حول كتاب ” تعامل الأهل والأولاد في العائلة المسيحيّة”

حول كتاب “تعامل الأهل والأولاد في العائلة المسيحيّة”

حديث للأم مريم (زكا)

في كنيسة القدّيس يعقوب – كفرحزير

11/ 4 / 2005

 

أبدأ بالقول إنّ كتاب “تعامل الأهل والأولاد في العائلة المسيحيّة” ليس فقط للأهل والأولاد. هو، في الحقيقة، لكل إنسان يحيا في المجتمع مسيحيّاً بحسب الإنجيل… والسؤال هو: ما الفرق بين أن نعامل الطفل باحترام وبين أن نعامل أخانا أو زميلنا في العمل أو في المدرسة باحترام ومحبّة وتشجيع وبكلمة من المسيح؟! لذلك أرجو أن لا نستعمل هذا الكتاب في العائلة بين الأهل والأولاد وحسب، ولكن أيضاً بين الجيران وفي العائلة بين الإخوة والأخوات وبين الأم والأب، وهكذا. لأنّ هذا يبني الإنسان في المحبّة المسيحيّة، وهو، في الحقيقة اتّباع لطريق المسيح وكيف يطلب منّا أن نحيا.

المسيحي إنسان موجود في هذا العالم، لكنّه، في الحقيقة، ليس من هذا العالم. أنتم تعرفون أنّ الربّ يسوع المسيح قال في الإنجيل: “أنتم لستم من هذا العالم”. الإنسان المسيحي لا يَسْبَح مع التيّار، أي هو لا يَلْحَق ما هو دارج. بل بالعكس هو يَسبح بعكس التيّار. هو لا يتصرّف كما يتصرّف العالم وكل أهل العالم، وذلك لأنّ الإنسان المسيحي مختلف، هو يتبع ناموس مسيحه وأحكامه. وهو يبقى إنساناً مختلفاً لأنّه يحيا في المسيح، في حبّ المسيح، في قلب المسيح، في فكر المسيح، في هاجس المسيح.

المسيحيّ لديه هاجسٌ واحد بعد أن يعرف المسيح وهو أن يحيا كما يوصيه الربّ يسوع المسيح في كتابه، في الإنجيل، في الوصايا. وهو يتعلّم من التراث ومن آبائه في الكنيسة، من الكهنة والشمامسة والمطارنة، ومن كل الذين يحملون التراث. وحتى لا يبقى هناك بُعْدٌ بينه وبين الإكليروس، عليه أن يتعامل مع أهله بحسب الإنجيل.

البعض، للأسف، يا أحبّة، يقولون إنّهم يصلّون فقط حين يذهبون إلى الكنيسة. يذهبون إلى القدّاس كل أحد ويتناولون، والبعض يصومون والبعض لا يصومون وذلك لأسباب معيّنة. لكن ليس هذا هو المطلوب وحده في الحياة مع المسيح… المطلوب من الإنسان المسيحي هو أن يَلْهَج، أي أن يكون نَفَسُه وروحه ونبض قلبه وحياته وحسّه في المسيح وللمسيح. وهو إذ يأخذ حياتَه من الربّ يسوع يصير نوراً. كما أنّ الربّ يسوع هو نور، فالإنسان أيضاً من المفتَرَض أن يصير نوراً من نور المسيح وبنعمة المسيح.

فكيف يمكن للواحد منّا أن يكون مسيحياً فائقَ الأمانة؟؟ انتبهوا إلى كلمة “فائق الأمانة”، أي أنّه يجب أن لا يكون أميناً وحسب. بل “مَن كان أميناً في القليل أُقيمه على الكثير”. إنّ ربّنا ينتظر منّا حركة صغيرة وأمانة صغيرة وذلك ليعطينا أضعاف الأضعاف حين نُجيبه إلى ما يطلبه هو منّا. وهو يطلب منّا أن نعمل معه ونجاهد لأجل خلاصنا، أن نحبّ لنَخْلُص. فإذا أحبَبنا المسيح أكثر وعشنا معه بحميميّة أكبر، أي صرنا أقرب إليه وتحدَّثنا إليه بتواتر واستمرار أكبر، فهو يعطينا خلاصنا… علينا أن نصغي بانتباه أكبر إلى أحكام الربّ، أن نبحث عمّا يريده هو منّا، لا ما نريده نحن وما يفرضه علينا فكرُنا وما يقوله لنا المجتمع، بل ما يقوله المسيح في هذا الشأن! ولنسأل دائماً: إن كان الرب يسوع حاضراً بيننا الآن، فهل يمكننا أن نتصرّف هذا التصرّف أو أن نعمل هذا العمل أو أن نتكلّم هكذا ونفكّر تالياً؟؟؟…

