ألان في الهند

ألان في الهند

نقلها إلى العربية الأب أثناسيوس بركات


“سنسير معكم، فقد سمعنا أن الله معكم” (زكريا 23:8)
كما كنا نقول منذ بضعة أيام، نكون مُلامين دائماً لو نظرنا إلى أحدهم كشخص كامل الصفات وجعلناه معبوداً. نُعجَب به ثم… نسقِطه. كان مرةً في الهند “معلم” عظيم من الذين يُدعَون “غورو”. كنت، في ذلك الوقت، أعمل في المستوصف الذي كان جزءاً من الأشرم (الأشرم هو مُعتَزَل خاص بحكيم أو فيلسوف هندي) الخاص به.
في أحد الأيام، وصل شاب من أستراليا. كان في السادسة والعشرين من العمر، مرحاً، يحمل في يده صندوقاً كبيراً. قدّم نفسه للمعلم الأكبر حيث كان يجلس متحدثاً مع أشخاص يتحلّقون حوله… في دخوله، كان الشاب متوهجاً فرحاً وحماسةً. نظر إلى المعلم كما ولو أنه ينظر إلى أيقونة قدّيس. لاحظه المعلم وقال: “إذاً، أنت مَن أتى من أستراليا؟ ماذا جلبت لنا؟” كان الشاب مستثاراً لدرجة عدم قدرته على الكلام. لكن المعلم أصرّ بسؤاله: “هل جلبت لنا موزاً؟ فاكهة؟ أو ربما حلوى؟ ماذا جلبت؟” فتح الفتى الصندوق وبدأ بإخراج أوراق وأوراق ومزيداً من الأوراق… “حسناً؟ أستُرينا هداياك؟” أخيراً أخرج آلة تسجيل والعديد من الأشرطة التي جلبها معه لتسجيل صوت معلمه الأكبر! “هل هذا كلّ شيء؟ ألم تجلب شيئاً آخر؟ أرشدوه إلى غرفته”.

ذهب الشاب المسكين إلى غرفته وأقفل على نفسه رافضاً الخروج… فقد صُدِم! كان يأمل أن يلاقي رجلاً يقترب من الآلهة. لكن بدلاً من ذلك، رأى رجلاً ينتظر الموز والفواكه مثل الناس الفانين طالباً منه في النهاية، التوجه إلى غرفته لأنه لم يجلب معه شيئاً… يا للمسكين اليائس الذي أتى لتخليد صوت الغورو وإرساله إلى أستراليا (حيث سيندهش الجميع مما أنجزه، لأن “الأنا” التي لديه كان لها النصيب في كل ذلك). حاوَلوا، في اليوم التالي، جعله يغادر غرفته لحضور تعليم الغورو، لكنه رفض.

في أحد الأيام، قابلتُهُ وهو يتمشى في الغابة. قلت: “صباح الخير، هل تودّ أن أتمشّى معك قليلاً؟ وربما نتحادث؟” “ممكن أن تفعل ذلك في وقت آخر لكن ليس الآن” أجابني وتوارى.

في غضون ذلك قال لي أستاذ التمارين الرياضية: “لديكِ براعة في تكوين صداقات بسهولة، فاذهبي وكلّميه”.. في اليوم التالي قابلته: “كيف حالك؟ هل اعتدتَ على المكان؟”… “كلا”، “هل ترغب بالتحدث قليلاً؟ أنا أيضاً، قد أتيت من الخارج”… “ربما في وقت آخر”… لم أدرِ ما عليَ فعله! أثناء جلوسي بهدوء في غرفتي قلت: “إن ابنك هذا يذهب إلى الجماعة؟ كل صباح… إذا كان يتعثر قليلاً وتحتاج رجلاه إلى القليل من التدليك… ربما يمكنني أن أكلّمه”… ويا للعجب، فقد حدث ذلك! في الصباح التالي أرسلوا بطلبي. لقد ذهب ألان إلى النهر ليسبح ولوى كاحله: “تعالي بسرعة”. قلت: “خذوه إلى غرفته، سأكون هناك حالاً”.

