عجائب القديس يوحنا الروسي – 4

عجائب القديس يوحنا الروسي – 4

جمعها الأب فرنيزوس، خادم كنيسة القديس في بروكوبي – آفيا

نقلتها إلى العربية سعاد رزوق

من مكة العربية إلى بروكوبي

أولى عجائب القديس يوحنا الروسي كانت إرسال صحن من الطعام من بروكوبي في آسيا الصغرى إلى مكة العربية. إنها معجزة تشهد للإخلاص المطلق بعلاقته مع الله. فبالرغم من معاناته مشقات فظيعة من أجل إيمانه على أيدي العثمانيين أعداء المسيحية، فإن المعجزة تمّت بينهم. هذه العجيبة سُجلت في حياة القديس التي كُتبت نحو أواخر القرن الثامن عشر ولها خاصية وعظمة تذكر المرء بالعهد القديم. بالطبع لقد سَلَّحَ حب المسيح قديسي الكنيسة بنفس القوات الروحية التي أُعطيت للأنبياء والبطاركة والرجال الأبرار في العهد القديم.
باشر أحد الكهنة الأربعة الذين يخدمون في كنيسة القديس يوحنا بتصنيف بعض عجائبه وبتجميع كل المعلومات التاريخية الحاضرة، وتسجيل التقليد الشفوي المُتَسلّم من اللاجئين من بروكوبي في آسيا الصغرى والذين جلبوا رفات القديس المقدسة إلى آفيا. كان قصد هذا الأب أن يكتب سيرة منقّحة للقديس غنية بهذا التقليد الحي قبل أن ينتقل آخر لاجئ من هذا العالم إلى العالم الأبدي.!!!
في مساء أحد الأيام كان هذا الكاهن يحتفل بصلاة الغروب وحده في كنيسة القديس. وبينما كان يرتل كلمات المزمور “لتستقم صلاتي كالبخور أمامك” توقف أمام مقام القديس لكي يبخره. ووقعت عيناه على أيقونة القديس يوحنا الكبرى التي عن يمين المقام خاصة على جزء من جانب اللوحة التي تصور القديس يوحنا على ركبتيه مصلياً إلى الله ليرسل صحن الأكل النحاسي إلى مكة. وقال لنفسه: “يا قديسي لو كان لدينا صورة عن هذا الصحن لأضفناها إلى الكتاب الجديد”.
وبعد أسبوع جاءت السيدة لينارداتو وهي إمرأة من قرية سباتا بالقرب من أثينا، برحلة حجّ الى بروكوبي. وقد التقت الكاهن في مدخل الكنيسة وسألته: “أبتِ، هل أنت كاهن هذه الكنيسة؟” وعندما أجاب بالإيجاب، تابعَت قائلة: “الأسبوع الماضي يوم الجمعة بعد الظهر (أي اليوم نفسه الذي أبدى فيه الكاهن رغبته في الحصول على الصحن النحاسي) شاهدتُ القديس يوحنا في نومي وقال لي أنّ بين الأشياء التي جلبها والدي من آسيا الصغرى، والموجودة في الدور السفلي من البيت، صحن نحاسي. وطلب أن أنّظفه وأجلبه إلى كنيسته في بروكوبي في آفيا واتركه هناك إلى الأبد لأنه، أي القديس، يحتاج إليه. ثم أخرجت الصحن النحاسي من حقيبتها. وقد رأى الكاهن، وهو مملوء عجباً، أن الصحن كان على نحو دقيق هو نفسه كالذي في الأيقونة. فقبّله الكاهن بعينين دامعتين وأخذه ووضعه حالاً على الزجاج أعلى الوعاء الذي يوضع فيه جسد القديس فوق يدي القديس وقال له: “يا قديسي يوحنا هل تتكبَدْ كل هذه الآلام من أجلنا نحن الخطأة؟ المجد لله الذي تحبه وتمجده وأنت معه أزلياً، ولك. أشكرك وأمجدك”.
الصحن اليوم محفوظ هو في كنيسة القديس.

