شرح دستور الإيمان – 2

شرح دستور الإيمان – 2

القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

22. بماذا نعترف من خلال التسمية الأخرى: “ابن الله”؟

من خلال هذه التسمية نعترف بأن الربّ يسوع المسيح هو ابن الله الآب، الذي لا بداءة له، وأنه هو كلمة الله الذي يفيض من الطبيعة الإلهية، والشخص الثاني من الثالوث، وبهاء مجد الآب.

23. بماذا نعترف بكلمة “المولود”؟

بهذه الكلمة نحن نعترف بأن هناك ابن واحد وهو كلمة الله، وأنّه كان في حضن الآب، وقد وُلِد منه قبل الدهور.

24. ماذا يقول الكتاب المقدس؟

إنجيل يوحنا يدعو يسوع المسيح بالابن المولود ويقول : “وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا” (يوحنا 14:1)، ويضيف بعد ذلك “اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ” (يوحنا 18:1).

25. بمَ نعترف في قولنا: “المولود من الآب قبل الدهور”؟

نعترف بأنّ كلمة هو الوجود (الأقنوم) الثاني المميّز في الثالوث القدوس، وبالتالي هو كان في الآب قبل كلّ الدهور.

26. بمّ نعترف بقولنا: “نور من نور، إله حق من إله حق”؟

هنا نعترف بأنّ السيد يسوع المسيح هو ابن الله بالطبيعة وليس بالنعمة، كالذين نالوا التبنّي بيسوع المسيح (يوحنا 14:1، أنظر تعليم كيرللس الأروشليمي الثالث)؛ وبأنّه نور بلا زمن خارج من نور الألوهة المثلّث الشموس، وبأنّ الابن وكلمة الله هو نور كما أنّ الآب نور، لأنّه إله حقيقي لا بالنعمة أو بالاشتراك بالنعمة الإلهية، بل بحسب الطبيعة، على أنّه من الإله الحقّ الواحد، كما الشعاع من الشمس.

27. ماذا يقول الكتاب في هذا الإطار؟

يقول النبي إشعياء: “لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ الشَّمْسُ نُورًا فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئًا، بَلِ الرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا وَإِلهُكِ زِينَتَكِ” (19:60). ويقول الرسول بولس: “الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ” (عبرانيين 3:1). ويقول يسوع عن نفسه: “أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ” (يوحنا 12:8).

28. ما الذي نعترف به بقولنا: “مولود، غير مخلوق”؟

بهذه الكلمات نعترف ونشدّد على أن الرب يسوع المسيح هو ابن الآب الذي لا بداءة له وليس خليقةً تألّهت بالنعمة.

29. بمَ نعترف بقولنا: “مساوٍ للآب بالجوهر”؟

يسوع المسيح هو ابن من جوهر الآب، لا من جوهر مشابه له، لأنّ فيه كامل كيان الآب، كمثل النور من النور، وليس من كائن آخر. كما نعترف بأنّه الكلمة الإلهي الجالس على عرش الثالوث.

30. ما هو الاعتراف الذي نقدمه بقولنا “الذي به كان كلّ شيء”؟

هنا نعترف بأن الربّ يسوع المسيح هو ابن الله وكلمته، كمثل النور من النور، الإله الحق من الإله الحق، وليس أنّه غير مخلوق وحسب، بل أنّه هو الخالق لكل الطبيعة المنظورة والمُدرَكة، وأنّ به تكوّنت كل الأشياء ومن دونه لم يكن شيء مما كوِّن (أنظر يوحنا 3:1).

31. لماذا نعترف بأن به كان كل شيء؟

إن عبارة “به” تساوي عبارة “منه”، وهي تعلن أنّ التكوين كان بإرادته وتصميمه، وليس كما بأداة. يذكر الكتاب المقدّس: “كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ” أي “هو صنع العالم” كما يظهر من الفصلين الأول والثاني من إنجيل يوحنا.