كل ما يجب أن أقوم به لجسد الإنسان هو أيضاً ما يجب أن نقوم به من أجل نفسه. في تلك اللحظة علمت بما حدث للشاب، فقد كنت أعلم كيف يحدث الأمر. بدأت بالعلاج وأنا صامتة. “حسناً، ألن تتكلمي بأي شيء؟”، “كلا، لقد أتيت من أجل رجلك وحسب”. “في كل مرة نتقابل تسألينني عن انطباعي حول هذا المكان. أما زلتِ مهتمة؟”… “ليس في هذه اللحظة، يجب أن ننكب الآن على رجلك”. لقد أجبت بهذا الأسلوب لأنني كنت أعلم بأنه فيما لو قلت: “أخبرني…” فهو لن يتكلم. إذا ما ادّعيت عدم المبالاة فإن الآخر سيبدأ بالكلام كونه تعرّض لأذى داخلي ويحتاج أن يتكلم عن ذلك.

وهذا ما حدث مع ألان. بدأ يتكلم ويتكلم… كيف أن معلمه (الغورو) كان مشهوراً في وسط كبير من الناس في أستراليا. كيف أن أصدقاءه أرسلوه ليسجل أحاديثه وبذلك ينشر تعاليمه… وهكذا. وكان ألان يستمر بالقول :”لا أريد أن أراه بعد الآن. لا أريد! لا أريد تسجيل تعاليمه أو أي شيء آخر. ما عساي أفعل؟”. عندما انتهى علاج كاحله المصاب، قلت له:”لنذهب. سآخذك إلى شيخ أعرفه جيداً، وهو سيخبرك بكل ما تريد أن تتعلمه عن الفلسفة الهندية. وفي الوقت نفسه سيكلمك عن…”، “يجب أن تعلمي بأنني لا أريد أن أسمع أي شيء عن المسيحية أو أشياء من هذا القبيل”. “لنذهب وسوف ترى”. كان ذلك الشيخ غاية في الحكمة. كان يعلم الفلسفة الهندية، وقد خدم في المدارس المسيحية، لكنه لم يحاول اقتناص أي مسيحي يأني إليه. حالما وصلنا، سأل ألان إذا كان يرغب بالبقاء بقربه. “نعم”، أجاب بذلك لأنه تأثر بتواضع ومظهر الرجل، الذي كان يبدو كنبي قد خرج من العهد القديم. “حسناً!، إذن اجلب كتابك المقدّس أيضاً ودعنا نقرأه سوية. هل تقرأه؟”، “كلا”. “يا للخسارة لأنني لن أستطيع أن أقول لكَ: قم أحمل سريرك وامشِ… على أي حال، اجلب كيس نومك وتعال اجلس هنا”. كان ألان في ورطة لذا فإنه ذهب وبقي مع الشيخ لبعض الوقت. كنت أراه في غالب الأوقات وكنا نتحادث.

مرة قال لي: “لقد قلتِ لي بأنه، عندما يريد الله أن يكون شيء فإنه يكون. وبأنه عندما تسلّم نفسك، من تلقاء إرادتك، إلى يدي الله فإنه يستجيب طلباتك. وتقولين أيضاً بأن الطريق الوحيد للوصول إلى الله يجب أن يمر عبر المسيح الذي يمسك أيدينا ويقودنا إلى حيث يجب أن نمضي، شرط أن نوليه كامل ثقتنا”. “نعم” أجبت “لكن يجب أن تقوم بذلك بصدق”.

في يوم آخر فال لي: “لقد قلتِ أنه يجب أن نسلّم ذواتنا إلى يدي الله وحينها… حسناً! إذن، لنذهب كلانا، بدون أن نحمل أي مال، إلى الجبال، إلى مكان غريب ونرَ ماذا سيحصل. هل سنجد طعاماً ومأوى، حسب ما تقولين بأن ذلك سيحصل؟”، “لا تشك أبداً بأن ذلك سيحصل”، “هل أنت على يقين من ذلك؟”، “طبعاً”. “حسناً، إذا ما رأيت ذلك يحدث فسوف أؤمن بالمسيح وأتخلى عن كل المعلمين والغورو وما شابههم”. لا يزال الكتاب المقدس يقول، يا أولادي: “لا تجرّب الرب إلهك” و”لاتفتشوا عن علامة”. لكنني، في تلك الأيام، كنت جد متحمسة أن لا يخسر هذا الشاب المسيح… طالما أنه ولد في بلد مسيحي. ما يجب أن يُعمل على هذه النقطة؟ لذا قلت: “حسناً، لنذهب”. كان لدينا قليل من المال: حوالي الروبية (عملة هندية) أي ما يكفي لثمن تذكرة القطار وأجرة مبيت ليلة واحدة في مكان متواضع. لم يكن لدينا أية فكرة عما سيجلبه لنا اليوم التالي، لكنني كنت واثقة جداً كما لو كنا ذاهبان إلى مكان حميم.