بحسب كتاب الدين

في أحد مستشفيات أثينا، أمّ جالسة نهاراً وليلاً بجانب سرير إبنها الصغير. لقد أخذ والدا الطفل الصبي بسرعة الى المستشفى في مدينة باتراس لأن المرض الذي كان يعاني منه لمدة طويلة الذي هو شلل الرجلين صار سيئاً فجأة. وفي المستشفى قال الأطباء مرة أخرى كما في السنين الماضية أن سبب حالته هو نقص في الكالسيوم في جهاز الطفل.
في أحد الأيام بعد الظهر بينما كانت الأشعة الضعيفة للشمس الغاربة تُضيء المستشفى تذكرت الأم كيف تعودت أن تذهب الى كنيسة صغيرة لوالدة الإله في بلد خارج باترا لتضيء قناديل زيت الكنيسة بعض الأوقات وكان في بعض الأحيان يصحبها زوجها أو أولادها. وإذ تذكّرت هذه الكنيسة بدأت تصلي: “يا قديستي مريم، أيتها الأم الحلوة التي أيضاً عانت الألم ساعدي ولدي. يا قديسة مريم أرسلي لي قديساً. أنظري إلى صغيري يجاهد ليقف على قدميه. ساعدي ابني المضروب بالوجع”.
“أمي ماذا تقولين؟ مع من تتكلمين؟”.
“يورغو، يا صغيري، ألا تذكر أنك قرأت في كتاب الدين في المدرسة أنّ ربنا المسيح عندما عاش في فلسطين شفى هؤلاء الممسوسين من الشياطين وفتح أعين العميان وجعل المشلولين يمشون وأقام الموتى؟ قل له يا صغيري يورغو، فهو سيسمعك لأنك ولد صالح. قل لمسيحنا الصالح أن يجعلك معافى”. تطلّع الولد المعاق إلى والدته ببراءة ثم حوّل نظره إلى غروب الشمس ثم إلى السماوات وما وراءها. بعد منتصف الليل، رأى يورغو الصغير في حلمه فارساً وسيماً راكباً على حصان ضخم. توقف الفارس أمامه وقال: “يورغو، انهض واقفز على حصاني”. “لكني مشلول لا أستطيع المشي، ورجلاي لا تحملاني”.
“أعطني يدك يورغو الصغير. اصعدْ على حصاني. أنا القديس يوحنا الروسي. وقد أرسلني الرب لكي أعطيك نعمته الإلهية وأشفيك بقوته”.
وبينما هو بين النوم واليقظة، كان الصبي يحاول أن يقف. استيقظت أمّه وأمسكته كي لا يقع من سريره، فقال لها: “أمسكيني يا أمي فإن القديس يوحنا الروسي قال لي أن أقف”.
وفي صباح الغد، عندما حضر الطبيب الأخصائي، أخبره عاملو النوبة الليلية أن الصبي الذي من باترا قد مشى خلال الليل، فجاء وفحصه. ثم قرع ركبتي الصبي بمطرقته الصغيرة ووخز رجليه بإبرة فاستجابت أوصاله بشكل طبيعي. عندها قال الطبيب للأم: “اذهبوا إلى البيت، الله معكم”.

تحوّل السفينة عن الغرق

فيما كانت إحدى السفن التجارية تبحِر محمَّلَة في بحر الشمال في طريقها إلى أحد مرافئ هولندا، واجهت فجأة بحراً هائجاً. وقد بدا أنّها معرّضة للغرق بسبب الأمواج الهائلة في أي لحظة وأن طاقمها من البحارة اليونانيين كان يواجه آخر لحظات حياته. توقف دولاب القيادة والرادار عن العمل ولم يعد يوجد طريقة لمعرفة وجهة السفينة. قبطان السفينة، وقد كان بحاراً متمرساً، نادى طاقمه وسط زئير العاصفة، لا ليعطيهم أوامر لا حاجة لها، بل ليقول الحقيقة: “إننا نغرق! صلوا إلى الله من أجل خلاصنا!”
ثم مضى إلى مزار الأيقونات على السفينة حيث كانت أيقونة للقديس يوحنا الروسي. وبما أنه يدرك ما يحصل، ركع على ركبتيه وصلّى: “يا قديسي يوحنا إني لا أصلي من أجل أن تخلّصني أو تخلّص هذه السفينة الثمينة، ولكني أصلّي من أجل هؤلاء البحارة المساكين الذين يسافرون إلى أمكنة بعيدة ويأكلون خبز الغربة المعجون بماء البحر كي يساعدوا عائلاتهم التي قد تفقدهم في هذه الليلة. أيها القديس، أرجوك أن تخلّصهم!” ولم ينقطع القبطان عن التضرّع إلى القديس في قلبه طوال الليل، فيما كان البحر يهدر والريح الشمالية الباردة تعصف.
وعند انقضاء الليل المروّع وطلوع الفجر تفاجأ البحّارة. ماذا رأوا؟ رؤوا سفينتهم راسية وبأمان في مرفأ روتردام. راحوا يتساءلون من هو “القائد العظيم” الذي قاد السفينة خلال العاصفة وجاء بهم الى هناك؟ إنه القديس يوحنا الروسي. ديمتريس فاروتسيكاس، الذي شاهد عبر السنين أشياء كثيرة في عرض البحار، كان يعرف ذلك القائد وما من أحد يستطيع أن يقنع القبطان بغير ذلك. وفي وسط انذهاله من العجيبة، اتّصل هاتفياً بشركة السفن ليخبرهم بأنه يصلح السفينة وأنه قادم إلى اليونان.
وعند عودته أراد أن يعبر عن “شكره” للقديس يوحنا بطريقته. أرسل زوجته إلى متجر الأدوات الكنسية، فاشترت بيتاً للقربان وكتاباً للأناجيل المقدسة وكأساً للقربان ومراوح للقداس وصليباً للبركة وقناديل زيت كلها مصنوعة من ذهب وفضة، وأهداها للقديس يوحنا الروسي. هذه الكنوز الثمينة الموضوعة الآن على المذبح المقدس تذكّر بعجيبة الإيمان والصلاة وبخلاص هؤلاء البحارة المكروبين والمضطربين.
“فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت، إبكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم” (مرقس4: 39).

Leave a comment