32. بماذا نعترف في البند الثالث من دستور الإيمان أي في قولنا “الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنّس”؟

من خلال البند الثالث نحن نعلن إيماننا ونعترف بأن الربّ يسوع المسيح، ابن الله وكلمته، نزل من السماء واتّخذ جسداً من الروح القدس ومن مريم العذراء التي حبلَت به بطريقة فائقة للطبيعة بمجرّد قبولها رسالة الملاك وإعلانها: “هاءنذا أمة للرب، فليكن لي بحسب قولك” (لوقا 38:1).

33. ماذا يقول الكتاب المقدس عن نزول الرب يسوع المسيح من السماء؟

يذكر الإنجيلي يوحنا ما قاله يسوع المسيح عن نفسه: “وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ” (يوحنا 13:3، 31، 28:16، و1 كورنثوس 47:15).

34. ماذا يروي الإنجيلي لوقا عن العذراء مريم كوالدة الرب يسوع المسيح؟

يقول الإنجيلي لوقا أن العذراء مريم قصدت أليصابات وسلّمت عليها، وأنّ اليصابات، امتلأت من الروح القدس، هتفت بصوت عظيم قائلة: ” مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!… فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ” (لوقا 39:45).

35. بمَ نعترف في قولنا “من الروح القدس ومن مريم العذراء”؟

إننا نعني ما يلي: الروح القدس الذي يقدّس ويحيي كلّ الأشياء، الذي منح الحياة لكلّ العالم المخلوق عند خلقه له، وأظهره قادراً على إنتاج الحياة الأولى في العالم، قدّس مستودع الدائمة البتولية مريم العذري وأفعمه بالحياة، وصار العلّة الخالقة لتجسّد الكلمة الإلهية وتأنّسه، حتّى أن آدم الجديد يتكوّن فتقدّم البشرية لكلمة الله إنساناً كاملاً وبلا خطيئة.

36. بمَ نعترف بقولنا “تأنّس” (أي صار إنساناً)؟

بعبارة “تأنّس” نعترف بأنّ الرب يسوع المسيح، كلمة الله، لكونه إلهاً كاملاً، صار إنساناً كاملاً، وهو إله-إنسان. أي أنّه، كإنسان كامل، له نفس عاقلة، وأنّ الطبيعيتين الإلهية والبشرية اتّحدتا في أقنوم (شخص، كائن) واحد من دون تشوّش أو تبدّل أو انقسام أو انفصال أو تحوّل، وأنّ كلّ طبيعة حفظت كل صفاتها الخاصة. “من دون تشوش” تعني من دون أن يتّخذ طبيعة بدل الأخرى. “من دون تبدّل” تعني أن أياً من الطبيعتين لم تتحوّل إلى الأخرى. “من دون انقسام” تعني أن أياّ من الطبيعتين لم تكن في خدمة الأخرى. “من دون انفصال” تعني أنّ الطبيعتين موجودتان معاً،  و”من دون تحوّل” تعني أنّ الطبيعتين غير قابلتين للتبدّل بل تبقيان على حالهما إلى الأبد.

37. بمَ نعترف ونؤمن حول العذراء مريم؟

في ما يختصّ بالعذراء مريم، نحن نؤمن ونعترف بأنّها كانت مباركة بين النساء واختيرَت من بين كل الأجيال، وأنّها كانت عذراء قبل أن تَلِد، وأثناء الولادة، وأيضاً بقيت عذراء بعد أن وَلَدَت. لهذا هي تُسمّى “الدائمة البتولية” و”الدائمة العذرية” والعذراء بامتياز، لأنّها وَلَدَت الإله الذي صار إنساناً وظَهرَت حاملة الإله.

38. ما الذي نعترف به من خلال البند الرابع في دستور الإيمان: “صُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي وتألّم وقُبِر”؟

بهذا البند نحن نعلن إيماننا واعترافنا بأنّ الرب يسوع المسيح، إذ قد تانّس لأجل خلاص العالم، تألّم كإنسان على عهد بيلاطس البنطي، بالرغم من كونه غير قابل للألم في ألوهيته، وأنّه احتمل الموت من أجلنا ودفِن بالجسد، وفيما كان في الجحيم كإله بالنفس، كان في الفردوس مع اللص، ومع الآب والروح على العرش، متمماً كلّ الأمور التي يصعب وصفها.

