المثلث الرحمات المطران جبرائيل دميان

المثلث الرحمات المطران جبرائيل دميان

متروبوليت اللاذقية وتوابعها (1960-1966)


إعداد ميلاد جبارة

ولد صاحب السيادة المطران جبرائيل في قرية الصورية، لواء الإسكندرون المسلوب، قرب مدينة أنطاكية، المركز التاريخي للكرسي الإنطاكي المقدس، من أبوين تقيين في 25 آذار شرقي سنة 1891م

عندما زار مطران أبرشية اللاذقية الجديد، المثلث الرحمة أرسانيوس (حداد) قريته سنة 1902، أعجب بنباهة الصبي وصوته الجميل، أحضره إلى اللاذقية حيث ألبسه ثوب الابتداء في الرهبنة في 15 أيلول شرقي سنة 1903 ورتب حياته في المطرانية وتعهّد أمر تدريسه
واظب على دروسه ست سنوات في مدرسة اللاذقية التابعة للجمعية الإمبراطورية الفلسطينية بتفوق واضح مما دفع إدارة المدرسة إلى إرساله بمنحة إلى روسيا
سافر سنة 1908 إلى مدينة سيمفروبول في شبه جزيرة القرم، ودخل معهدها اللاهوتي وكان طالباً نشيطاً مجداً، شرطن شماساً في 16 تشرين الأول 1910 وفي صيف 1914 أنهى المعهد اللاهوتي، من الخمسة الأوائل الذين يحق لهم دخول أكاديمية بطرسبرغ اللاهوتية، ومع دراسته في الأكاديمية وجد لديه وقتاً كافياً فدخل معهد الأرجيولوجيا (علم الآثار) الكنسية، فنال شهادتهما كليهما سنة 1918
اندلعت الثورة سنة 1918 ولم يستطع العودة إلى الوطن، فسيم كاهناً في 23/2/1919 وعين كاهناً لإحدى كنائس العاصمة، وبقي حتى تيسرت له العودة إلى اللاذقية سنة 1925 ووضع نفسه تحت تصرف أبيه مطران اللاذقية أرسانيوس فتولى إدارة مدرستي البنين والبنات، ورعاية كنيسة القديس جاورجيوس باللاذقية، طوال عهدي المطرانين أرسانيوس حداد وتريفن غريب
تم انتخابه في المجمع الإنطاكي المقدس يوم الخميس 10/3/1960 مطراناً على أبرشية اللاذقية خلفاً للمطران تريفن غريب
تمت السيامة الأسقفية في 20/3 برئاسة غبطة البطريرك المثلث الرحمة ثيوذوسيوس السادس، باشتراك مطارنة زحلة (نيفن)، حمص (ألكسندروس)، حماة (إغناطيوس)، بولس (صور وصيدا)، الأسقفين سرجيوس سمنة وألكسندروس عسّاف وفي 24 منه انتقل سيادته بموكب رسمي إلى اللاذقية برفقة مطراني حمص وزحلة وتسلم مقاليد الأمور في الكنيسة هناك
ساس سيادته أمور أبرشية اللاذقية بهدوء وسلام، بعد أزمة نشوء الكنيسة المستقلة وظهور النافرين من مطران اللاذقية تريفن آنذاك. وفي عهده عادت الأمور إلى طبيعتها وصار في اللاذقية مطران واحد، ورعية واحدة لراع واحد
كان ناسكاً متواضعاً زاهداً في متاع الدنيا، طاهر السيرة، محباً وعطوفاً على المحتاجين، راع من الطراز الأول لرعية تحتاج هكذا راعٍ، مترفعاً عن المادة فقد وزع أمواله على الفقراء والمحتاجين والكنائس والمدارس والمشاريع الخيرية، فوزع خلال أسقفيته خمسين ألف ليرة سورية
لبى سيادته نداء الروح الكلي قدسه، فجر يوم الثلاثاء 26/4/1966 في مشفى القديس جاورجيوس في بيروت، إثر نوبة قلبية لم تمهله أكثر من دقيقتين
وتلقت اللاذقية الخبر المحزن، بألم شديد، وتشكلت الوفود وأتت إلى الحدود السورية اللبنانية بانتظار وصول جثمان الفقيد وقد وصل الموكب الجنائزي يرافقه سيادة الأسقف إغناطيوس (هزيم) (صاحب الغبطة البطريرك إغناطيوس الرابع حالياً) وقدس الأرشمندريت إسبيريدون (خوري) ( صاحب السيادة المطران إسبيريدون راعي أبرشية زحلة وبعلبك حالياً) ولفيف من الكهنة. وما لبث الموكب أن توقف مرات عديدة في الطريق حيث كانت وفود من قرى الأبرشية بانتظار الموكب باكية على الراحل
ووصل الموكب إلى اللاذقية التي خرجت بكبيرها وصغيرها لتستقبل من رعاها بمحبته سنين طوالاً كاهناً ثم أسقفاً، وحمل النعش على الأكف يتقدمه قدس الأرشمندريت يوحنا (منصور) (صاحب السيادة المطران يوحنا راعي أبرشية اللاذقية حالياً) المعتمد البطريركي (عند شغور أبرشية ما بسبب وفاة راعيها يعين البطريرك أحد المطارنة أو الأرشمندريتية معتمداً بطريركياً فيها لتسيير أمورها إلى أن يتم انتخاب مطران جديد عليها) في أبرشية اللاذقية
وضع جثمانه في كاتدرائية القديس جاورجيوس، وعرض للتبرك يومي الأربعاء والخميس حيث لثم يمينه آلاف من مؤمني الأبرشية
أجريت مراسم الجناز يوم الجمعة 29/4 برئاسة سيادة المطران أبيفانيوس (زائد) متروبوليت عكار، ومشاركة: المطران إلياس (معوض) متروبوليت حلب (صار بطريركاً على أنطاكية وسائر المشرق عام 1970 تحت اسم: إلياس الرابع (معوّض)، ورقد بالرب سنة 1979) والأساقفة: فلاديمير المعتمد البطريركي الروسي في دمشق، سرجيوس (سمنة)، ألكسندروس (عسّاف)، وألقى المطران أبيفانيوس عظة أبّن فيها الفقيد الكبير أشاد بأعماله على الصعيدين الروحي والوطني وعدد صفاته ومناقبه وري سيادته الثرى في مدفن رؤساء الكهنة والكهنة في مقبرة الفاروس باللاذقية
كان سيادته يتقن الترتيل الكنسي البيزنطي كما الروسي، يتقن اللغتين الروسية والسلافونية (الروسية القديمة) ويلمّ باليونانية والتركية والسريانية، له كتاب “رفيق المسيحي” في ثلاث أجزاء طبعه على نفقته الخاصة ووزعه مجاناً لفائدة أبناء رعيته الأرثوذكسية وهو عبارة عن محادثات دينية بين شخصين حول الفروقات بين الطوائف والكنائس

