القداسة

القداسة

القديس يوحنا مكسيموفيتش

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

القداسة هي ثمرة تعب الإنسان وعطية من الروح القدس. لا يبلغ إلى القداسة الإنسان إلا الذي يحمل الصليب ويخوض باسم المسيح حرباً ضد ما يحول دون القداسة وما يعيق التقرّب من المسيح. هذه العوائق هي الخطايا والعادات السيئة المتجذّرة بقوة في النفس. إن النضال ضدها عمل أساسي للمسيحي، وبقدر ما يطهّر نفسه يتلقّى الروح القدس.

علّم القديس سارافيم عن إحراز الروح القدس، وهو قد اكتسبه حقاً، إذ إن والدة الإله تعرّفت عليه على أنّه من خاصتها. والمؤمنون الساعون بصدق إلى الحق والنور، كما كان موتوفيلوف، بسبب تقواهم، رأوا كيف أن هذا المرضي لله العظيم لمع بنور القداسة.

كم هي متنوعة طرق القديسين إلى القداسة! عند عرش الله، أول الواقفين هي والدة الإله الأرفع مجداً من السارافيم، ومعها كل الملائكة ورؤساء الملائكة الثابتين بإخلاص في الصراع الرهيب الذي أثاره ضد الله الملاك الأكثر لمعاناً بينهم، لوسيفر، التي تعني حامل النور، الذي هو الآن الشيطان، أي المرمي أسفل إلى أعماق الظلمة. في هذا الصراع، اقترب الملائكة المشرقون من الله لذا يستحيل عليهم التراجع أو الافتراق عنه.

كل الذين يرضون الله هم مثل الملائكة بمحبتهم وإخلاصهم. فهم، مثل الملائكة تماماً، أعلنوا الحرب ضد قوى الظلام وتقوّوا بمحبة الله. كل أنبياء العهد القديم عاشوا هذا الصراع. عندما ساد الكفر أُهمِل ناموس الله. لقد اضطهدهم العالم لأنهم تدخّلوا في حياته الخاطئة. اختبئوا في “أسافل الأرض”. أبغضهم العالم. النبي إشعياء قُطِع إلى اثنين بمنشار الحطب، والنبي إرمياء رُمي في مستنقع. وفي هذه الأجواء وقفوا ثابتين في الإيمان والإخلاص. كل الأبرار كانوا حزانى في العالم لأنهم كانوا غرباء عن العالم الأثيم. كل الرسل تالّموا بطريقة أو بأخرى. الأبرار ذهبوا إلى الصحراء. ما الذي جعلهم قديسين؟ الآلام؟ العذاب وحده لا يصنع قديسين بل السعي إلى الله، محبته، والجهاد لتخطّي العوائق على درب القداسة، التي هي ثمرة جهاد الإنسان ومنحة من الروح القدس.

Leave a comment