وأغلق الباب

“وأغلق الباب” (متى 10:25)

ماريا قبّارة


قال الجامعة الحكيم: “لكلّ شيء زمان”(جا1:3).

إنّ الزمان ضروري لكلّ شيء في هذا العالم. فالزمان ضروري لميلاد ونشوء ونموّ وتغيير وفساد النباتات والزهور والحيوانات والأثمار وأعمال البشر الأدبية وغيرها. هذه الحقائق مقررة ومؤكدة. فلكلّ أمر من أمور العالم وقتاً ملائماً له. فإن تمّ في وقته نفع، وإذا أهمل وقته أضرّ.

إذا قاومت جيوش الأعداء في الوقت المناسب تفوز، وأمّا إذا نهضت لمحاربتهم بعد فوات الأوان تغلبوا عليك. إذا أهملت الوقت المناسب للزرع ففي وقت الحصاد لا تجني ثمراً وتغدو عرياناً جائعاً
“لكل أمر تحت السموات وقت”، والوقت المناسب لخلاص نفسك هو كلّ لحظة من زمان حياتك، فالذي يزدري بدقيقة واحدة فهو يخاطر بخلاص نفسه. إنّ الوقت الحاضر وحده مفيد للإنسان لان فيه يقدر أن يتوب ويقوم بأعمال الفضيلة والبرّ.
يتحدث الكتاب المقدس عن خمس عذارى جاهلات، ففي الوقت الذي كان من الضروري أن يبتعنّ زيتاً لإضاءة مصابيحهنّ تكاسلن، وكان خمس عذارى حكيمات ابتعنَ في الوقت اللازم زيتاً لمصابيحهنّ. وفي نصف الليل صار صراخٌ “هوذا العريس مقبلٌ فاخرجن للقائه”، فدخلت الحكيمات مكان العرس وأما الجاهلات فإذ لم يكن لديهنّ زيتا لمصابيحهنّ ذهبنّ إلى الباعة ليبتعنّ الزيت، وفي هذه الأثناء أُغلق الباب، وبقيت الجاهلات خارجاً قائلات:”ياسيد افتح لنا” ولكنّ صوتهنّ ذهب أدراج الرياح إذ أجاب العريس قائلاً: “الحق أقول لكنَّ إني ما أعرفكنَّ”. وكانت سيرة العذارى على حد سواء-الجاهلات والحكيمات- طاهرة بلا عيب، فهنّ عذارى صالحات وفاضلات. دُعين حكيمات لأنهنّ عرفن الوقت لا يُركن إليه فسهرن وكُنّ مستعدات، ودُعيت الأخريات جاهلات لأنهنّ علقنّ أملاً بزمن في المستقبل فنعسنَ في الوقت المناسب للاستعداد فأُغلق دونهنّ باب العرس؛ باب الخدر السماوي (مت1:25-13)
سأل نبي الله داود قائلاً: “بماذا يقوّم الشابّ طريقه؟” فأجاب: “بحفظه أقوالك” (مز9:118). يحتاج الشاب في أيام فتوته إلى التعرف على أناس أصحاب استقامة وفضيلة ليكتسب منهم فضائل حميدة من خلال تصرفاتهم وأقوالهم وحكمهم وحسن معشرهم. فسنّ الشباب هو الوقت المناسب للإنسان أن ينكبّ بكلّ اجتهاد على الكتب المقدسة ويتيقظ على اقتراف الخطيئة، وان يبتعد عن معاشرة الناس الأشرار ومفسدي الأخلاق
لقد أحسنت الكنيسة المقدسة بتعيينها هذه الأيام الحاضرة لنتوب فيها ونغادر الخطيئة “فلنطرحنَّ يا إخوة أعمال الظلمة ونلبسنّ أسلحة النور” (رو12:13). فالخطيئة ظلمة لأنها تُظلم عقل الإنسان وتُعمي بصيرته عن ضرورة خلاصه، أما الفضيلة نورٌ لأنها تنير عقله ليعمل ما لخلاصه
هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم الخلاص، فلا يقولنّ أحد منّا:”لي وقت لكي أتوب فيما بعد”، لأنّه ليس لأحد وقت إلاّ الوقت الحاضر “فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان” (مت13:25)

Leave a comment