هذه هي الأمانة يا أحبّة، أن لا نُحزِن القدّوس، أن لا نُحزِن قلب الربّ يسوع. وتَعلمون أنّ في الكتاب المقدّس قولاً مهمّاً: “تكلّم يا ربّ إنّ عبدك يسمع”. الإصغاء، يا أحبّة، ليس أن نسمع صوتاً قادماً من الرّعد والبرق كما كان في العهد القديم، بل الإصغاء إلى الربّ يسوع هو إصغاء إلى الكلمة المكتوبة في الإنجيل وإصغاء إلى الروح القدس العامِل في الكنيسة في الأشخاص، في الناس، في مُحبّي المسيح وفي الذين يتبعون الربّ يسوع. وحين نسمع، يا أحبّة، لا يمكننا إلاّ أن نطيع. وأنتم تعلمون أنّكم إن كنتم كأهل تتعاطون مع ولد أو مع أخت أو مع أخ أو في البيت أو مع أزواجكم أو نسائكم، فإنْ كان أحدُهم لا يسمع فإنّنا نقول له: “اسمَعْ يا أخي”. ما معنى “إسمَعْ”؟ معناها أطِعْ وافْهَمْ ما أقوله لك!!! لذلك فالسماع معناه طاعة وفهم… فالطاعة لله مهمّة جداً لأنّه هو كان المثال الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، فرفَعَه الله وجَعَل اسمَه فوق كل اسم. ونحن نطيع الربّ ضمناً في القلب بصورة أوفَر ونَقْتَبله بانتظام أكبر، إن أطعناه في سرّ الشكر أي في المناولة المقدّسة. وحين نعمل كل هذه الأشياء، أي حين نحبّ المسيح ونعيش معه بحميميّة أكبر ونتحدّث إليه ونصغي إليه بانتباه ونطيعه ونقترب من الأسرار ومن سرّ الشكر ونصلّي صلاتنا الخاصة وصلاتنا العامة مع الجماعة، فإنّنا إن عمِلنا بواحدة من هذه وحسب فهي لا تكفي، بل إن عملنا كل هذه، عندئذ يصير بإمكاننا أن نعكس قوّة محبّته في حياتنا اليوميّة، وذلك لأنّنا نصير إشعاعاً للنور الذي أعطانا إيّاه هو والذي نأخذه منه. نعكس قوّة محبّته في حياتنا اليوميّة على نحو أكثر إشعاعاً وأكثر تمجيداً لاسمه القدّوس.

كيف نمجِّد الربّ يسوع المسيح؟؟؟… كثيرون منّا، بل كلّنا حين نعمل شيئاً ما، فإنّنا نحب أن نرى ما نحن فعَلْناه ممجداً ونحبّ تالياً أن يشكرنا الناس على ما نعمله. “أعطِ مجداً لله”. هذا كلّه يَحْدث لمجد ربّنا. كل هذه الكنيسة وهذا البناء والنقاوة والجمال والترتيل وكل الأعمال الصالحة والخِدَم هي لمجد الله. لأنّه حين يتمجّد الربّ في حياتنا فهو يمجّدنا معه. والآن كيف يمكننا أن نتبع هذه النقاط الخمس لكي تُثَبِّت حياتَنا في المسيح؟!…

لندخل في جوّ الكتاب… بما أنّ الأهل هم الذين أعطوا الحياة لأولادهم فعليهم يقع واجب التربية. العائلة، يا أحبّة، هي المدرسة الرئيسية التي يتعلّم فيها الأولاد الفضائل الإجتماعية الضرورية لكل مجتمع. حين نرى ولداً يتصرّف بشكل جيّد فإننا نقول: “ألا رَحِم الله أباه وأمّه” أو: “ألا رَحِم الله مَوتاه”. وحين نرى ولداً أو شاباً أو إنساناً في المجتمع يتصرّف بشكل سيّء، فإنّنا نقول: “مسكين لم يكن هناك أحد ليُرَبِّيه”. وثانياً، كل الأهل يجب – وانتبهوا لكلمة “يجب” – يا أحبّة أن يكونوا عرّابين لأولادهم. نحن نظنّ أنّ عمَلَ العرّاب، أن يقف بجانب الكاهن في الخدمة أو المعمودية أو الإكليل وأنّ مهمّته تنتهي هناك. لا، فالعرّاب هو مَن يكون مسؤولاً عن الطفل المعْتَمِد أو عن المتزوِّجَين. إذاً، الأهل هم عرّابون لأولادهم، وهم، حسبما يقول الأب كونياريس في هذا الكتاب، الكهنة والوُعّاظ الأوائل. أي أنّ الأب والأم أو الخالة أو العمّ أو العمّة إذا كان لديهم المسيح في قلبهم، يُرَبّون جيلَ أولادهم وأولاد أولادهم على المسيح. هم الذين يعِظونهم في الإنجيل ويعلِّمونهم كيف يجب أن يتصرّفوا. والعِظات أو المشورات التي يعلّمها الأهل للأولاد لا يمكن أن تُمحى من ذهن الولد. أنا أعرف من كل الذين تَقَدّموا قليلاً في العمر، القول التالي دائماً: “ألا رَحِم الله أبي أو أمّي الذين علَّموني الفضيلة الفلانية أو الذين علَّموني طريقة الصوم أو الإعتراف، الذين علَّمونا أن نذهب إلى الكنيسة ونحترم الكاهن ونسأله”… الأهل يعودون دائماً إلى ذكريات تربيتهم، كيف علَّمهم أهلُهم في البيت. إذاً هذه هي مسؤولية الأهل الأولى وهي أن يكونوا العرّابين والمعلِّمين والوُعّاظ لأولادهم، وذلك ليأتوا بهم إلى المسيح ويُعلِّموهم المسيح ويُفْهموهم ما مشيئة الربّ في حياتهم… والولد كالإسفنجة التي تُرمى فتلتقط ما حولها. فإذا كان هناك خيرٌ عند الأهل فإنّ الأولاد أيضاً سوف يكون عندهم خير، وإذا لم يكن هناك خير عند الأهل فإنّ الأولاد يتعلّمون من أهلهم ما رأوه أمامهم. لذلك فمن المفترض أن يرى الطفل في أهله بدءاً وأولاً صورةً للمسيح وإيقونة المسيح. إنّ التعامل بين الأب والأم بمحبّة واحترام يَنْغَرسان في قلب الأطفال… فالأولاد الذين يتربَّوْن في بيت حيث يتشاحَن الأب والأم ويتشاجران ينمو الأولاد عصبيّي المزاج ولا يتكلّمون مع الناس إلاّ بالصراخ، ومع بعضهم البعض أيضاً أو في المدرسة أو في العمل أو في الجامعة أو حيثما يذهبون. هذه تصبح طريقة تعاطيهم مع بعضهم البعض، لأنّ هذه هي المعرفة التي التقطوها إذ نشأوا عليها فانغرست في حياتهم.

