حول أقوال القدّيس سمعان اللاهوتي الحديث عن التوبة

حول أقوال القدّيس سمعان اللاهوتي الحديث عن التوبة

نقلها عن اليونانيّة جورج يعقوب

التوبة هي دعوة مستمرّة ويوميّة من الله للإنسان! “توبوا” كلمة ذات بُعد زمني، هي دعوة على مدى العصور ولكلّ البشر! التوبة كدعوة من الله نحو البشر لها أهميّة عظيمة ذلك لأنّها الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى الخلاص والشركة معه. ثانيًا، إنّها التعبير الوحيد عن حرّيّة الإنسان لأنّ الحريّة الحقيقيّة هي بالعيش مع الله، وأخيراً التوبة تشكل عنصراً أساسياً للنقاوة والطهارة.

بقبول الإنسان لهذه الدعوة، “توبوا”، يكون قد تصرّف على عكس آدم الذي رفض التوبة وحتّى الاعتذار! أراد آدم أن يكون إلهاً بسرعة، أن يتألّه بسرعة. يشدّد القدّيس سمعان على أن العمل نحو الكمال والتألّه (بالنعمة) هو عمل مستمرّ وغير منقطع. التوبة بالنسبة للقدّيس سمعان هي “جهاد” مستمرّ، لا يحصل بسرعة. هي جهاد مستمرّ في خضمّ الحياة الروحيّة. الإنسان كونه يخطأ باستمرار عليه أن يتوب دائمًا، أن ينقّي نفسه ويطهرها، أن يحفظها دائمًا نظيفة مدى حياته على الأرض. بهذا العمل، عمل التوبة، يتجدّد الإنسان ويُجدّد معموديّته.
يعتبر القدّيس سمعان أن تجديد العلاقة مع الله وحياة الشركة مع الربّ يتحققان فقط من خلال التوبة لأنّها تملك القوّة على إعادة وصل الطريق الذي قُطع بين الله والإنسان بسبب الخطيئة وفِعلها. عدم التوبة، بالنسبة للقدّيس سمعان اللاهوتي الحديث، لا يبعدنا عن الله فقط بل يجعلنا غير قادرين على معرفة أننا بشر.
التوبة هي شرط أساسي للخلاص. هي الوسيلة الوحيدة التي تؤمّن إعادة فتح الطريق نحو الله وتجديد العلاقة معه. إنّها تحقق الشركة معه وبدونها لا تستطيع أن نفتح الطريق نحو الخلاص. التوبة والخلاص بحسب القدّيس سمعان هما عنصران متلازمان ولا ينفصل الواحد عن الآخر.
بالتأكيد التوبة لها صفة شخصيّة. إنها خاصّة لكلّ فرد منّا ليس فقط من ناحية اتخاذ الإنسان لقرار التوبة ولكن من جهة الهبات التي يعطها الربّ المحبّ البشر للإنسان التائب كتأكيد على “الجهاد” الذي بذله في سبيل التوبة.
جوهر التوبة هو أن يقرّر المؤمن أن ينزع منه وثق الخطيئة! تصبح التوبة ضروريّة عندما يرجو الإنسان أن تحلّ عليه بركة الربّ ورحمته. عندها وعلى هذا الرجاء يُغدق الله على التائب رحمته ويطهّره وينير عقله ويجعله إناءً قابلاً للنور الإلهي وشريكاً للألوهة. وكنتيجة لعمل التوبة “ينصب الربّ خيمته فينا ويحلّ بيننا ويتكلّم معنا كأصدقاء، وأكثر من ذلك يتحقق في الشخص التائب قول القدّيس يوحنا الإنجيلي: “وأمّا كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله” (يو1: 12). بالنسبة للقدّيس، من الآن يتذوّق التائب الخلاص الذي يجاهد أن يكتسبه.

Leave a comment