الأخلاق المسيحية: الوصايا العشر

الأخلاق المسيحية: الوصايا العشر

القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس


نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

الفصل الأول: ناموس الأخلاق

أ. مدخل حول ناموس الأخلاق

لقد استعمل التالي: “تُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُلّ قَلبِكَ، ومِنْ كُلّ نَفسِكَ، ومِنْ كُلّ قُدرَتِكَ، ومِنْ كُلّ فِكرِكَ” (لوقا 27:10 ومتى 37:22).


1- ما هي الكلمات التي استعملها المخلّص للتعبير عن المحبة التي ندين بها لله؟

لقد استعمل التالي: “تُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُلّ قَلبِكَ، ومِنْ كُلّ نَفسِكَ، ومِنْ كُلّ قُدرَتِكَ، ومِنْ كُلّ فِكرِكَ” (لوقا 27:10 ومتى 37:22).
2- ماذا يسمّي المخلّص محبة الله؟
يسمّيها الوصية الأولى والأعظم.
3- ما هي الكلمات التي استعملها المخلّص ليعبّر عن محبتنا للقريب؟
“تُحِبُّ… قريبَكَ مِثلَ نَفسِكَ”.
4- كيف يرى مخلّصنا هذه الوصية؟
يرى أنّها ثاني الوصايا.
5-ماذا قال السيّد عن هاتين الوصيتين: محبة الله والقريب؟
لقد قال: “بهاتَينِ الوَصيَّتَينِ يتعَلَّقُ النّاموسُ كُلُّهُ والأنبياءُ” (متى 40:22).
6- أيّ ناموس يقصد المخلّص هنا؟
إنّه يقصد الناموس الذي أعطاه الله من خلال موسى على جبل سيناء في بلاد العربية.
7- ماذا يُسَمّى هذا الناموس؟
يُسَمّى الوصايا العشر، لأنّه يتضمّن عشر وصايا عظيمة.
8- ما الذي تأمر به هذه الوصايا؟
محبة الله ومحبة القريب. في الوصايا الأولى والثانية والثالثة والرابعة يؤمَر بمحبة الله، في الستة التالية يؤمَر بمحبة القريب.
9- أين كُتِبَت هذه الوصايا ومَن كتبها؟
كُتِبَت الوصايا العشر على لوحين والله هو مَن كتبها. على اللوحة الأولى الوصايا الأربع الأولى التي تأمر بمحبة الله، وعلى الثانية الوصايا الست الأخرى التي تأمر بمحبة القريب.
ما هو ترتيب هذه الوصايا؟
الترتيب هو التالي:

ب. الوصايا العشر أو ناموس الله


أنا الرب إلهك، لا يكن لك آلهة غيري
لا تصنع لنفسك أيّ صنم، ولا أيّ تمثال، لا مما هو موجود في السماء ولا على الأرض اسفل ولا في المياه تحت الأرض.
لا تحلف باسم الرب إلهك باطلاً. لأنّ الرب إلهك لا يحلّ مَن يستعمل اسمه باطلاً.
اذكر يوم السبت وقدّسه. لأنّك تعمل في ستة أيام أمّا اليوم السابع، يوم السبت، فتكرّسه للرب إلهك.
أكرم أباك وأمّك ليكون كل شيء حسناً لديك وتعيش سنين كثيرة على الأرض.
لا تقتل.
لا تَزنِ.
لا تسرق.
لا تشهد بالزور على قريبك بأقوال كاذبة.
لا تشتهِ امرأة قريبك ولا بيته ولا أرضه ولا ولده ولا ابنته ولا ثوره ولا حماره ولا أي من ماشيته ولا أي شيء مما له.

ج- شرح الوصايا العشر

الوصية الأولى: أنا الرب إلهك لا يكن لك إله غيري.