النقطة الثالثة المهمّة جداً في التربية المسيحيّة، هي: عاملْ الإنسان بطريقة أفضل ممّا تراه فيه من مَزايا، وهذا الولد سوف يتحسَّن. أي قُلْ للولد: “أنت ذكي وتَفهم، يا ماما أو يا بابا، لماذا يا حبيبي أنت لا تبذل جهداً؟ ما الذي يزعجك؟ ما هو الذي يؤثّر عليك؟” فيحسّ الولد إذ ذاك، أنّه إن كان أباه أو أمّه يقولان له إنّه شاطر وذكي وسوف يأتي بنتيجة جيّدة، فهو سوف يأخذ هذه الفكرة عن نفسه ويتصرّف هكذا… دعونا نذهب إلى أبْعَد من هذا، فالإخوة الكبار في البيت أو مع زملائهم في العمل ومع رفقائهم في المدرسة، إن عاملناهم باحترام وجعلناهم يشعرون أنّ عندهم فضائل – رغم معرفتنا تقصيراتهم – وإنْ مدحناهم بعض المديح وشجّعناهم على عمل البِرّ والخير، فإنّهم سيلتقطون هذا وسيتصرّفون بمقتضاه… إذاً، نحن نوحي ونغرس في الآخرين طريقة التعامل، السلبية أو الإيجابية. فإنْ انطبَعْنا برأي أهلنا، أنّنا بشرٌ أو أولاد فاشلون، فإنّ الولد يصير إنساناً فاشلاً. وإذا عامَلَنا أهلنا وكأننا ناجحون؛ رغم تقصيرنا، لأنّنا في بعض الأحيان نكون مقصِّرين، أو يكون لدينا خطايا، أو نرتكب خطأ ما، أو نُصِرّ على موضوع بشع جداً، فإنّنا سننجح. تعرفون أنّ هناك خطايا في الإنسان الساقط الذي فينا. وهذه الخطايا قد لا تكون موروثة من الأهل لكن يحمل الإنسان أثراً كبيراً للوراثة… هناك أموراً يتعلّمها الولد. تعلمون أنّ الولد يسرق ويستحلي، وهو لا يعرف بَعْد الأحكام، أي ما هو جيد وما هو سيّء. فإذا ضرَبَه الأهل وصرخوا في وجهه قائلين: “لِمَ فعلت هذا، كان يجب أن تفعل كذا وكذا، أنت أزعر وسوف تفضحنا بين الناس”، فإنّ الولد سوف يسقط ويخاف أن يخبر أهله ولا يعود يقول الحقيقة… بينما إن قالوا له: “يا بابا أو يا ماما، ما تفعله يا حبيبي، هذه الكذبة الصغيرة أو التصرّف السيّء أو الضرب أو الطريقة الخاطئة في التعامل، أنت ابن أناس أوادِم وسوف تصير إنساناً محترَماً في المجتمع وستعيش حياة جيدة في المجتمع وسوف يتعلّم الناس منك وتصير قائداً في المجتمع”، فإننا نرفَعُه، إذ ذاك، من مستوى الأرضيات إلى المستوى الأعلى فيصير إنساناً ناجحاً. هذا مهمّ جداً في تعاطينا مع الأولاد… صدّقوني يا أحبّة، أنّه ليس هناك ولد فاشل. الأهل هم المسؤولون عن فشل أولادهم. إمّا أن نعلّمهم ونجعلهم فاشلين وإمّا أن نَسْحَبهم من جوّ الفشل الذي قد صاروا مطبوعين فيه. فإنّ الأهل قد ينجبون ولداً ثانياً وثالثاً ولا يكونون قادرين على إعطائه الوقت والحنان أو المسؤولية كما يكونون مسؤولين عنهما كمسؤليتهم عن الولد الأول. قد تَنْعَجق الأم إذ ليس لها مَن يساعدها فتهمِل الأولاد ويتعلّمون الخِصال البشعة من الشارع حيث يلعبون أو من المدرسة. والأكثر بشاعة من هذا أنّهم يتعلّمون هذه الأمور من التلفزيون الذي نضع أولادنا ساعات من الوقت أمامه لنُلْهِيَهم به فتكون لدينا الحرية لنذهب ونعمل. هذا الأمر يؤثّر على أولادنا كثيراً فيتعلّمون الأخلاق والأحكام والتصرّفات السيّئة والعنف والحرية والفلتان. والسبب هو أنّ الناس لم يَعُدْ لديهم غذاءٌ روحي يغتَذون به من الإنجيل ومن الحياة المسيحية. إذاً، نحن مسؤولون عن الفشل وعن النجاح عند أولادنا.

