إلى راهبة في يوم ارتدائها الإسكيم الملائكي – 1

إلى راهبة في يوم ارتدائها الإسكيم الملائكي – 1

نيكيفوروس ثيوطوكس

نقلها إلى العربية الميتروبوليت افرام كرياكوس

“يا بني أعطني قلبك” أمثال 23:26

إلتصاق الفكر بالله

مشهدٌ سماويٌ مبهجٌ للغاية. اليومَ عاين الجميعُ فعلاً سامياً مجيداً: فتاةٌ شابةٌ غضّةُ البشرة، حسنةُ المنشأ عدلتْ عن كلّ أباطيل البشر ونبَذَت كلَّ راحة جسدية وازدرت بالعالم وكأنه شيء لا نفع له وهي تبغي أن تربحَ خالقها.

أَشاهد نموَّها، كيف أنها دخلت عاريةً إلى هذا الهيكل المقدس؟ ممّا يدلّ على أنها نزعت عنها كلّ شهوة باطلة دنيوية. قُصّ شعرها باسم الرب إلهها مشيرةً إلى أنها من أجل محبته إقتلعت كلّ ما لديها من مشيئة ضارة. وقد تحصّنت بأسلحة قوية جداً أمام العدوّ الذي سيحاول أن يبعدها عن هدفها. لقد ألبَسَت جسدَها الفتيَّ رداءً ملائماً لا تخترقه نبال العدوّ كالحمام. وبعدها غطّت رأسها بِقَلَنْسُوَةٍ لكي تكونَ حكيمةً كالحيّة ورقيبةً لهجمات العدوّ اليومية. شدّت وسطها بزنّار حتى لا تستطيع شهوةُ الجسد أن تتحرّك أبداً. إرتدت أحذيةً ملائمة للسير في طريق الفضيلة، ولفّت جسمها كلّه بمنْتيةٍ مشيرة إلى إماتة نفسها كاملةً في سبيل العيش مع الربّ يسوع المسيح.

ومن ثم جعلتْ في يدِها الصليب الكريم، السلاحَ القويّ من أجل ضحد قوة العدوّ كلّها وتجاربه. والآن، فهي كمثل عذراء عاقلة تمسك المصباحَ في يديها علامةً لنور أعمالِها الصالحة أمام الناس لكي يتمجّد اللهُ بواسطتها.

أيتها الفتاةُ الجليلة! مغبوطٌ هو فكرك، عجيبٌ هو قرارك. لقد ملأتِ قلوبَنا فرحاً بهذه الأجوبة التي أدليتِ بها وبالوعود التي قطعتِها أمام الله. تطلبينَ المسيح وليس في هذا من أمرٍ عسيرٍ. شيئاً واحداً يطلبِه منكِ، فإن قدّمتِه له بادرَكِ وتهيأ ليخطبَكِ عروساً له ويُبهِجَ نفسَك. ليس الأمرُ صعباً ولا مستحيلاً. هو لا يريد أن يُخضعَكِ لأتعابٍ جسدية، هو يطلب قلبَك: “يا بنيّ أعطِني قلبَك”. لا يريدُ قلبَك الجسدي لأنّ اللهَ روحٌ، بل قلبَك الروحي أي فكرَك.

إن خصّصتِ له فكرَك، يأتي بالحاضرِ ويتّحد بنفسِكِ. هذا بالضبط ما أودّ أن أظهرَه لكِ، لأنّ هذا الأمرَ هو الهدفَ الوحيدَ للحياةِ التي قررتِ أن تعيشيها.

الراهب يكرّس فكرَه وروحه لله

لماذا يا ترى يهرب الرهبان من العالم ويهجرون المدن؟ لماذا يتّجهون إلى أماكنَ مقفِرة وينحبسون ضمنَ أديرةِ شركة؟ إنّهم يصومون هناك كلّ يوم، يسهرون في كلّ ليلة، يركعون في كثيرٍ من الأحيان. شغلُهم الصلاة، حياتُهم الطاعة، همُّهم التواضع، يتحلّون بالمحبّة، يتغذّون بالمطالعة، ويُروَون بالدموع، درسُهم اليومي قساوةُ السيرة.

ولكن ما هو سبب كل ذلك؟ ما هي نهايةُ الطريق؟ ما هو هدفهم؟ إنه حقاٌ لسامٍ ومجيدٍ هدفَ هؤلاء الناس. غايتُهم عجيبة ومشتهاة للغاية. يبتغون ما كان يفتّش عنه الرسول بولس العظيم: أن لا يحيوا هم فيما بعد بل أن يحيا المسيح فيهم: “لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيّ” (غلاطية20:2).