11- ماذا تعلّمنا هذه الوصيّة؟
تعلّم الوصيّة الأولى من وصايا الله أن الإله الذي أعطى الناموس والذي اجترح الأعمال المعجزة التي عاينها الإسرائيليون هو الله ولا إله سواه. أيضاً تحكم هذه الوصية أنّه لا يكون لهم أيّ غله سواه لأن كل الآلهة الأخرى كاذبة. غنّهم ملزَمون إذاً بعبادة الإله الواحد وإكراه ومحبته.
12- هل لهذا الناموس الموسوي السلطة نفسها لدى المسيحيين أيضاً؟
بالواقع نعم. هذا لأنّ ربّنا يسوع المسيح قال أنّه لم يأتِ ليبطل الناموس والأنبياء بل ليكمّلهم. “الحَقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تزولَ السَّماءُ والأرضُ لا يَزولُ حَرفٌ واحِدٌ أو نُقطَةٌ واحِدَةٌ مِنَ النّاموسِ حتَّى يكونَ الكُلُّ.” (متى 18:5).
13- مَن الذي يتعدّى هذه الوصية؟
أ) الذين يخالفونها، ب) الذين يقعون في تعدد الآلهة، ج) السحرة، الدجالون، المتكلّمون من بطونهم، الوسطاء والعرّافون والذين يلجئون إليهم، د) المؤمنون بالخرافات، ه) الذين ينكرون علاقة الله بالعالم والتدبير الإلهي وكل القوى الإلهية التي لخلاص الإنسان.
كيف نحفظ هذه الوصية من غير نقص؟
يمكننا أن ننجح بحفظ هذه الوصية الأولى أ) باستبعاد كلّ خرافة وعبادة عمياء وقبولنا بمحبة الحقيقة التي أُعلِنَت لنا بالإيمان والرجاء والمحبة، وب) باتّباع مخلّصنا الذي يقودنا إلى الحقيقة ويقوّينا لحفظ وصاياه.

الوصيّة الثانية: لا تَصنَعْ لكَ تِمثالاً مَنحوتًا، ولا صورَةً ما مِمّا في السماءِ مِنْ فوقُ، وما في الأرضِ مِنْ تحتُ، وما في الماءِ مِنْ تحتِ الأرضِ


15- ما الذي تأمرنا به هذه الوصية؟
إنّها تحرّم علينا صنع تماثيل الآلهة الكاذبة وتكريمها، فهذه الآلهة لا توجد بالحقيقة بل هي من صنع خيال البشر.
16- مَن الذي يخالف هذه الوصية؟
أ) هؤلاء الذين يسقطون في الوثنية وعبادة الطبيعة وعبادة الخليقة، ب) أولئك الذين يعبدون مامون (المال) والذي يضحّون من أجله بكلّ مقدّسات المجتمع البشري، أي البِر والرحمة والإيمان، ويقدّمون له القلوب وكلّ المشاعر النبيلة كضحايا، ج) أولئك الذين يقيمون في قلوبهم أصناماً فيطردون محبة الله ويقدّمون العبادة التي تليق بالله إلى أصنام قلوبهم.
17- مَن الذي يمكن أن نعتبره متجاوزاً لهذه الوصية؟
هناك أولئك الذين يؤلّهون الطبيعة بأن ينسبوا إليها صفات إلهية. ايضاً، هناك الذين يؤلّهون ذواتهم فلا يصدّقون أحداً إلاّ أنفسهم ويضعون رجاءهم وقوّتهم في ثرواتهم. إلى هذا، هناك الذين يؤمنون بالخرافات.
18- هل إكرام أيقونات الله الذي أعلن ذاته لنا هي تجاوز للوصيّة الثانية؟
بالطبع لا. هذا لأن الوصية الثانية تحرّم الوثنيّة، وليس إكرام أيقونة الإله الحقيقي التي تُرسَم في شخص مخلّصنا يسوع المسيح لمحبتنا له. أيقونة مخلّصنا ليست صنماً ولا هي إله كاذب أو غير موجود، ولا هي تمثال مؤلَّه. ما نقدمه لها ليس عبادة بل إكراماً شريفاً، موجَّهاً إلى الشخص. الصنم يفصل المتعبِّد عن الإله الحقيقي. بينما أيقونة المخلّص، أو أيقونة والدة الإله وكل القديسين، فترفعنا إلى الإله الحقيقي الوحيد، الذي مجّد كلّ الذين عبدوه وسلّموا نفوسهم إليه بإيمان ورجاء ومحبة. إذاً، لأنّ الأيقونات ترفعنا إلى الإله الحقيقي الوحيد ولا تبعدنا عنه، ولأنّها ليست أصناماً لآلهة كاذبة، بل ايقونات للإله الحقيقي، إكرامها ليس غير مخالف لروح الوصية وحسب، بل يتوافق معها كليّاً، بقدر ما ترفع الروح إلى الإله الحقيقي الواحد الوحيد. لهذا السبب بالتحديد هذا الإكرام مسموح.

الوصية الثالثة: لا تنطِقْ باسمِ الربِّ إلَهِكَ باطِلاً، لأنَّ الربَّ لا يُبرِئُ مَنْ نَطَقَ باسمِهِ باطِلاً.


