لنطرد معاً “الثعالب الصغار”

لنطرد معاً “الثعالب الصغار”

(نش:15:2)

ماريَّـا قبارة

في نبرة حزينة موجوعة رنا إليّ صديقي قائلاً: “أنا حزينٌ يا صديقتي، ماذا يحدث في هذه الدنيا وإلى من نذهب؟! كنتُ أخال أنَّ في الكنيسة ملجأ لأن السيد رأسها، لكنّي إذ أيمم شطري إليها أرى فيها كلّ ما أنا هارب منه أصلاً وأفتقد فيها مخلصي…”

لا تحزن يا صديقي… فالدنيا تغيرت… وتغيرت معها أحوال الناس بما فيها أيضاً الإخوة جماعة الكنيسة والقيمين على تعاليمها. فالذي نجمه ساطع في عالم الأخلاق، ويتمتع بحلاوة التهذيب وطيبة القلب والمحبة وبشاشة الوجه أصبح غريباً في جماعته

يدور الظلم اليوم حولك بكافة أشكاله ومن كل مكان. تتفاجأ أن من يظلمك هو أقرب الناس إليك الذي أراده الله على كرسي استطاع به. خلقَ الشائعات وراوغ بين الأصدقاء وأبناء جيله يخشى المزاحمة بأية موهبة… وقد يكون يخشى ماضيه أيضاً ولهذا لا يحبّ الذين يذكرونه بماضيه

تتغير الناس بالسلطة بمجرد جلوسها على كرسي، فهذا يعني أنَّ القرار يطيعها والتغيير ملك يمينها، فمنهم من يصاب بالغرور، ومنهم من يميل إلى الفشخرة والأبهة في نجاحه في حفظ جمل وتعابير منمقة بحثاً عن الشهرة والمجد الباطل… ويتباهى البعض بنشر صوته في محاضرات وصلوات دون عمق فيها أو عيش

أما الكتابة والتنبيه في هذه الأمور دينونة لصاحب القلم والورق، ولكن القلم أيضاً يخشى أن يجد نفسه فجأة في صحراء مجدبة، فالكتابة تفتيش مستمر في الذات وخارجها، وهي أيضاً سفر في الزمان والمكان

هموم الكنيسة صارت كثيرة ومعقدة ومشوارها أصبح طويل الإصلاح، فالنيات للأسف-دون إدانة لأحد- ليست جادّة

نعيش اليوم على صفارة الظلم وصغر النفس، ونصرخ من أعلى المدرجات عالياً “اصلبه-اصلبه”، أو نصفق كالبلهاء. إنها حالة تغيب فيها العقول… وتنهض أفكار ظالمة من رقدتها. نتحدث عن أزمة في الكنيسة! وكأننا نخشى المعنى المتواري أنَّ الأزمة في الكنسيين والقيّمين على شؤون الكنيسة.

إننّا ندخل مرحلة تحول خطيرة في الكنيسة، فلنتضع ولا نثق كثيراً بأنفسنا، وليمنحنا الرب الحكمة من لدنه ونداوم على الصلاة، ونجتهد في طلب الحياة الروحية لنستطيع طرد “الثعالب الصغار” (نش15:2) التي تفسد كرومها، ولا نطفئ الروح لنحافظ على دفء المسيح فينا وفي الآخر وفي هذه الحياة

Leave a comment