علينا دوماً، أن نُغَرِّز ما هو صالح في الأولاد. إذا رأينا خَصْلَة واحدة صالحة، عملاً جيداً صغيراً عملوه، يجب علينا أن نركّز عليه: “برافو، هذا شيء عظيم ومشكور، ألا قوّاكَ أو قوّاكِ الله”. بهذا يعتاد أن يكون أولادنا أفضل ويسيرون إلى الأمام في المجتمع… هل تعلمْن أنّ الربّ يسوع ينظر إلى كل واحد منّا نحن الخطأة ويرى فيه مشروع قدّيس؟؟؟ ربّنا لا ينظر إلى أيّ إنسان كخاطئ ولا يحاسبه على خطيئته. لأنّ الرسول بولس قال: “الربّ يسوع أتى إلى الخطأة الذين أنا أوَلهم”. والربّ يسوع قال أيضاً: “أنا أتيت إلى الخطأة لا إلى الأصحّاء”… هو يأتي ليَشفينا، والجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. لا أحد منّا ليس تحت الخطيئة، وكلّما اقتَرَب الإنسان من يسوع المسيح كلّما أحسّ أنّه خاطئ بالأكثر. لأنّه “بنورك نعاين النور”، فنرى كم يوجد من النتَن في هذه النفس وكم فيها من الاحتيال وحبّ الظهور والأنا والكبرياء والتسلُّط إذ تريد أن تفرض مشيئتها، وكم فيها من الأنانية وحبّ للشهوات وللبطن. هذه كلّها لا نراها من دون أن نعرف المسيح… لا يمكن لأيّ إنسان أن يبصر الخطيئة التي فيه من دون إشعاع ونور الربّ يسوع المسيح. ولذلك فإنّه إن كان الربّ يسوع يرى فينا نحن الخطأة مشروعَ قدّيسين، فبهذه الطريقة، يجب أن نتعاطى مع بعضنا البعض ومع أولادنا.

إنّ الله عنده إيمان كبير بنا. لسنا نحن فقط مَن يؤمن به، بل هو أيضاً يؤمن بنا، أننا مشروع قدّيسين. ولذلك تجسّد وصُلِب من أجلنا ومات من أجلنا، ليجعلنا قدّيسين. “كونوا قدّيسين كما أنّ أباكم السماوي هو قدّوس”. هذا هو المَطْلَب لكل واحد منّا.

المهم، أن نتخطّى دائماً الأخطاء التي يرتكبها أولادنا وأن نبدأ بإعطائهم الثقة بأنّه يمكنهم أن يكونوا أفضل إذا جاهدوا. وهنا نعلِّمهم ما يُصِرّ عليه آباؤنا في الكنيسة وكل القدّيسين الذين سبقونا… أي موضوع الجهاد. “أنت تحاول جُهْدَك، وتحاول أن تعطي أفضل ما يمكنك، هيّا أنا معك، أُساعدك، هيّا يا بابا أو يا ماما نحن معك ولدينا ثقة بك، جاهد، إعمل أفضل”. وإذا رأى ابننا أو بنتنا أنّهما تحَسَّنا فلنُشَجِّعهما، “برافوا”… هذا ما يجعل الإنسان يمشي إلى الأمام، لأنّ هناك مَن يحبّه. والمحبّ يعطي الثقة دائماً للمحبوب.

