أكبر أم أصغر

أكبر أم أصغر

الشماس ثيوذوروس الغندور

سأل أحد الشبّان والدته يوماً : “هل حُبك لي أكبر أم أصغر من حب أبي لي؟”. فأجابت بلا تردد :”كلانا يحبك بالمقدار نفسه يا بني”. فتابع الشاب أسئلته وقال :”وهل حب الرب يسوع لي أكبر أم أصغر من حبكما لي؟”. حينها غصّت دمعة في عيني الأم وككل الأمهات لم تستطع الإجابة فورًا على سؤال كهذا، فهي أمٌ وتعتبر أنها أكثر من يحق له حب ولدها حتى التملك أحيانًا.

“أكبر أم أصغر”، صيغة نجدها اليوم مستخدمة في كل ميادين الحياة، حتى المحبة باتت تُقاس بالأكبر والأصغر. فهل سألتِ نفسك أيتها الأم، التي أراد فلذة كبدها الترهّب، سؤالاً مثل “هل حبي لولدي أعظم من حب من منحني إياه له؟”. وانتِ أيتها الأم الثكلى حزنًا على ابن مات ليبب من الأسباب وهو كان لا يزال في ريعان شبابه سؤالاً مثل “هل محبتي له أنفع من محبة الذي وهبه الحياة ؟”. وأنتِ أيتها الأم التي لا تعلم ما تفعل لتبقي ابنها الذي تزوّج ملكاً لمحبتها، هلا سألتِ نفسك يومًا “هل محبتي لإبني أهم وأبقى له من محبة زوجته التي أهداه إياها الله ليكونا معًا واحدًا بالمسيح يسوع؟”.

أسئلة لا تُعدّ ولا تُحصى والجواب واحدٌ وهو،”أكبر من محبتنا وأعظم وأهم وأبقى هي محبة الرب يسوع المسيح لنا ولأولادنا”. لذا أكبر تضحية يقوم بها أم وأب هي عندما يتركان المحبة التي منحاها لأولادهما تنطلق لتحلّق في سماء حياتهم الجديدة، سواءً أكانوا رهبانًا أم متزوجين. وأعظم تضحية يقومان بها حين يودعون بإيمان كبير روحًا مجنحة بمحبتهما منطلقة الى من أحبها حبًا أكبر وأعظم من حبهما.

فما أصغر العين التي لا ترى سوى ما تقدم هي من محبة وما أكبر القلب الذي يحب حتى التضحية. وهذا لا ينطبق فقط على محبة الوالدين لأولادهم، بل ويشمل كل أنواع المحبة التي تربط بين أخ وإخوته وبين صديق وأصدقائه أو بين زوج وزوجته وحتى بين الراهب وإخوته الرهبان في الدير. فحيث تكون المحبة لا يوجد قياس ينفع، لا أكبر ولا أصغر. فالمحبة محبة لم ولن يعبِّر عنها إنسان بمقدار ما عبَّر عنها الرب يسوع المسيح الذي أحب حتى أنه بذل نفسه في سبيل أحبائه. فهل محبتك له أكبر أم أصغر من محبته لك؟.

Leave a comment