أيمكن أن يؤمن العالِم بالقيامة؟ ثلاثة افتراضات

أيان هاتشينسون

نقلتها إلى العربية أسرة التراث الأرثوذكسي

أنا أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وأحتفل في نهاية هذا الأسبوع بقيامة يسوع. ومثلي عشرات من الزملاء. كيف يمكن هذا؟

الفرضية الأولى: نحن لا نتحدث عن قيامة حرفية. ربما هذه كانت مجرد أسطورة ملهِمة ساهمت في تبرير نشر تعاليم يسوع الأخلاقية السامية. إن القيامة الحرفية تتناقض مع قوانين الطبيعة المعروفة. ربما يستطيع العلماء قبول فكرة أن روح يسوع تبقى حية بينما يبقى جسده في القبر.

لكن التلاميذ الأوائل يشهدون على قيامته بالجسد. أيمكن للكذب أن يدعم منطقياً شخص يسوع ذا الأخلاقية العالية؟ كيف استطاع الإيمان أن يحفظ الرسل خلال أقسى درجات الاضطهاد التي عانوا منها في تأسيس المسيحية؟ وهل يتفق الاحتفال بأسطورة مع النزاهة العلمية؟

الفرضية الثانية: نحن نؤمن حقاً بقيامة الجسد لذاك اليهودي من القرن الأول والذي يُعرف باسم يسوع الناصري. يعتقد زملائي المسيحيون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا – وملايين العلماء الآخرين في جميع أنحاء العالم – أن معجزة مثل قيامة يسوع ممكنة بطريقة ما.

ونحن نتبع تقليد طويل. إن مؤسسي الثورة العلمية والعديد من أعظم العلماء في القرون الفاصلة كانوا من المؤمنين المسيحيين الجادين. بالنسبة لروبرت بويل (موجد قانون الغاز المثالي، المؤسس المشارك للجمعية الملكية في 1660) القيامة كانت حقيقة. بالنسبة لجيمس كليرك ماكسويل (الذي تقوم الكهرومغناطيسية على معادلاته منذ1862) ، فإن التحليل الفلسفي العميق عمّق إيمانه بالقيامة. وبالنسبة إلى وليام فيليبس (الحائز على جائزة نوبل في عام 1997 عن أساليب حبس الذرات بالضوء الليزري)، فإن العلم لا يُفقِد القيامة مصداقيتها.

إن شرح كيف يكون العالِم مسيحياً هو أمر بسيط. لا يستطيع العلم أن يدحض القيامة ولا هو يضحدها. العلم الطبيعي يصف عمل عالم الطبيعة القابل للتكرار. في الواقع، إن المعنى الأساسي “للطبيعة”، كما أكد بويل ، هو “المسار الطبيعي للأحداث”. المعجزات مثل القيامة غير طبيعية بطبيعتها. سهل على العلم الحديث أن يخبرنا أن البشر لا يقومون من الموت. هذا عرفه الناس جيدًا في القرن الأول؛ مثلما عرفوا أن المكفوفين منذ الولادة لا يستعيدون نظرهم كبالغين، أو أن الماء لا يتحول فوراً إلى نبيذ.

قد يكون العلم زاد من قابلية العالم للفهم – رغم أنه في بعض النواحي يبدو أكثر روعة وغموضاً. ربما كانت الخرافات أكثر انتشارًا في القرن الأول مما هي عليه اليوم – على الرغم من أن أحلام عشاق الرياضة اليوم والاهتمام الواسع النطاق بصفحات النجوم يجعلني أتساءل أحيانًا. ربما كان الناس أكثر انفتاحا على إمكانية حدوث معجزات مما نحن عليه اليوم. ومع ذلك، فإن حقيقة أن القيامة كانت مستحيلة في سياق الأحداث العادية كانت واضحة في القرن الأول كما هي بالنسبة لنا.

في الواقع هذا هو سبب النظر إلى القيامة كدليل كبير على قوة الله.

على الأكيد، في وقت لا يستطيع العلم أن يحكم منطقياً باعتبار المعجزات أو رفضها، بإمكانه أن يكون أداة نافعة جداً في التحقيق بادّعاءات المعجزات في هذا العصر. قد يكون بإمكانه الكشف عن الانخداع أو التحايل أو سوء الفهم. إذا شوهد شخص ما يرتفع على ما يُفتَرَض أنه سجادة طائرة في غرفة المعيشة خاصته، فإن اكتشاف مغناطيس كهربائي قوي في الطابق السفلي قد يظهر لامعقولية مثل هذه الادعاءات. ولكن إذا فشل العلم في العثور على أدلة قاهرة، فلن يكون بإمكانه أن يقول، بطريقة أو بأخرى، أن الأمر قد حدث ولا يمكن تفسيره أو إثبات أنه معجزة. يعمل العلم عن طريق تجارب وملاحظات قابلة للتكرار. المعجزات، بحسب تعريفها، غير طبيعية وغير قابلة للتكرار، لذلك لا يمكن إثباتها بأساليب العلم.

إن النظرة المادية الواسعة الانتشار اليوم بأن الأحداث التي تتعارض مع قوانين العلوم لا يمكن أن تحدث، هي عقيدة ماورائية وليست حقيقة علمية. فوق ذلك، لا يحتاج العلم ليعمل إلى العقيدة القائلة بأن قوانين الطبيعة “غير قابلة للانتهاك”. يقدم العلم تفسيرات طبيعية لأحداث طبيعية، وليس له أي قوة أو حاجة لتأكيد أن الأحداث الطبيعية وحدها قابلة للحدوث.

إذا كان العلم عاجزاً عن قول كلمة الفصل فيما إذا كانت قيامة يسوع قد حدثت أم لا، فهل نحن عاجزون تمامًا عن تقييم معقولية الادعاء؟ لا. على عكس الرأي الذي تتزايد شعبيته، فإن العلم ليس هو وسيلتنا الوحيدة للوصول إلى الحقيقة.

في قضية قيامة يسوع، علينا أن ننظر في الأدلة التاريخية، والأدلة التاريخية للقيامة على نفس القدر من الجودة مثل أي حدث في التاريخ القديم تقريبًا. إن الطبيعة الاستثنائية لهذا الحدث وأهميته توفّران إطاراً فريدًا، ومن الصعب إثبات التاريخ القديم حتماً. لكن التسليم الصريح بأن العلم أظهر استحالة حدوث القيامة هو انقلاب فكري. لا يظهر العلم شيئاً من هذا القبيل.

الفرضية الثالثة: لقد تم غسل دماغي في طفولتي. إذا كنت قد قرأت إلى هنا وما زلت تتساءل كيف يمكن لأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن يؤمن جدياً بالقيامة، فقد تفترض أنني قد تعرضت لغسيل دماغي لأؤمن بالقيامة كطفل. لكن لا، لم أنشأ في منزل علّمني الإيمان بالقيامة. لقد توصلت إلى الإيمان بيسوع عندما كنت طالباً في جامعة كامبريدج واعتمدت في كنيسة كينغز كولدج على عيد ميلادي العشرين.

لقد اقتنعت بحياة يسوع المسيح وموته وقيامته في ذلك الوقت، ولم أزل على نفس القناعة.