تأمل في سفر أرميا النبي

تأمل في سفر أرميا النبي
13:11و14

إعداد الأب قسطنطين هلسا


وأنت لا تصلي لأجل هذا الشعب ولا ترفع لأجلهم دعاء، لأني لا أسمع في وقت صراخهم التي من قبل بليتهم.

طلب عجيب يطلبه الرب من أرميا. لم يطلب مثله قبلاً أو بعداً، بل بالعكس يحض على الصلاة ودوامها وأن الإنسان لا يستطيع الحياة بسلام بدونها.

ولمن يوجه الخطاب؟ إنه لأرميا النبي والكاهن.

مهمة الكاهن الأساسية هي الصلاة عن نفسه وعن الشعب، أي أن الكاهن مقام لرفع الصلاة كملاك سفر الرؤيا أصحاح 8 الذي رفع صلوات القديسين مع البخور نحو عرش النعمة.

يطلب الرب من أرميا الكاهن أن لا يصلي لأجل هذا الشعب ولا يرفع دعاءً لأجل أحد منهم لأنه لن يستجيب.

لقد كان الشعب مسبياً في بابل ومصائبهم لا تعد لأجل الذل الذي عاشوه هناك، ومع ذلك لن يستجيب لهم الرب لا أفراداً ولا مع الكاهن، لقد تركهم لعبادة الباطل وجعل أخبار خزيهم تجوب أقطار الأرض كلها، لأنهم تركوا الرب ولم يعبدوه بقلب صاف، وتكبروا حتى على أبراره وكهنته بل وعلى شريعته كلها.

هذا حال الشعب في العهد القديم. فماذا عن شعب العهد الجديد؟

لقد استنار شعب العهد الجديد بالمعمودية، وأخذ أفراده ختم موهبة الروح القدس بمسحة الميرون المقدسة ختماً أبدياً به يميزهم الرب من بين الأمم والشعوب، ومنحهم نعمة الخلاص المجاني بدم المخلص، وأعد لهم ملكوتاً من قبل إنشاء العالم، وأعاد لهم حلتهم الأولى على صورة الله ومثاله، تلك الحلة البهية التي شوهها آدم بالمعصية والكبرياء، وأجلس طبيعتهم الجديدة عن يمينه في السماء في المسيح، كل هذا أعده الرب للمولودين من الماء والروح، هذا الماء المقدس الذي اقتناه الآب بدم ابنه على الصليب، ومسح كهنة لخدمتهم وللسهر والصلاة لأجل نفوسهم، وتقديسهم بالأسرار المقدسة لكي يثبتوا فيه ويثبت هو فيهم. أحبهم بلا حدود وبذل عنهم أغلى ما عنده وهو ابنه الوحيد.

ما كانت النتيجة؟

1- ازداد الغني غنى، ونسي نصيب بيت الرب والفقراء.

2- أصبح العالم وجاه العالم له إلهاً ونسي مصدر الغنى والجاه وهو الله.

3- تكبر الإنسان مغروراً وقال من مثلي وأصبح الناس جميعاً دونه في نظر نفسه المتكبرة.

4- نسي كلمة الحياة ولم يلهج بها ولم يخبئها في قلبه ويظهرها في حياته.

5- نسي بيت الرب وسخر بمن يدخله من البشر ومن الساكن فيه واصفاً إياهم أوصافاً بشعة.

6- تذمر على كل محنة بدل الطلب من الله أن ينجيه منها.

7- ألهى نفسه بالسكر والقمار واللهو بل والعبث بالمقدسات.

8- سمع كلمة الحياة وتأثر بها ولكن أثرها محي في الحال لأن أساسها على الرمل فسقط.

فهل يستجيب الرب لصلاة من مثل هؤلاء؟ وهل يستجيب الرب لصلاة ودعاء الكاهن إذا صلى لهم وعليهم؟ الرب نفسه يجيب أرميا النبي والكاهن:

وأنت لا تصلي لأجل هذا الشعب ولا ترفع لأجلهم دعاء، لأني لا أسمع في وقت صراخهم التي من قبل بليتهم.

يفرز الله من بيننا كهنة يسهرون ويصلون لأجل نفوسنا، فلنساعدهم بأن نسهر نحن أيضاً على نفوسنا. بيت الرب أيضاً يُضاء ببهاء مجد الرب الذي يظهر فينا لا بضوء المصابيح.

إن أمّنا مستقبلنا الأرضي ومستقبل أولادنا، فهذا فانٍ وزائل. فلنؤمّن مستقبلنا الأبدي ومستقبل أولادنا الأبدي أيضاً فهم مسؤوليتنا، عواطفنا قوية تجاه أولادنا لينجحوا في الحياة الحاضرة، فلنمدّ هذه العواطف أيضاً تجاه مستقبلهم الأبدي، لأننا لا نرضى الهلاك لهم في يوم الرب.

إذا صلّى الكهنة لأجلنا، يقول الرب: أين هؤلاء الذين تصلّون من أجلهم؟ لماذا لا أراهم في بيتي؟ وإذا حضروا لماذا يصلّون إلي بقلوب باردة لا حرارة فيها؟

أيها الأحباء: الوقت وقت عمل للرب فلنبادر إليه، إنه وقت تأمل فلنصمت متفكرين في عقابه، إنه وقت صلاة فلنرفع نحوه صلاتنا لينظر صلاتنا وصومنا وتقدمتنا ذبيحة حية يتنسّم منها رائحة الرضى. فلنفكّر بالأبدية، إنها تستحق التفكير بها، فلنقرأ كلمة الحياة وللننهل من نبعها الصافي تصفيةً لما يعكّر صفو حياتنا في المسيح. آمين

Leave a comment