ولكن ماذا يحصدون في كثير من الأحيان؟ يخضعُ البعضُ منهم، محبّةً بالله، لجهاداتٍ كثيرة وأتعاب جسدية لكنهم يَدَعون فكرَهم يركض وراء أمور هذا العالم الباطلة. هؤلاء يحسِبون أنفسَهم في عيشٍ رهباني فريد لكنّهم يضلّون هكذا إذا لم يدخل المسيح بعدُ إلى نفسهم. “الله روح وينبغي للساجدين له ان يسجدوا بالروح والحقّ” (يوحنا4:24). الذي لا يكرّس فكرَه لله لا يستطيع أن يلتقي به. الذين يكرّسون روحهم لله وحده يقدّمون ذبيحةً روحية “الذبيحة لله روح منسحق” (مزمور19:50). هؤلاء هم أصدقاؤه أحبّاؤه. وكلّ إنسان يقدّم مثل هذه الذبيحة يجعل الله ختناً له.

لقد قدّم هبيل ذبيحةً لله وكذلك قايين، فقبل الله ذبيحة هبيل ونظر إليه: “فنظر الرب إلى هبيل وتقدمته” (تكوين 5:4) ولذبيحة قايين لم يعطِ أيّ اهتمام بل أدار وجهَه عن دخان ذبيحة الباطل ولم ينظر إليه: “وإلى قاين وذبيحته لم ينظر”.

ولمَ هذا؟ ألم يكونا أخوين؟ ألم يقدّما كلاهما الذبيحة بالتقوى نفسها؟ قدّم قايين لله أثمارَ الأرض: “قدّم قايين من ثمر الأرض تقدمة للرب”. أما هبيل فقد قدّم له أبكارَ غنمِه “وقدّم هبيل شيئاً من أبكار غنمه”. الأوّل قدّم لله أشياء جامدة أي أثمار الأرض، أما الآخر فقدّم أشياء حيّة أي أبكار غنمه. قدّم قايين أشياء لا روح حياة فيها. أما هبيل فقدم أشياء فيها نفس حيّة. إختار هبيل أفضلَ ما عنده، أما قايين فقد اختار الأدنى.

الراهب الذي يكتفي بالسهر والصوم، يقدّم لله أدنى ما عنده أي ثماراً أرضية جسدية. أما الذي يكرّس فكرَه لله فهو يقدّم هدية حيّة ذبيحةً روحية لا مادية. الراهب الذي يكتفي بالقسوة على جسده يقدّم لله هديةً مادية جسدية أما الذي يطهّر نفسه فهو يذبح لله ذبيحةً روحية غير مائتة. الذي يقدّم لله أعراقَ جسدِه لا يعطي أفضلَ ما عنده. أما الذي يقدّم لله روحَه ويكرّسها له، هذا يعطي أعزّ ما عندَه من صلاحٍ لله. الراهب الذي يقدًّم أتعابَ جسده فقط يتشبّه بذبيحة قايين والله لا يرعاه بأيّ إهتمام ويدير وجهه عنه. أما ذاك الراهب الذي يقدّم لله طهارة نفسه فهو يتشبّه بذبيحة هبيل والله يتقبّل ويهتّم بعطيتِه وينظر إليه ويأتي إلى قلبه.

اعتقد الإسرائليون قديماً أن الله يريد ذبائح جسدية وليس طهارة النفس. لذلك ذبحوا له عجولاً وقدّموا له سميذاً وبخوراً. رفعوا أيديهم وتوسلوا إليه لكن قلبهم لم يكن مكرّساً له بل كان كلّه شراً. فيقول الله للنبي أشعيا: “يا أشعيا إذهب وقلْ لهذا الشعب: إن ذبائحكم كلّها باطلة. إنني لم أطلب مثل هذا أبداً. ما أريده هو طهارة النفس هذا هو طلبي وليس ذبائح ومحرقات”. وجاء أشعياء للحال وانتصب في وسط الشعب وقال: “أيها الرؤساء إسمعوا ما يقوله الرب: ماذا تفيدني كثرة ذبائحكم؟ ومن الذي طلب مثل هذا من أيديكم؟ إن قدمتم سميذاً فباطلاً تفعلون وأنا أعتبره بخوراً فاسداً. إن نفسي أبغضت صومكم وأعيادكم وتكريسكم أوّل الشهور. عندما ترفعون أيديكم أديرُ وجهي عنكم وإن زدتم في طلباتكم لن أسمعها بل أقول: أبعدوا الشرور عن نفوسكم” (أشعياء13:1-16).