19- ما الذي تحرّمه هذه الوصية؟
إنها تنهانا عن ذكر اسم الله في كلّ مرّة نحتاج إلى شهادة على صحّة أقوالنا، لأنّ هذا غير لائق بالجلالة الإلهية. إذا كان استدعاء اسم الله لتمجيده ومدحه وشكره، فهذا التحريم لا ينطبق، لأنّ هدف هذا التحريم هو للحفاظ على التقوى نحو اسم الله.
20- مَن الذي يخالف هذه الوصية؟
أ) المجدّفون، ب) الحانثون بالقَسَم أو الذين يحلفون يميناً كاذبة، ج) والأنبياء الكذبة
21- إذاً، هل يمكننا أن نُقسِم بحسب هذه الوصية؟
نعم، القَسَم الحقيقي الذي نقوم به أمام السلطات العليا للشهادة للحقيقة مسموح. السبب في ذلك أنّ في هذه الحالة ليس فقط غياب عدم التوقير من خلال استدعاء اسم الله كشهادة وتأكيد للحقيقة، بل على العكس هناك توقير عظيم حيث أنّ الجميع يقفون ويصغون باحترام عند التلفّظ باسم الله. لهذا السبب، يُسمَح بالقَسَم لكونه ذا وجه ديني ويوحي بالوقار والإكرام للاسم الإلهي. لذا يجب أن يُقام دوماً بتبجيل ديني، وضمير نقي وخوف الله وصدق كامل، وإلا يكون ضرراً للذين يستدعون اسم الله باطلاً، أي أنّهم يستدعونه ليسهّلوا مصالحهم ويسرقوا ويغتصبوا وغيره الكثير من الأهداف الشريرة.

الوصية الرابعة: اُذكُرْ يومَ السَّبتِ لتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أيّامٍ تعمَلُ وتصنَعُ جميعَ عَمَلكَ، وأمّا اليومُ السّابِعُ ففيهِ سبتٌ للربِّ إلَهِكَ.


22- بماذا تأمرنا هذه الوصية؟
هذه الوصية تأمر بألا ننسى واجبنا نحو الله، بل لأن نكرّس اليوم السابع من الأسبوع لتقديس الاسم الإلهي. إنه لحقٌ وواجب أنّ الخلائق تعبد خالقها دوماً وفي كلّ يوم. وإلى ذلك، إنها مُلزِمِة بهذا بشكل خاص في اليوم المخصص لله. فالمسيحيون يحفظون لهذا اليوم يوم قيامة السيد يسوع المسيح أي الأحد.
23- بأي نوع من التصرّف نقدّس الأحد يوم الربّ؟
إن سلوكنا لهذا اليوم يفرضه هدف تكريسه. عليه، نحن نسبح الربّ ونباركه في الكنيسة وفي بيوتنا، ونحاول أن نعمل كل ما هو صالح أيضاً وغير أناني وبارّ ونقي ووديّ ومقدِّس. أيضاً نقوم بكلّ ما يرتبط بالفضيلة والحمد.
مَن هم متجاوزو هذه الوصية؟
أ) أولئك الذين يهملون تقديس يوم الرب ويجعلونه كغيره من الأيام، الذين بسبب قلّة محبتهم لله يسلّمون أنفسهم للاهتمامات الحياتية لكي يزيدوا ثروتهم، أو يرضوا أنفسهم بالتمتّع بنمط حياة جسداني، ب) أيضاً هناك الذين يدنّسون يوم الربّ بأعمال آثمة، ج) وأولئك الذين يمتنعون عن شركة المؤمنين في العبادة ولا يشاركون بالصلوات المشتَرَكة في الكنيسة.


الوصية الخامسة: أكرم أباك وأمّك ليكون كلّ شيء حسناً لديك وتعيش سنين كثيرة على الأرض.


