سر المسحة أو الميرون المقدس

سر المسحة أو الميرون المقدس

إعداد الأب جورج يوسف

ارتباط المسحة بالمعمودية:

الانسان المؤمن بسرّ المعمودية المقدّس يولَد للحياة الروحية ويتطهّر من كل خطيّة ويتبرّر ويتقدّس وهكذا يدخل ملكوتَ نعمة ربنا يسوع المسيح. ولكن كما أنّ الإنسان في حياته الطبيعية لا يعيش بمجرد ولادته ودخوله في العالم، بل منذ دخوله الحياة يحتاج إلى هواء ونور وقوت وعناية ليحفظ وجوده وانتظام حاله ونموه بالتدرج ونشأته. هكذا في الحياة الروحية أيضاً، فمنذ ولادته من فوق بالمعمودية المقدسة ودخوله في الحياة الروحية يحتاج إلى قوى نعمة الروح القدس التي هي الهواء الروحي ونوره. ويحتاج إليها ليثبت فيها وينمو في الكمال المسيحي. المسحة إذن هي سرٌّ به تُمنح قوّة الروح القدس للمستنير لينال القوى الضرورية من النعمة الإلهية ليتقوّى وينمو في الحياة الروحية.

تأسيس السر:

في انجيل يوحنا (7: 37) يتكلّم الرب يسوع عن مواهب الروح القدس التي تُمنح لجميع المؤمنين وهي ضرورية لهم. وفي كتاب أعمال الرسل (8: 14-17)، يَرِد أنّ الرسل كانوا يمنحون الروح القدس للمؤمنين بيسوع من خلال وضع الأيدي. إنّ هذا السر المقدس هو سرٌ مؤسَّس من الله نفسِه بما أنّ كلام الرسل فيه هو كلام الله نفسه، إذ كان الرسل القديسون في جميع أقوالهم وأعمالهم المتعلّقة بنشر التعليم الانجيلي يبهمون من الروح القدس الذي علّمهم الحقّ كلّه وذكّرهم بكلّ ما أوصاهم يسوع (يو14: 26 و 16: 13) وقد أخبرنا الرسول بولس في كتاب أعمال الرسل (19: 2-6) حادثاً يؤكّد ما قلناه. وفي رسائل الرسل القديسين يذكرون المؤمنين بأنّهم أخذوا مواهب الروح القدس الذي علّمهم كلّ حقيقة الإيمان وثبّتهم في حسن العبادة ويؤكّدون تأكيداً صريحاً أنّهم اخذوا تلك المواهب بالمسحة. (1يو: 20-27) و (2كو1:21-22) (تي3: 5) و(افسس5: 26) و(عب20: 22)

وظائف القسم المنظور من سر المسحة:

إنّ القسم المنظور في سر المسحة يقوم بما يأتي: أولاً أن يتضرّع الكاهن إلى العلي ليمنح روحه القدوس بغزارة للذي نال المعمودية ثم يمسح بعض أعضاء جسد المعتمِد بالميرون المقدس برسم صليب قائلا: ختم موهبة الروح القدس. ففي هذا العمل المقدس نميّز أربعة أمور:

1- الدعاء المقدّم للإله العلي الذي به يطلب الكاهنُ حلولَ الروح القدس على المستنير حديثا وقبل ذلك على الميرون نفسه. هذه الصلاة نرى أساسا لها في (أع8:15).
2- المادة التي نستعملها في هذا العمل المقدس هي ميرون مقدس (1يو2:20) و(2كو1:21-22) وسلطان منح الروح القدس للمعتمدين كان محصوراً بالرسل القديسين وحدهم (اع8:12-18) حيث أّن عدد المعتمدين في بدء امتداد الكنيسة كان قليلاً فلم تكن صعوبة في أن يحضر الرسل بأنفسهم ويقيموا هذا السر. لكن عندما ازداد عدد المؤمنين ألهَم الروح القدس الرسلَ بأن يعوّضوا عن وضع الايدي الرسولية على المستنيرين حديثا بمسحهم بالميرون. أمّا تجهيز الميرون والصلاة عليه فقد بقي للرسل ثم للأساقفة من بعدهم وسُمِح للكهنة بمسحه فقط.
3- تُمسَح بعض أعضاء الجسد بالميرون المقدس بشكل صليب حيث يقول القديس أمبروسيوس “يمسحك الله ويختمك للمسيح وكيف ذلك؟ لأن تختم برسم صليبه وآلامه”.
4- الكلمات السرية الجوهرية في تتميم سر المسحة هي هذه :”ختم موهبة الروح القدس” (2كو1: 21-22) وهذه الكلمات كانت مستعملة في الكنيسة الاولى.

النتائج غير المنظورة التي تؤخذ من سر المسحة:

أن النتيجة الأصلية غير المنظورة التي تؤخذ من سر المسحة هي نوال المؤمنين الروح القدس به. فبالمعمودية نتطهّر من كل خطيئة ونولَد ثانية بقوة الروح القدس وبالمسحة ننال نعم الروح القدس التي لا بد لنا منها للحياة الروحية (أع8: 14-17). مواهب الروح القدس التي تمنح للمؤمنين بسر المسحة هي كما يعددها أشعياء النبي “روح حكمة وفهم، روح مشورة وقوة، روح معرفة وسر عبادة وأخيراً روح مخافة الله” (اش11: 2-3). الثلاث الاولى من هذه المواهب تنير عقل الانسان والأربع الأخرى تبني وتقوي إرادة الإنسان لعمل الصلاح.

الاستعمالات الاخرى للميرون المقدس:

1- يمسح بالميرون المقدس ثانية الارثوذكسي الذي ارتد عن الارثوذكسية ثم تاب وعاد إلى احضان الكنيسة.

2- يمسح بالميرون المقدس غير الارثوذكسي عندما ينضم إلى الكنيسة الأرثوذكسية إذا ثبتت معموديته على اسم الثالوث الاقدس والا فيعمد ويمسح بالميرون المقدس.
3- تمسح بالميرون المقدس ايضا الموائد والكنائس عند تكريسها وكذلك الانديمنسيات.

Leave a comment