النقطة الخامسة هي أنّ الأولاد ليسوا بحاجة إلى شيء من أهلهم. هذه الأيام، نحن نُحضِر الهدايا لأولادنا في عيد الميلاد وعيد الفصح وفي أعياد ميلادهم ونرى ما هو رائجٌ في السوق من ثياب وألعاب و Celluler  و Computer ونأتيهم بها. لكن هل نحن، يا ترى، نعطيهم من وقتنا؟ نحادثهم نجلس معهم، نصلّي معهم أو نأكل معهم، أو نخبرهم عمّا فعَلنا خلال النهار، أو نفتح لهم المجال ليتعلّموا كيف يتكلّمون معنا ويحاورونا؟ وذلك لنقول لهم: “لا يا بابا أو يا ماما، هذا جيد فعله أو هذا لا يجوز لأنّه يضرّ بك وبالآخرين، هذا نعمله وهذا لا نعمله”، بحسب الوصايا في الإنجيل؟ سؤالي الكبير، الذي أسأله لكل الناس الذين يأتون إلى ديرنا لِيَسْتَرشدوا ولأولادنا الروحيّين هو: هل المسيح موجود في بيوتكم؟ فيجيبون: “نعم بالتأكيد فلدينا الكثير من الإيقونات”… حسناً، هل المسيح موجود في بيوتكم، في تعاملكم مع بعضكم البعض كرجل وامرأة ومع أولادكم وجيرانكم. هل توجد، يا ترى، كلمة لطف ومحبّة وإشعاع وتهذيب؟؟؟ وتسامُح وعطاء جَدِّيّ بين بعضكم البعض؟؟؟ هل هناك سماع أو تنبيه؛ أي، أنّ هذا ما يمكننا قوله نحن كمسيحيّين، أمّا ذاك فلا يمكننا قوله؟؟؟

إذاً يجب أن يجلس الأهل مع أولادهم وذلك ليُحسّوا بحنانهم ودفئهم. لأنّه لا أحد أكثر منكم يعرف كم العالم قاسٍ… نحن نعرف الكثير لكن أنتم تعيشون قسوة المجتمع أكثر منّا… صارت هناك قسوةٌ كثيرة سواء بين الجيران أو في العمل، حتى وفي المدارس أو على شاشة التلفزيون أو في تعاطي الناس فيما بينهم… فالولد يعود من المدرسة وأتساءل كم سَيَكبُر براحة إذا لم يشعر أنّ أهله يحتضنونه. والرجل والأمّ اللذان يعملان طول النهار يجب أن يأتيا إلى البيت ليجتمعوا كلّهم كعائلة. فالكنيسة أولاً، ليست هنا في الحجر، بل الكنيسة الحقّ هي بدءاً في المنزل، وقبل البيت هي في القلب، في حضرة الربّ يسوع في القلب… هذا إنْ جسَّدْناه، فإنّنا نخلُق كنيسة المسيح في قلوبنا ومنازلنا… وهذا هو المطلوب من كل عائلة مسيحيّة، أن تكون هذه العائلة مبنِيَّة على أسس الإنجيل وعلى حضرة الربّ يسوع المسيح فيما بينها بالتعامُل والتعاطي فتخلق هكذا المجتمع الأفضل.

الأولاد بحاجة لأهلهم، لمحبّتهم وثقتهم – هذه ذكرناها في النقاط السابقة – ولوجودهم معهم وللتّواصل فيما بينهم، وعلى الأهل أن يتعلّموا أن يصغوا إلى أولادهم.

دعونا نعلِّق على النقطتين الأخيرتين: مَن منّا، يا أحبّة، لديه الوقت ليجلس ويتكلّم مع أولاده وذلك ليعلِّم الولد كيف يتكلّم ويفتح قلبه ويرى ما يوجد في الداخل من خَبايا ومخاوف يلتقطها الطفل من المجتمع ومن الطريق والتلفزيون ومن أخلاق الناس والإعلانات التي على الطرقات وممّا يراه في المدرسة أو الجامعة أو العمل؟؟؟ كم يحتاج الولد أن يأتي إلى دفء أهله ليتحدّث معهم… وحين يتكلّم الأولاد، من المهمّ جداً، أن يسمع الأهل. من المؤكَّد أنّكم تتذكّرون في هذا الكتاب الولد الجامِعي الذي كان معَذَّباً جداً كيف أتى وأيقَظَ أهله الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فقام والداه وجلسا في سريرهما وسمعا له… تكلَّمَ مدّة ساعة وبعد ذلك قال لهما: أنا أشكركما. لم ينطقا بأيّة كلمة، بل أصغيا إليه. أحسَّ أنّ هناك أناساً يحبّونه ويصغون إليه وأنّه يفرِغ كلّ همّه وألمه في حضن حنون وفي أذُن مُصْغية. هناك خَصلة موجودة عند الأجانب أكثر من وجودها عندنا، وأنا أعرفها من الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات التي أذهب إليها في الغرب، وهي أنّ الأهل يعاملون أولادهم بالكثير من الاحترام… يُصغون إلى الولد ويسألونه عن رأيه. قد لا يَعمَلون بما يقوله لهم، لكنّهم يسألونه عن رأيه. يجعلون الولد يحسّ بأنّه جزء من هذا المجتمع، من هذا البيت… يتركون له الحرّية في أن يعَبِّر، وبالتأكيد هم يُنبِّهونه فيما بعد، لكنّهم يصغون إليه… والإصغاء في غاية الأهمية لأنّه يجعل الأطفال يعرفون أنّ أهلهم يحبّونهم.

