الاحتفال الداخلي الوجودي بقيامة المسيح

الاحتفال الداخلي الوجودي بقيامة المسيح

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس


نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

لا ينبغي الاحتفال بقيامة المسيح كحدث تاريخي أو اجتماعي، بل كحدث وجودي، ما يعني أنّه ينبغي أن يكون اشتراكاً بنعمة القيامة. إن الامتناع الذي يسبق العيد خلال الصوم الكبير، والجهاد النسكي، يهدف إلى المشاركة الفضلى في سرّ القيامة. لكي ينجح الأمر يتطلّب، بحسب تعليم الآباء، تطهيراً لحواس كِلا الجسد والنفس. ينشد القديس يوحنا الدمشقي: “لننّقِ حواسنا حتّى نعاين المسيح ساطعاً كالبرق بنور القيامة الذي لا يُدنى منه، ونسمعه قائلاً علانيّة افرحوا”. إذاً، التطهّر شرط أساسي لرؤية الله والشركة معه. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: “لهذا على المرء أن يتطهّر، من ثمّ يتحدّث في الطهارة”.

هدف الحياة الروحية هو في أن يتّحد الإنسان مع المسيح القائم وأن يراه في قلبه. المسيح قائم في قلبنا، مميتاً الأفكار الانفعالية الموجودة هناك تحت تأثير الشياطين، ومتغلّباً على خيالات الخطيئة المتّقدة وانشغالاتها، تماماً كما تخطّى أختام القبر (القديس مكسيموس المعترف).لهذا، الأمر ليس احتفالاً رمزياً خارجي المظهر، بل هو احتفال داخلي خاص بالوجود. على هذا الضوء، ينصح القديس غريغوريوس اللاهوتي بوجوب ألاّ نحتفل بطرق مهرجانية دنيوية، بل بطريقة إلهية سماوية.
إن الاشتراك بسرّ القيامة هو خبرة تألّه. إن الذي يتأسّس في قوة القيامة التي يستحيل وصفها، يدرك بالخبرة هدف المسيح من خلق العالم (القديس مكسيموس المعترف). بالحقيقة، خُلِق الإنسان لكي يبلغ التألّه، أمّا العالم فلكي يشارك في التقدّس من خلال الإنسان. مَن يتأسس في قوة القيامة التي تفوق الوصف يبلغ إلى التألّه ويحقق هدف وجوده. وهكذا يكتسب مغرفة أكبر.
يوصي الرسول بولس بهذه الخبرة في الحياة، ولذا يكتب بأننا دُفِنّا بالمعمودية مع المسيح في موته “حتَّى كما أُقيمَ المَسيحُ مِنَ الأمواتِ، بمَجدِ الآبِ، هكذا نَسلُكُ نَحنُ أيضًا في جِدَّةِ الحياةِ” (رومية 4:6). هذه الولادة الجديدة أساسية إذ من دونها يموت الإنسان روحياً، بحسب كلمات الرسول بولس: “لأنَّهُ إنْ عِشتُمْ حَسَبَ الجَسَدِ فستموتونَ، ولكن إنْ كنتُم بالرّوحِ تُميتونَ أعمالَ الجَسَدِ فستحيَونَ.” (رومية 13:8).

Leave a comment