أثمِروا ثمارَ الروح التي هي كما يقول الرسول في غلاطية 22:5: محبّة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفّف. كرّسوا نفوسكم لله فيأتي هو للحال إليكم. كلّ ذلك نراه واضحاً في الكتاب المقدس. “إن يسوع الإله الإنسان أتى إلى بيت عنيا فقبلته امرأتان في بيتهما كضيف. واحدة مرتا تركض يمنةً ويسرة لكي تخدمه وتهيء له كلّ ما يلزم: “وأما مرتا فكانت مرتبكةً بأمور كثيرة” (لوقا10:40). والأخرى مريم تركت كلّ عمل وجلست عند قدمي يسوع الإله الإنسان فخصّصت له فكرَها كلّهُ من أجل أن تسمع كلامه: “جلست مريم عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه”.

كانت مرتا تعتقد أنّ عملَها يرضي المسيح وأنّ المسيح سوف يشكرها على ذلك. إعتقدت أن الربّ يريد مائدة وخدمة جسدية كما أنها اعتقدت أن أختها لا تفعل شيئاً وتُمضي الوقت عبثاً. لذلك ومن أجل أن تساعدها وتأخذ أجراً من خدمتها جاءت ووقفت أمام الرب وقالت له: “يا ربّ أما تُبالي بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي. فقل لها أن تعينَني”. وهنا بَدَلَ أن يشكرها الرب أجابها قائلاً: “مرتا، مرتا أنت مهتمة ومضطربة لأمور كثيرة والحاجة إلى واحد”. شيءٌ واحد كانت مرتا بحاجة إليه: هذا الذي فعلتْه مريم “لقد اختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزعَ منها”، ذلك لأنها تقدم لي ذبيحة كبيرة: تكرّس لي فكرَها لتستمع لكلامي فهي تعطيني هكذا نفسَها. هذا مثل واضح يُرينا الرب من خلاله أنه يريد فكرنا وقلبنا فيكون عند ذلك لنا بالكلية. (لوقا 38:10-42).

كذلك في نشيد الأنشاد نرى العروس وهي النفسُ الفاضلة، تنظر ليلاً ونهاراً إلى ختنِها في داخلها. وذلك نتيجةَ حبِّها الكبير له: “في الليالي على مضجعي التمستُ من تحبّهُ نفسي” (نشيد1:3). لم تبعدْه أبداً عن فكرِها بل كانت تغلق عليه في نفسها. وهذا يأتي كما قلنا من شدّة محبتِها له “فأمسكتُه ولستُ أطلقه حتى أدخلَه بيت أمي وخدرَ من حبلت بي”.

المحبة ترفع فكرنا إلى الله بل إنها تنزِل الله إلى نفوسنا: الذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبُّه وأظهر له ذاتي” (يوحنا12:14).

آه! كم هو محظوظٌ ذاك الراهب الذي يلصِق فكرَه بالله. بهذا يصبح مسكناً لله وإناءً للروح القدس، وقابلاً للرب يسوع المسيح. ويعدّه الله أنّه سوف يحبّه ويأتي إلى داخل قلبه. أقول ذلك كلّه ولكننا في كثيرٍ من الأحيان ونحن خاصةً لا نأخذ به ونتّبعه. لا بدّ لكم أن تصلّوا أحياناً، تسهروا وتصوموا دون أن يكون فكرُكم مكرّساً لله. وتعرفون عند ذلك أنّ الفرح أو الغبطة لن يدخلا إلى نفوسكم. ولا تشعرون عند ذلك إلاّ بالتعب والألم. أتعلمون لماذا؟ لأن عملَكم هذا لم يصعد إلى السماء من أجل أن ينزِل نعمةَ الله إلى قلوبِكم. فهو يعود إليكم ميتاً بدون فعالية كما يقول المزمور: “فتعود صلاتي إلى باطني” (13:34).

لاحظوا كيف أنه عندما تصلّون، ترتلون أو تطالعون وفكركم متطلّع إلى الله، يملأ الفرحُ والبهجةُ قلبَكم. هناك حلاوةٌ أو بهجة سماوية تعطّر عالمَكم الداخلي. هذا لأنّ عملَكم قد ارتفع كبخورٍ مرضيّ أمام الله. وبالتالي تدخل نعمةُ الروح القدس إلى قلبكم ويأتي الله نفسَه إلى داخلكم.