وأيضاً، إذا رأينا أنّ الأولاد كَبُروا دون أن يعرفوا كيف ينسجمون مع الناس أو يتعاطون معهم وأنّ علاقاتهم صعبة جداً سواء في المجتمع أو الكنيسة أو في الدير، علينا أن نعرف أنّ علاقة أهلهم بهم لم تكن جيدة وأنّهم لم يحبّوهم بشكل كافٍ ولم يعطوهم الحنان بشكل كافٍ. فأنتم الذين تعرفون يجب أن تملأوا هذا النقص الذي لم يأخذه الأولاد في بيوتهم… وتتّخذوهم كعائلة الكنيسة، كعائلة المسيح الواحدة… علينا أن نُعين بعضُنا بعضاً، كعائلة المسيح، ذلك ليس فقط في البيت، فبيتنا الأساسي هو هنا، في الكنيسة، مع الكاهن ومع بعضنا البعض، هذا ما يجعل منّا مجتمعاً مسيحياً… انتبهوا، نحن بحاجة لأن نكون مجتمعاً مسيحياً، نحيا في الإنجيل، في كنيستنا وفي صلواتنا… هذا هو المجتمع الحقيقي مجتمع الإيمان والحبّ والرحمة…

كل الذي ذكرناه، يا إخوة، يتمّ إذا كان المسيح هو عمود البيت ورأسه… في خدمة الإكليل يقولون: “الرجل رأس المرأة كما المسيح رأس الكنيسة وهو يبذل نفسه عنها”. لا يمكن لأحد أن يكون رأساً لأحد إلاّ إذا أحبّه حتى الموت… كان الرجل يتسلّط على المرأة، أما الآن فقد صارت المرأة تعمل. كان يتسلّط عليها لأنّه كان يؤمِّن لها معيشتها، أمّا الآن فقد صارت المرأة ذكيّة ومتعلّمة وذات فَهْم وتملك مالاً. نحن نترأس على الآخر بالحبّ فقط… حين نبذل أنفسنا عن الآخر حتى الموت، حين تبذل المرأة نفسها عن رجُلِها وعن أولادها وحين يبذل الرجل نفسه عن زوجته وأولاده كما بذل المسيح نفسه عنّا، فهذا يجعله الرأس… لا رأس إلاّ في الحبّ.

على الأب، أن يحيا على صورة المسيح ليقود بيته إلى الكنيسة، إلى تطبيق الوصايا الإنجيلية. وعلى الأب أن يكون ابنَ المسيح لا ابن المجتمع… نحن جماعة الكنيسة يجب أن نَفْصل أنفسنا على التخلُّق بأخلاق المجتمع. نحن علينا أن نتخلَّق بأخلاق الإنجيل وبأخلاق المسيح في الوصايا الإنجيليّة.

والسؤال الآن هو: كيف يتعلّم الطفلُ المسيح؟ كيف نُشَرِّقُه المسيح في البيت؟ أولاً بمراقبة والدته. سبَقَ أن تحدَّثنا عن دور الأب، لكنّ دور الأب يتوقّف لأنّه يذهب ليعمل. أمّا الأم فرغم أنّ لديها عمل، لكنّها تبقى مع أولادها مدّة أطول. يتعلّم الطفل المسيح بمراقبة أمّه وهي تصلّي كل يوم أمام إيقونة العائلة في البيت، وذلك حتى تصير هذه العائلة بيتاً مِحْوَره الله. وعند ذلك، يَحظى الأهل باحترام أولادهم والأولاد بتفَهُّم والديهم، بهذا النبَض الحيّ لوجود المسيح. علينا أن نحترم الهبة والعطيّة التي أعطانا إيّاها ربّنا وأن نلتقط الأحسن، الإشعاعات الإيجابية، وأن نعيش لأجلها ونجعلها تحيا في المنزل لتنمو وتكبُر إلى المجتمع…

بهذه الطريقة، نَبْني أولادنا من الداخل، بالمحبّة والثقة والإيمان بالربّ يسوع. والمحبّة هي لا أن نُغرِق أولادنا بالهدايا بل أن نعطيهم قِيَم الحياة المسيحيّة… والثقة؛ أن نحاورهم في كل أفكارهم وأن نصلّي معهم لِصُنع مشيئة الله ولاقتبال ما يقوله الله في حياتهم وفي حياتنا. والإيمان بأنّ الربّ يسوع يَمنَح لكلّ إنسان متَّكِل عليه فرادةً شخصية، لكي يصير هو على مثاله، لا لأن يَنْجَرّ إلى تقليد المجتمع وكأنّه نسخة عن المئات لا بل عن الآلاف من الناس في المجتمع… إذاً، علينا أن نعلِّم أولادنا بالمحبّة وأن نعطيهم الثقة. وأن نعلّمهم الإيمان بالربّ يسوع المسيح وأن يكونوا فريدين في كيانهم…

