهنة على أن تكون خدمتهم بلا عيب. (الأب أنطوان ملكي)