أيتها النفس الشقية! لماذا لا تكرّسين فكركِ لخالقكِ من أجل أن تربحي اللؤلؤة الثمينة كما فعل التاجر الحكيم الذي ورد ذكره في الإنجيل؟ أيها الرب! يا جابلي لماذا لا أخصّص لك فكري كلّه من أجل أن أصير إناءً تضع فيه عطر نعمتك الذي لا يثّمن؟

آلام المسيح وموته والمجيء الثاني

;      والآن أنتِ أيتها الأخت، قدّمي فكرَك للربّ وكرّسي أفكارَ ذهنِك كلّها لختنِك يسوع المسيح. أنظري إليه كما إلى طفل صغير داخل المغارة يبكي فتصمت للحال عند ذلك اهتمامات الجسد الحقيرة. سيري معه إلى العليّة حيث يغسل أرجلَ تلاميذه كعبدٍ وديع فتتضع عند ذلك معالم نفسِك المتكبّرة. أنظري إليه في البستان يُطيع أباه حتى الموت، موت الصليب، تتعلّمين إذ ذاك كيف تخضعين لمن يتقدّم عليكِ. إن وَرَد لذهنك وهو في البرية تصومين، وإن رأيتِه على شرفة الهيكل تقهرين العدو، إن تذكّرته وهو يصنع العجائب تشفقين مثله. أنظري إليه وهو في دار الولاية. كيف أنهم يهزؤون به، يلطمونه يجلدونه، يبصقون على وجهه، يجرحون جسده ويضعون على رأسه إكليلاً من شوك. من كلّ ذلك تتعلّمين كيف تصبرين أنت أيضاً وبفرح أمام كلّ مصيبةٍ أو مشكلة في هذه الحياة الرهبانية التي اخترتينها.

وفي وقت آخر تأمّلي في الجلجلة، انظري هناك كيف أن إلهك معلّقاً على الصليب بين لصّين وكأنه لصٌ وشريرٌ وهو أيضاً الملك العادل وخالق الكون. وقولي في تأمّلك: يا مسيحي المصلوب يا مسيحي الملك! إن الأشواك هذه تجرّح رأسك من جرّاء خطايَا نفسي. ومن جرّاء خطايا جسدي جُرّحت وتمزّقت بشرتك. يا مسيحي الملك لقد طُعِن جنبُك المحيي بحربة قاسية بسبب قلبي القاسي وغير المتخشّع. تأملّي في كل هذا! ترين عينيكِ تفيضان بالدموع المباركة، بالجواهر الروحية. وكما يتدّفق الماء من الحنفية هكذا تتدفق الدموع من عينيك وعند ذلك، مع هذه الدموع، إنحدري إلى قبره أنظري هناك الميت بلا نسمة. يوسف يقدّم له القبر، حاملات الطيب تأتين بالطيوب وأمّه تسكب عليه العبرات. أما أنتِ فاقطعي وعداً بأنك لن تنسيه إلى الأبد.

وأيضاً أنظري إليه ثانية عندما يأتي ليدين العالم. ينفخون في الأبواق، تنحدر الملائكة، تنهض الأموات ويأتي البشر كلّهم لملاقاته. ألوف ألوف من الملائكة وربوات ربوات من رؤساء الملائكة تحيط به. الصليب يتقدّم، الكتب تُفتح، الأعمال تُكشف وتُعلن كلّ خفايانا، فيفرح القديسون أما الخطأة فيحزنون. أنظري حينئذ عذوبة الرب يسوع مع الصدّيقين: يضعهم عن يمينه ويقيمهم أسياداً يملكون في ملكوته إلى الأبد. أما بالنسبة للخطأة الأشقياء فهو رهيب لا يتعطّف، يحكم عليهم بالعيش في لهيب نارٍ لا ينقطع إلى الأبد.

الخلاصة

تأملي هذه الأمور الإلهية كلّها في داخلك. بيسوع المسيح خالقك وجابلك. إن مشيت فليكن المسيح مواكباً لفكرك. إن جلستِ فليكن المسيح أيضاً معك. إن أكلتِ، شربتِ، تكلّمتِ، صُمْتِ أم تعاطيتِ عملاً يومياً ليكن المسيح دائماً في تفكيرك. في الليل، في النهار، في كلّ ساعة ولحظة ليكن معك ذكر المسيح. إطبعيه في فكرك بعلامات المحبة. يرتدع عند ذلك كلّ فكر شرير عند تدنيس نفسك. أختميه داخل قلبك بخاتم التقوى والتواضع وهكذا لن يقدر أي شرّ على أذية إرادتك.

ليكن الرب يسوع المسيح التعزية الوحيدة في شدائدك، الصبر في تجاربك والقوة في أعمالك “لكي يكون الله الكلّ في الكلّ” (1كورنثوس28:15) كما يقول الرسول بولس.

ليكن المسيح تأملَكِ، درسكِ وجهدك. بهذه الطريقة تدومين في محبته وهو يسكن داخل قلبك. وإن سكن المسيح في قلبك تكونين مطوّبة في السماء. لأنه سوف يقيمك ملكة عن يمينه “بثوب مذهّب” ملتحفة بإيمانك القويم، مزينة بغنى فضائلك من أجل أن تفرحي وتتمتعي مع سائر القديسين منذ البدء بهذا الفرح الذي لا يوصف في المسيح ربّنا وإلهنا الذي له المجد على الدوام وإلى الأبد. آمين.

Leave a comment