25. ما الذي يقضي الله به من خلال هذه الوصية؟
يأمر الله في الوصية الخامسة باحترام الأهل. إكرام الأهل هو أول إشارة إلى امتنان الأبناء الذين يعود الفضل بوجودهم وبصحتهم إلى أهلهم بعد الله. لهذا السبب، هم ملزَمون بإكرام أهلهم ومحبتهم بعد الله. إكرام الأهل ومحبتهم هو نقطة البداية لمحبة الله والقريب. مَن يبدأ بمحبة أهله واحترامهم يصل بسرعة إلى محبة الله والقريب (أفسس 4:6 وحكمة سيراخ 8:3).
26. مَن هم متعدّو هذه الوصية؟
أ) الأولاد الذين لا يحترمون ولا يكرّمون أهلهم
ب) الأولاد الذين لا يعيلون أهلهم في شيخوختهم
ج) الأولاد الذين لا يثقون بأهلهم
د) الأولاد الذين يهينون أهلهم
ه) الأولاد الذين لا يساندون أهلهم الفقراء
و) الأولاد الجاحدون والعديمو الشكر.
27. بماذا يَعِد الله الذين يحفظون هذه الوصية؟
إنّه يعدهم بالسعادة وطول العمر، لأنّ الوصية بحد ذاتها يتبعها الوعد ” أكرم أباك وأمّك ليكون كل شيء حسناً لديك وتعيش سنين كثيرة على الأرض”.

الوصية السادسة: لا تقتل


29. بماذا يأمر الله من خلال الوصية السادسة؟
إنّه يمنع قتل الأخ، أي أخذ حياة الأخ بأيّ وسيلة من الوسائل أو الطرق أو الأدوات.
30. مَن هم متعدّو هذه الوصية؟
1) الذين يرتكبون القتل، 2) الذين يقوّضون حياة الآخرين بشتّى الطرق أي 3) الذين يقضون على سُبُل إعالتهم، 4) الذين يقوّضون سمعتهم، 5) الذين يتركونهم للفساد، 6) الذين يفرحون لألم أخيهم، 7) الذين يكرهون أخاهم إذ بحسب الكتاب “كُلُّ مَنْ يُبغِضُ أخاهُ فهو قاتِلُ نَفسٍ” (1يوحنا 15:3)، وكلّ الذين يساهمون في ارتكاب القتل، سواء كان تورطهم في أخذ حياة أخيهم بالقول أو بالفعل أو بالفكر.
31. مَن يمكن اعتباره أيضاً شريكاً في ارتكاب القتل؟
1) القضاة الظالمون الذين يدينون الأبرياء عن معرفة، 2) الولاة الثقيلو القلوب والقساة الذين يضعون أحمالاً على خدّامهم عن طريق تحميلهم أعمالاً صعبة وخداعهم بشتّى الطرق أو باستعمال العنف إلى أن تنفد حياتهم، 3) الذين يرتكبون الانتحار ويصيرون قتلة لأنفسهم، و4) الذين يقتلون بعضهم البعض في الثأر سعياً إلى الكرامة الزائفة.

الوصية السابعة: لا تزنِ


32. بماذا يأمر الله من خلال الوصية السابعة؟
إنّه يأمر باحترام العلاقات الزيجية، ويمنع إهانة الزواج المكرّم، ولكن أيضاً كلّ عمل قد ينقلب ضد ناموس الزواج الطبيعي، معتبراً إياه غير شرعي وآثم. إلى هذا، هذه الوصية تطلب من أتباع الناموس الحقيقيين أن يعيشوا بالطهارة والاعتدال سواء كانوا متزوجين أو متبتلين.
33. مَن هم متعدّو هذه الوصية؟
هم الذين ينسونها ويسلِمون ذواتهم إلى مختلف أنواع البذاءات والشهوات والرذائل.

الوصية الثامنة: لا تسرق


34. ما الذي يحكم به الله من خلال هذه الوصية؟
يحكم الله بأنّه لا ينبغي أخذ ممتلكات الآخرين ولا بأيّ طريقة، ويمنع كلّ أشكال السرقة والظلم، الظاهر أو المخفي.
35. مَن هم متعدّو هذه الوصية؟
1) قطّاع الطرق والسارقون الذين ينهبون ممتلكات الآخرين، 2) مدنّسو المقدّسات الذين يسلبون تقدمات الكنائس وممتلكاتها، 3) الذين يستغلّون مصائب الآخرين ويجرّدونهم من ممتلكاتهم، 4) الذين يستولون على ممتلكات غريبة، 5) التجّار المزوّرون الذين يكذبون ويستغلّون جيرانهم بشتّى الطرق لكي يجرّدوهم من مالهم.
36. مَن أيضاً يمكن اعتباره سارقاً؟
1) أولئك الذين يأخذون كميّات مختلفة من الأملاك العامَة التي هم مُؤتَمَنون عليها وعلى إدارتها، 2) أولئك الذين يدفعون رشاوى للقضاة، 3) أولئك الذين يلتمسون قبضاً إضافياً لكي يوفوا ما عليهم من الالتزامات المالية.

الوصية التاسعة: لا تشهد بالزور على قريبك بأقوال كاذبة.