باكراً، في صباح اليوم التالي، انطلقنا إلى الجبال ومعنا بعض الفاكهة. مشينا صعوداً فصعوداً… توقفنا، ظهراً، على هضبة للحصول على بعض الراحة. “لا عجيبة حتى الآن” قال ألان. “لا تكن فاقد الصبر” أجبت، “لقد قلت لك بأنه إذا ما كانت هذه مشيئة الله فإننا سنجد مكاناً لإمضاء ليلتنا”. كانت الشمس تغيب والظلام يخيم بسرعة، كما هو الحال دائماً في الجبال. استطعنا مشاهدة الوادي، ولنكن صريحين، فقد بدأت أفكر بأن العجائب التي انتظرناها كانت بشكل ما… قد فات موعدها، لكن الله سوف يمُدنا… “حسناً، ما تقولين الآن؟” سألني ألان. “أقول بأنه يجب علينا أن نمضي الليلة حيث يريد الله”. بعد قليل، وعندما كانت الشمس على وشك الغياب، رأينا شيئاً يلوح لناظرينا خلف قمة التلة. رأينا أولاً خوذة استوائية، ثم وجهاً، وبعد ذلك هنديان. حالاً بعد ذلك استطعنا التمييز بان الشخص صاحب الخوذة كان سيدة أوروبية كهلة ترتدي نظارات. أما الشخصان الآخران فكانا فتاتين هنديتين.

عندما أصبحوا قريبين منا، تبادلنا التحيات. “مساء الخير”. “مساء الخير، من أين تأتيان”، ” أتينا من الوادي أسفل”. “وإلى أين أنتما ذاهبان؟”، “إلى أصدقاء”… نظر إلي ألان من طرف عينيه وهو يفكر “لماذا تكذب؟”… “ومن أين أنتما؟”، “أنا من اليونان وهذا الشاب من أستراليا”. “أنا من هولندا” قالت السيدة. لقد نشأت في الولايات المحدة، وهاتان الفتاتان هما من الستة اللواتي تبنيّتهن هنا. لقد عنيت بتعليمهما وهما ممرضتان مجازتان. ما هو علمكما؟”

“إنني أُدرِّس العلاج بالتدليك وقد أنتهيت للتو من أحد المستوصفات”. “آه، لقد أرسلك الله. هل أنت حرة من أي ارتباط فتأتي الليلة إلى حيث نقيم؟ لدى هاتين الفتاتين اجازة لمدة شهر، ربما تستطيعين أن تقومي يتعليمهما قليلاً” … “سأكون مسرورة” قلت “لكن يصحبني هذا الشاب وقد كنا ذاهبين…”، “لن يكون هناك أي مشكلة. لدي ابن قد تبنيته. سوف يتشاركان غرفته، وسنكون في هذه الليلة كعائلة واحدة”. “شكراً لك، والشكر لله لهذا اللقاء”.

وقف الشاب الأسترالي منبهراً مصعوقاً بكل معنى الكلمة! لقد صنع الله أعجوبته وكنتُ في غبطة. لقد شعرت بالحماس خلف الكلمات. كانت الهند مغامرتي العظيمة في إيماني بالله. لقد ذهبت إلى هناك غريبة في بلد غريب، لا معرفة لدي بلغاته… على أي حال، وصلنا، أخيراً، إلى بيتهم الذي يقوم في أعلى الجبل، بيت جميل على هضبة. هناك سردت لي مضيفتي كيف تركت بيتها وهي لا تزال شابة، كيف عاشت كل هذه السنوات وهي تُدعم في مشاريعها من قبل أصدقائها فقط، لأنها لم تنتسب لأية إرسالية، وكيف شعرت أن الله باركها.