مشكلة انتخاب خلف للمطران جبرائيل

عانت أبرشية اللاذقية الأمرين بعد وفاة المثلث الرحمات المطران جبرائيل، فقد رشّح المجلس الملي فيها ثلاثة إكليركيين هم: الأسقف إغناطيوس )هزيم(، الأرشمندريت جورج )خضر(، الأرشمندريت قسطنطين )باباستيفانو( في جلسته المنعقدة في دار المطرانية برئاسة المطران إغناطيوس (حماة). لينتخب المجمع أحدهم مطراناً وذلك حسب القانون المرعي الإجراء آنذاك

انتخب المجمع الأسقف إغناطيوس (هزيم) متروبوليتاً على اللاذقية، ولكن في ذات الوقت اجتمع المطارنة: أبيفانيوس (عكار)، باسيليوس (حوران)، بولس (صور وصيدا)، ميخائيل (توليدو أوهايو) وانتخبوا الأرشمندريت أنطونيوس الشدراوي (صاحب السيادة المطران أنطونيوس (الشدراوي) راعي أبرشية المكسيك وفنزويلا حالياً) مطراناً على اللاذقية
ولكن شعب اللاذقية ممثلاً بمجلسه الملي والمعتمد البطريركي قدس الأرشمندريت يوحنا أصرَّ ووقف إلى جانب الشرعية التي يمثلها غبطة البطريرك والمجمع المقدس، هكذا حتى استطاع الميتروبوليت الجديد استلام زمام الأمور في أبرشيته

مصادر ومراجع البحث:

1. مجلة النعمة، مجلد 1966

2. فايز فضول، تاريخ أبرشية اللاذقية الموثق، 2008
3. جورج غندور، أنطاكية والقانون، تعاونية النور الأرثوذكسية، 2008
4. الأرشمندريت جبرائيل دميان، رفيق المسيحي، الجزء الأول، 1949
5. الأرشمندريت جبرائيل دميان، رفيق المسيحي، الجزء الثاني، 1951
6. الأرشمندريت جبرائيل دميان، رفيق المسيحي، الجزء الثالث، 1953

Leave a comment