37. ما الذي يأمر به الرب من خلال هذه الوصية؟
يحرّم الله كلّ شهادة كاذبة ضد شخص آخر، وكل نزعة سلبيّة نحوه قد تكون ضارّة لصيته ومشوِّهة لشرفه أو مفسدة لحياته وممتلكاته.
38. مَن هم متعدّو هذه الوصية؟
إنّهم: 1) الأنبياء الكذبة، 2) المفترون والمتملّقون، و3) وناشرو الإشاعات لأسباب شريرة والكاذبون.

الوصية العاشرة: لا تشتهِ امرأة قريبك ولا بيته ولا أرضه ولا ولده ولا ابنته ولا ثوره ولا حماره ولا أي من ماشيته ولا أي شيء مما له.


39. ما الذي يشرّعه الله من خلال هذه الوصية؟
بهذه الوصية العاشرة، يحظّر علينا الله اشتهاء خيرات إخوتنا والرغبة بها، لأن الرغبة تولّد الخطيئة التي بدورها تولّد الموت عند ارتكابها. من خلال هذا الحظر، يُزال سبب الخطيئة ويُستأصل جذرها (يعقوب 15:1).

الفصل الثاني: الناموس الأخلاقي الذي حرّره المخلّص في تعليمه على الجبل، أي الناموس الإنجيلي، ناموس النعمة

1. مدخل إلى ناموس النعمة


1. كيف يُنظَر إلى موعظة الرب يسوع المسيح على الجبل؟
إنّها ذروة تعليم العهد القديم الأخلاقي وتتمته، وأساس العهد الجديد وقاعدته، حيث فيها يتمّ التركيز على الإيمان والرجاء والمحبة.
2. كيف أكمل المخلّص الناموس؟
لقد أكمله بالمحبة الكاملة. فهو أولاً لخّص الناموس الموسوي في وصيتين: محبة الله والقريب، وأمر أن نحب الله بكل نفسنا وكل قلبنا وكل فكرنا، وقريبنا كأنفسنا. من ثمّ أكمل ما سبق قوله في الناموس والأنبياء، أي أنّه أسند كلّ التشريع اليهودي إلى قانون محبة القريب. بالواقع، صار المخلّص نفسه القائد والمتمم الكامل لهذا الناموس بإظهاره، كإله – إنسان، المحبة الكاملة لأبيه السماوي ولكل البشرية، لأنّه أطاع حتّى الموت وبالحقيقة حتى الموت بالصليب (فيليبي 8:2).
3. كيف يبدأ توسيع الناموس الإنجيلي؟
يبدأ بالتطويبات التسع.
4. لماذا يبدأ المخلّص تعليمه على الجبل بهذه التطويبات؟
لأنّه يريد، كونه ابن لله والمسيا المنتَظَر أن 1) يبشّر بالخبر الحسن الذي في الإنجيل إلى الفقراء ومنكسري القلوب، والجائعين والمتعطشين إلى العدالة أي أن يبشّر بإنجاز رغبتهم القوية والتمتّع بالملكوت الأبدي، 2) أن يعيد التأكيد لكلّ الذين يكافحون ويتألّمون من أجل السلام والحقّ والعدالة أنّ مكافأة غنية بانتظارهم، و3) أن يعلّمهم أنّ كلّ ما يعانون من أجله ينبغي أن يؤول فرحاً وسعادة لأنّه يودِع لهم تعويضاً عظيماً في السماوات. أظهر ربّنا يسوع المسيح نفسه، من خلال التطويبات، بأنه إله ومعطٍ للخيرات الآتية. ما قاله يتطابق مع الوصية الأولى في الناموس، وقد قيل من الجبل على شاكلة الكلمات التي قيلَت على جبل سيناء: “أنا الرب إلهك، كُنْ شجاعاً وقوياً، طوبى لمَن هم بينكم فقراء ومتواضعين، لأني سوف أهبهم المكافأة الغنية في السماوات”. هذا هو التعليم الإنجيلي الذي سبق للنبي أشعياء إعلانه بقوله “روحُ السَّيِّدِ الربِّ علَيَّ، لأنَّ الربَّ مَسَحَني لأُبَشِّرَ المَساكينَ، أرسَلَني لأعصِبَ مُنكَسِري القَلبِ، لأُناديَ للمَسبيِّينَ بالعِتقِ، وللمأسورينَ بالإطلاقِ. لأُناديَ بسَنَةٍ مَقبولَةٍ للربِّ” (أشعياء 1:61-2).

 

Leave a comment