صلاة النوم الصغرى بحسب القدّيس سمعان التسالونيكي

صلاة النوم الصغرى بحسب القدّيس سمعان التسالونيكي*

نقلها عن اليونانيّة جورج يعقوب

إن صلاة النوم الصغرى هي صلاة صغيرة وتشكّل قسمًا من صلاة النوم الكبرى أو بالأحرى اختصارًا لها. يقول القدّيس سمعان رئيس أساقفة تسالونيك عن صلاة النوم الصغرى: “إنّ صلاة النوم الصغرى هي شكرٌ على الليلة المقبلة، راحةٌ من أعباء النهار المنصرِم، استذكارٌ للموت الذي يأتي نحو البشر بحضور الليل وسيادتِه. ذلك لأنّ الليل هو هبةٌ من الله لكلّ البَرِية ولكلّ مخلوقاته. إنهّا صلاة لكي يجتاز الإنسان مسافةَ الليل غير مجرَّبٍ من المساوئ، ومن قوى الشياطين المظلمة المدلهمّة التي وحده الرب يسوع يستطيع أن يخلُص منها”.

توجد صلاة النوم الصغرى فقط في المخطوطات غير القديمة التي تشمل “المادّة الأساسيّة لصلاة النوم الكبرى”. تجدر الإشارة إلى أنّ صلاة النوم الكبرى كانت تُقام في بارامون ، أي اليوم السابق، لكلّ من عيدَي الميلاد والظهور الإلهي. هذا الترتيب ما زال متّبعاً في الجبل المقدّس، آثوس، وفي الكنائس السلافيّة. وفي مرحلة أقدم، كانت صلاة النوم الكبرى تُقام في آحاد الصوم الأربعيني المقدّس وفي فترة صوم الميلاد وصوم الرسل.
يشرح القدّيس سمعان رئيس أساقفة تسالونيكي الذي عاش في القرن الخامس عشر، صلاة النوم الصغرى ويبرز رموزها كالتالي:
– التسبيح المثلّث تقديسه “قدّوس الله…” وما يتلوه، به تبدأ صلاة النوم وتُختم، يرمز إلى بداية الإنسان ونهايته. تتكوّن الصلاة من ثلاث مزامير ترمز إلى الثالوث القدّوس. دستور الإيمان هو قانون المؤمن وتعبيرٌ واضح عن الإيمان الأرثوذكسي القويم. أمّا ترنيمة “بواجب الإستئهال” فتُظهر عقيدة تجسّد كلمة الله من والدة الإله الفائقة القداسة مريم شفيعة كلّ البشر.
– الأربعون مرّة “يا رب ارحم”، قبل “يا من في كلّ وقتٍ…” هي للتعبير عن ساعات حياتنا وأيامها التي نهديها إلى الرب عوضاً عن محبّته غير المحدودة. أمّا أفشين “يا من في كلّ وقتٍ” فهو عبارة عن تمجيد وتضرّع للرب فيه نسألُه الموافِقات لحياتنا.
– الإثنا عشر مرّة “يا رب ارحم”، قبل الأفشين الخاص بوالدة الإله هي دلالة على ساعات الليل الإثنيّ عشر وساعات النهار الإثنيّ عشر أيضاً.
– إن الأفشين المشهور لوالدة الإله ” أيتها السيّدة الطاهرة…” هو ابتهال تعزية وتضرع للحياة الحاضرة والمستقبليّة وللتمتع بالخيرات الأبديّة لكلّ مسيحيّ. أمّا “وأعطِنا أيها السيّد” فهو تضرّع مباشر إلى الرب الضابط الكلّ الحافظ الخليقة كلّها في الليل والنهار أن يحفظنا من أحابيل العدو وشراكه.
– الطلبات التي يقولها الكاهن في النهاية ما هي إلاّ للتضرّع بحرارة إلى الرب كي يهبنا كلّ ما نطلبه بواسطة الكاهن ليس بفضل صلاحه، وأهميّة سرّ الكهنوت وحَسْب، ولكن لأنّه بحسب الرسول يعقوب “ادعوا قسوس الكنيسة وصلّوا…”. وإذ هم مدركون هذا يهتفون بعد الطلبات “لأنّ لك (يا رب) الملك والقدرة والمجد…”.
صلاة النوم الصغرى، صغيرة في الكمّ، كبيرة في النوعيّة والمنفعة الروحيّة. هي مناجاة للرب القدّوس وصرخة من قلبٍ أضناه تعب النهار ووسخ الخطيئة وشيطان نصف النهار. هي فرصة للتوبة والعودة إلى أحضان الآب الذي ينتظر رجوعنا إلى حظيرته بعد يوم طويل في حقل هذا العالم الذي يتخبّط في بحر الأهواء. هي خاتمة للحياة واستعداد للموت حتى بنعمة مَن نهض من بين الأموات ننهض من نومنا وسباتنا لنسبّح عزّته من جديد في الصباح ليبارك نهارنا كما بارك مساءنا.

* عاش القدّيس سمعان التسالونيكي في القرن الخامس عشر

Leave a comment