ناس من كراسٍ

ناس من كراسٍ

الشمّاس ثيوذوروس الغندور

 

أجدني اليوم متذكرًا قول الله للإنسان يوم خلقه “إنك تراب والى التراب تعود” (تك 14:3)، وذلك أمام هذا الصراع المستميت الذي نشهده في بلدنا العزيز لبنان في هذه الأيام جرّاء الإستحقاق الرئاسي الذي آمل أن يمرره الله بسلام وتوافق. وكأن هناك من الناس الذين يعرفون أنهم من تراب والى التراب يعودون وآخرون لا يأبهون سوى لكونهم من كراسٍ والى الكراسي يعودون.
الذنب قد لا يكون ذنب هؤلاء أنفسهم، بقدر ما هو ذنب النظام المتّبع في هذا الوطن والذي يجعل من السلطات تعيد إيلاد نفسها في كل حقبة عبر أبناء الزعماء وأحفادهم وأحفاد أحفادهم الى ما لا نهاية. فما ذنب مَن وُلد زعيمًا على كرسي ولم تدس قدماه ترابًا، أو كيف لمثل هذا أن يذكر أنه من تراب والى التراب يعود فيما هو على الكرسي وعلى الكرسي سيبقى.
في بلدي ناسٌ من تراب وناسٌ من كراسي والمشكلة أن غبار ناس التراب لا يؤثر على ناس الكراسي كونهم ينفضون عنهم الغبار بين الفينة والفينة، فيعود الغبار الى التراب دون تأثير يُذكر ويبقى مَن على الكراسي وكأنه لا غبار عليه. ولا يخاف ناس الكراسي إذا ازداد تصاعد الغبار لأنهم على يقين من مساعدة حلفاء الخارج في تنظيف الغبار بقوة الريش الذي يُشبع الغبار ضربًا حتى يخضع للأمر الواقع ويعود ليلتصق بالتراب تحت أقدام الكراسي ومَن عليها.
صراع يستمر ويستمر ما دام الإنسان متناسيًا أن الجميع من تراب والى التراب يعودون وما دام هناك مَن يعتقد أنه من كراسٍ والى الكرسي يتوق.

Leave a comment