في تلك الليلة كان صديقنا الأسترالي متأثراً لدرجة أنه قال لي والدموع تذرف من عينيه: “أيتها الأخت ليلا، اجلسي إلى البيانو ودعينا ننشد الآن كل الأغاني الميلادية. لقد ولد الرب يسوع للتو في قلبي”. فبدأت بالعزف على البيانو، وكل الحضور: الأم والبنات والصبية بدأوا بالغناء، في عزّ الصيف، كل الترانيم الميلادية التي كانوا يعرفونها… كان ألان حرفياً في نعيم الله.

أنظروا كيف أن الله يقوم بأعاجيبه حيثما وأينما يشاء. فهذا الشاب قد ضلّ، لأنه كان يتلمّس طريقه في الاتجاه الخاطئ. وبما أن الله أراده أن يكون في الطريق الصحيح، فقد حدثت كل تلك الأمور. كنت واثقة بأنه لن يضلّ، في عمر السادسة والعشرين، في تلك التمارين الخطرة، التي كانت ضارّة.

…على أي حال، أقمنا مع أصدقائنا الجدد خمسة عشر يوماً وقد علّمت الفتيات ما يحتجن إليه. ثم عاد ألان إلى أستراليا. أصبحنا أنا والسيدة المرسلة صديقتين ومن ذلك الوقت، كانت تدعوني في كل سنة لإمضاء قسم من الصيف معها. لم تنسَ لا هي ولا عائلتها تلك الحادثة، خاصة عندما أخبرتهم ما حصل مع ألان لاحقاً…

ذلك بأن قصة ألان لم تنته هنا. مضت سنة، ثم أخرى، فعاد ألان إلى الممارسات ذاتها وإلى جماعته القديمة، في غضون ذلك كنت قد ذهبت عالياً إلى الجبال ولم يعلم أحد أين أنا. أخبرني لاحقاً بأنه كان لا يزال يتذكر ما كنت أردده له فيفكر في نفسه: “بنفس الطريقة التي كانت تقول فيها الأخت ليلا “نعم” عندما تُدعى، سوف أقول هذه المرة أيضاً “نعم” وأرى إلى أين سيقودني ذلك”. لقد كان قد وصل إلى ذلك القرار لأنه، مرة أخرى، شعر بعدم الرضى عن نفسه. لذا، فإنه سافر إلى حيث ظن أنه سيجدني ليقال له: “لن تأتيَ إلى هنا هذه السنة. إنها فوق في الجبل”.

الآن، لاحظوا هذه الصدفة! أتى احدهم إلى حيث كنت أقيم وقال لي: “هل تعلمين أن ألان الذي من أستراليا هو في مكان كذا وكذا”. فكّرت في نفسي بأنه علي أن أكتب إليه وأدعوه إلى هنا… وحين كان ألان يتوقع دعوة ممن لا أدري من يكون، حتى يحصل له تبدل عظيم في حياته، استلم رسالتي. كانت الدعوة الوحيدة التي حصل عليها! انطلق حالاً ووصل إلى حيث كنت في أعالي الجبال، فكنا الأوروبيَين الوحيدَين. وبدأ بإخباري: “كل ما حدث حينها كان جيداً بالحقيقة. منذ ذلك الحين، صادفت كثيراً من الأمور التي لم تمضِ بحسب الطريقة التي قلت. إن سبب عودتي إلى الهند، هو للتفتيش عن الحقيقة”، “لكنني أخبرتك يا ألان أن الحقيقة ليسة نظرية، المسيح هو من قال: “أنا هو الحقيقة”.

“ماذا تريد أكثر من ذلك؟ ربما المزيد من العجائب؟”، “تقولين انك تعيشين طوال الوقت في وسط العجائب”. “نعم”، اني أعيش في عجيبة. لأن الحقيقة أنك على قيد الحياة وأنك قد عدت هو عجيبة. لأن حقيقة أننا أنت وأنا لدينا عيوننا وأرجلنا هي عجيبة. أنظر من حولك، حيث أعمل مع المصابين بالجذام. ألا ترى العميان؟ كل هؤلاء الناس المعذبين؟ لماذا هم وليس نحن؟ أتساءلت عن ذلك؟ كل ما لدينا هو بفضل نعمة الله! وذلك رغم خطايانا. إننا ما نحن عليه بفضل نعمة الله. بواسطة ذبيحة دم المسيح. ألا تفهم ذلك؟”