انظروا أيّة محبّة أعطانا الربّ بأن نُدعى أولادَه. والإنسان حين يعرف نفسه بأنّه محبوب من الله، بهذا المقدار، فهو يبتعد عن الخطيئة. والإنسان لا يعرف أنّه محبوب من الله، إلاّ أذا أحبّه الناس الذين حوله، في العائلة والمجتمع والكنيسة. والله يحبّنا ويغفر لنا كلّ خطايانا إذا تُبْنا إليه… وهكذا فإنّه ينبغي على الأهل أن يعاملوا أولادهم على مثال ما يعامل الله الخطأة التائبين إليه…

النقطة الأخيرة التي لن أتكلّم عنها كثيراً لأنّكم تعرفونها وهي: أرجوكم أن لا تجلسوا كثيراً أمام التلفزيون وأن لا تُجْلِسوا أولادكم كثيراً أمامه. وإنْ أردتم أن تجلسوا أمامه فلا يكن ذلك لأكثر من ساعة، واختاروا البرامج التعليمية التي تفيد القلب والروح والنفس، وليس أيّ شيء يُعرَض في التلفزيون من أفلام تعلِّم الاحتيال والكذب والسرقة والغشّ في العلاقة بين الرجل والمرأة، أو تعطينا صورةً أحلامية كاذبة عن الغنى، وتعلّمنا الحرّية والفسق… انتبهوا لأولادكم فأنا أعرف عدّة حوادث يأتي الناس ويقولون لنا: إنّهم اكتشفوا أنّ أولادهم يستيقظون في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، ليشاهدوا فيلماً سيّئاً جداً من الناحية الأخلاقية. هذا ما يقدّمه لنا التلفزيون… فنحن يجب أن نصير تلفزيوناً خاصاً لأولادنا. وهذا لا يعني أن نقول لهم بأن لا يتعرّفوا على ما يوجد في العالم… لا، نحن نريدهم أن يعرفوا ما هو موجود في العالم ونريدهم أن يختبروا، لكن يجب أن نُحَصِّنهم بخطوط دفاعية. وهل هناك بيت بدون باب أو سور أمامه. الباب والسور علينا نحن أن نعطيهما لأولادنا ولبعضنا البعض، وذلك حتى نكون في البيت مع المسيح وفي الكنيسة مع المسيح، وحتى نحمل المسيح في قلوبنا ونأخذه معنا إلى المدرسة والعمل والجامعة وأينما كنّا، حتى نصير، حقيقة، عائلة المسيح في بلد لا يعرف كثيراً أنّ المسيح حيّ…

وفُتح المجال لطرح الأسئلة…

1  –  هل ينفع التأديب والتوبيخ في التربية؟

يقول الرسول بولس: أدِّبوا أولادكم ولا تُغيظوهم. وفي العهد القديم ورد: “مَن يحبّه الله يؤدِّبه”. إذاً هناك تأديب. وقبل ذلك ورد في كتاب الحكمة: “رأس الحكمة مخافة الله”. أي هناك خوف وهناك تأديب. لكن التأديب، يا أحبّة، لا يأتي كفشّة خُلق. فالمشكلة هي أننا نخلط بين التأديب الحقيقي وبين فشّة الخلق. إذا كانت الأم غاضبة فهي تفشّ خلقها بأولادها، وكذلك الأب إذا كان غاضباً. والرجل يفشّ خلقه بزوجته أو المرأة بزوجها، أو يضرب الأولاد بعضهم بعضاً. والسبب هو أنّه ليست لديهم طاقة للحوار.