أثناء كلامي، أتى رجل وعيناه مغروقتان بالدموع: “أرجوك هلمي بسرعة إلى المستوصف، لقد أصيب ابني إصابة مميتة”. كانت القرية صغيرة جداً ولم يكن المستوصف ذا أهمية. قابلنا الطبيب وقال: “هل أتيتم من أجل الصبي؟ لقد سقط عن السقالة، وأظن أنه كسر عموده الفقري. أخشى أن لا يحيا لهذه الليلة”. دخلنا وشاهدنا شاباً في الثامنة عشر من عمره. لقد تأثرت بعمق وبدأت بمداعبة جبهته بلطف. ثم استدرت نحو والده وقلت: “عظيمة هي عجائب الله. سيحيا الصبي. لا تقلق”.

حينئذٍ تدعو، فيجيب الرب، تستغيث فيقول: ها أنذا (اشعيا 9:58)

فجأة، فتح الصبي عينيه قليلاً (لاحظوا: كانت عجيبة كبرى أن الرب كان يصنعها استجابة منه لصلواتها وتعاطفها، من اجل ان يعاين ألان ذلك…). الوالد، الذي كان قد ظن بأن ابنه سيموت، عندما سمع أن ابنه من الممكن أن يحيا، نظر إلي وقال: “حسناً بما أن ابني سيحيا، أعطني قليلا من المال للطعام لأنني جائع”. أعطاه ألان شيئاً وثم غادرنا المستوصف. أرادنا ألان، في الصباح التالي، أن نذهب لنرى فيما إذا كان الصبي لا يزال على قيد الحياة. قابلنا الطبيب على مدخل المستوصف، وفي اللحظة التي شاهدنا فيها قال: “سأخبركم شيئاً مدهشاً. أحيانا تلعب الطبيعة لعبتها! لقد تعافى الولد، وفي هذا الصباح بدأ مع والده رحلة الميل عائدَين إلى قريتهما. في هذه المرة كان الأسترالي مشدوهاً. كان بالفعل محطماً. استدار وقال: “أنني أؤمن الآن بقدرة الله الكلية! أؤمن بالمسيح! انني مسيحي من كل قلبي! سأعود إلى دياري. لقد وجدت ما كنت أبحث عنه”.

غادر ألان… ومرت السنون. غادرتُ الهند أيضاً… ذهبت إلى “بيتاني” وأصبحت مبتدئة (في الرهبنة). تلقيت، في أحد الأيام، رسالةً من ألان يكتب فيها: “لقد ملأتني كبريائي العظيمة باليأس. كانت ثلاث فتيات قد شارفن على الغرق أثناء السباحة، وبما أنني سباح ماهر ارتميت في البحر وأنقذتهن. سيطرت الحادثة على عقلي، فظللت أمضي في كل مكان وأقص على الجميع كيف أنقذتهما. في النهاية عانيت من بعض الخلل العقلي وتم أخذي إلى مصح عقلي.

لقد تعافيت الآن، فقد أخبروني أنني قد عدت إلى وضعي الطبيعي. لكنني لا أزال أشعر انني لست على ما يرام داخلياً. ماذا تنصحيني أن أفعل؟”. خلال أقامتي في الهند قابلت الأب ألعازر وهو أرثوذكسي انكليزي. فكتبت لألان: “إذهب إلى الهند. ولكن هذه المرة توجه مباشرة إلى الأب ألعازر”. في الوقت نفسه كتبت رسالة للأب ألعازر.

عندما استلمت رسالة من الأب ألعازر، علمت أن ألان فتش عنه لمدة سنة. حضر القداس، لكنه لم يتفوه بكلمة. كان الأمر محيراً. في صباح أحد الأيام قال: “أبت، لقد عرفت الأخت ليلا منذ عدة سنوات. لم تسألني حينها فيما إذا كنت مسيحياً او معمداً. لست مسيحياً. أرجو أن تعمدني”. كانت فرحة الأب ألعازر عظيمة. قام بتعميده على اسم القديس أدريانوس. ثم طلب أدريانوس بركة الأب وغادر من أجل التبشير…

إنها عجائب الله المنعشة للروح.

Published
Categorized as قصة

Leave a comment