نحن في البداية نُفْهِم أولادنا في شأن خطأ ما يرتكبونه ونحاورهم ونُنَبِّههم مرّة ومُثنّى وثلاث. فإنْ لم يفهموا فإنّنا إذ ذاك نؤدِّب. والقصاص يجب أن لا يكون نابعاً إلاّ من قلب محبّ وخائف على الولد. “ليؤدِّبني الصدّيق برحمة ويوبّخني”. إذاً هناك تأديب، لكن كيف وعلى أيّ أساس؟ عليه أن لا يكون أبداً فشّة خلق ولا يكون من أول مرّة. مثلاً إن أتى الولد وقد اقترف خطأ ما في المدرسة أو كان سارقاً أو كاذباً أو قد مزَّق ثوبه أو ضرب رفيقه أو اقترف أيّ شيء، وقد جاء وهو يبكي، فإنّنا نتلَقَّفه بحبّ ونقول له: “تعال اجلس يا حبيبي”. ونفسِّر له لماذا وكيف، “هذا يجوز وهذا لا يجوز، هذا جيّد وهذا سيّء، لأجل مستقبلك ولأجل الولد الآخر”. يجب أن نعلّمه كيف يحبّ الآخر وأن يحبّ نفسه من خلال محبّته للآخر، وذلك حتى لا يخطئ لأنّه وعْدٌ كبير للمستقبل وحتى يكون إنساناً ناجحاً في المسيح وفي المجتمع وذلك ليُظهر صورة المسيح. وأعود فأُذكِّر هنا أننا نحن الشرقيّين عصبيّي المزاج كثيراً. المسيح وحده، يا أحبّة، يجعلنا نهدأ، والصلاة وحدها. مَن يتّكل على صلاته الشخصية اليومية القائمة على فتح قلبه للمسيح وعلى صلاة يسوع التي نحملها معنا طول النهار سواء بالمسبحة أو بدونها: “يا يسوع خلِّصني، يا يسوع قوِّني، يا يسوع هدِّئني، يا يسوع ارحمني وشدِّدني، أنا في خوف، يا والدة الإله”. وإلى أين يذهب الإنسان؟ يصير كلّه ذَوْبَ محبّة. ومع ذلك فإنه إن غَضِب فهو يعتذر على الفور… من المهم جداً أنّه إنْ أخطأ الأهل تجاه أولادهم أن يتعلّموا أن يعتذروا من أولادهم. لا شيء يعطي الولد ثقةً بأهله كاعتذارهم منه، مثلاً إن أخطأ الأب فهو يقول: “سامحني يا بابا فقد أخطأت، كنتُ غاضباً وتكلَّمتُ بهذه الطريقة”. أو “سامحيني يا ماما أو سامحني يا ابني فقد ضربتُك لأنّي كنتُ غاضباً”. اعتذار الأهل من أولادهم يجعل الأولاد يحترمون أهلهم ويحترمون المسيح الموجود في أهلهم. صدِّقوني أنّي أعرف عائلات يطيع فيها الأولاد أهلهم حتى الأخير لأنّهم مثالٌ أمامهم، وهم يَرَونهم في كل ما يعملون وعملهم يكون بتقوى… إذا زرعنا حسّ التقوى في قلوب أولادنا فإنّ موقف أولادنا معنا يصبح هكذا.

2  –  أُريد أن ألفُت النظر إلى شيء أساسي وهو أنّ التلفزيونات، كما نعرف، هي مؤسّسات خاصة. وهناك مخطّط عالمي لإفساد البشر، هناك مخطّطاً شيطانياً لتفكيك البيت والعائلة والمجتمع المحافِظ. وأنتم تعرفون أكثر منّي كم هي المحاربة للإنسان المؤمن ضمن مجتمعه. فإذا لم يكن الإنسان محتالاً يقولون له: هل أنت هبيل؟ يأتي إلينا الكثير من الناس ويقولون لنا: “أرجوكم علِّمونا كيف نعيش؟”

الإنسان الآدَمي ليس له خبز في المجتمع. فإذا كان هذا هو المخطَّط العام وإذا كانت هناك أموال من الخارج تسيطر على التلفزيون وعلى حياة الجماعة وتفكيرهم، وذلك ليقودوا الإنسان من أن يكون إنساناً روحانياً ليجعلوه إنساناً مادياً، يحب المال… فإنّهم يُمَرِّرون كل القذارات إلينا في المجتمع. أنتم لا تعرفون كم هو كبير خوفنا من التلفزيون لأنّه يطبع الذهن برؤى ومشاهد وانفعالات لا يعود بإمكان الواحد منّا أن يسيطر عليها. إنْ وَضَعتَ إنساناً لا يدخِّن في مجتمع يدخِّن، فهو سيأخذ ثلثي الدخان الموجود في الغرفة إذ يستَنْشِقه ويدخل في رئتيه. فإذا وُجِدْنا في مجتمع مُنْفَسد فإننا سنُفسد.

أمّا ضبط الدولة للتلفزيون فهو ضعيف جداً. هناك رؤوس أموال ضخمة. وأنا أعرف أنّ أناساً من الكنيسة قد حاولوا التكلّم مع بعض شبكات التلفزيون أو الجرائد في شأن الإعلانات التي تضعها، فكان جوابهم: “هل تريدون أن تقطعوا مصدر رزقنا؟” وأيضاً المسؤول السياسي لا تهمّه هذه الأمور. ونحن لا يمكننا أن نضع المسؤولية على الآخر… أنا خطِئت والخطأ يقع عليّ أنا وعلى الأهل والبيت والعائلة وعلى التربية. ومن المؤكَّد أنّ هناك مخَطَّطاً في المجتمع يجب أن يكون المسؤولون مسؤولين عنه. المسؤولون الدينيّون والاجتماعيّون لهم دور، لكنّ الدور الأهم والأكبر هو في البيت وفي التربية وهو قبل المدرسة. البيت والكنيسة ثمّ المدرسة ومن ثمّ المجتمع. حين يكون هناك مسؤول في البيت وتربية بيتيّة تجعل الإنسان يكبر كجندي للمسيح، فإنّ المجتمع كلّه يتغيّر في غضون خمس وعشرين سنة…

أنا أشكركم على سماعكم وأهلاً وسهلاً بكم.

شكراً

Leave a comment