39. بمَ نعترف أيضاً في هذا البند الرابع؟

نعترف بأن يسوع المسيح، من خلال موته على الصليب، صالح البشرية مع الله، بتقديمه نفسه إلى الآب كضحية طاهرة من أجل حياة العالم وخلاصه. لهذا السبب، كلّ الذين يؤمنون به يخلصون، فيما الذين لم يؤمنوا به يُعاقَبون، لكونهم تحت الخطيئة الجدية وخطاياهم الذاتية، فنحن لا نتبرر ونُفتَدى أمام الله إلا من خلال هذه التقدمة، لأن كل التقدمات الأخرى التي للناموس القديم صارت غير نافعة، لكونها ظلاً وحسب، وأن بموت المسيح المخلّص اكتمل عمل التدبير الإلهي، وأخيراً أنّ الرب يسوع المسيح هو رئيس الكهنة على رتبة ملكيصادق الذي، بحسب الكتاب المقدّس، دخل مرة إلى قدس الأقداس ووجد الخلاص الأبدي وبالتالي رئاسة هرون الكهنوتية انتهَت.

40. ما هي نتائج موت مخلصنا يسوع المسيح على الصليب؟

النتائج المخلّصة العالم المتأتية عن دم إلهنا الغالي الذي أُهرِق على الصليب، هي التالية:

أ)التطهر من الخطايا (يوحنا 7:1، عبرانيين 13:9، 14،…)

ب)التحرر من الخطيئة (رومية 20:6) ومن أبيها الشيطان (2تيموثاوس 26:2،…)

ج)الفداء من اللعنة (غلاطية 13:3، 1كورنثزس 20:6، 28:7، …)

د) المصالحة مع الله (كولوسي 19:1، 22، روما 10:5، وغيرها)

ه)الارتباط بالله من خلال العهد الجديد (عبرانيين 15:9، 24:12، أفسس 13:818)

و)التبنّي والعيش مع الله (غلاطية 4:4، افسس 19:2،  2بطرس 4:1)

ز)التقدّس في الحياة الحاضرة من خلال نعمة الرب (1بطرس 24:2، أفسس 25:5-27، كولوسي 21:1-22، تيطس 14:2)

ح)ميراث المجد الأبدي والبركة (يوحنا 14:13، روما 10:5، عبرلنيين 20:2)

41. ما هو اعترافنا من خلال البند الخامس من دستور الإيمان: “وقام من بين الأموات على ما في الكتب”؟

إن اعترافنا وإيماننا المعبّر عنه في البند الخامس من دستور الإيمان هو: أ) أن الرب يسوع المسيح، حياة الكلّ، قام من بين الأموات، في اليوم الثالث، كما قال هو وكما تنبأ الكتاب المقدس وب) أنّه سوف يقيمنا مجدداً في اليوم الأخير، فنكون أوّل المولودين من الموت، كما أنّه هو أول الخليقة الذي يسود الأحياؤ والأموات.

42. بمَ نعترف في البند السادس من دستور الإيمان: “صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب”؟

نعترف بأن الرب يسوع المسيح الذي قام من الموت، صعد بمجد إلى السماوات وجلس عن يمين الله الآب. نعترف أيضاً أنّه ظهر لتلاميذه القديسين لمدة أربعين يوماً، وأنّه عند صعوده حمل معه البشرية التي اتّخذ جسدها وقدّسه.

43. ماذا نعني بعبارة “جلس عن يمين الآب”؟

نعني أنّه جلس على نفس العرش مع الآب وبنفس المجد والسلطان اللذين كانا له قبل الدهور.

44. بماذا نعترف في البند السابع: “وسوف يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه”؟

بهذا البند نعترف بأننا نؤمن بالمجيء الثاني لربنا يسوع المسيح، الذي سوف يكون مملؤاً مجداً وقوة، والذي فيه سوف يقاضي الأحياء والأموات كقاضٍ عادل، وسوف يحاسب كلاً بحسب أعماله، وبمكافأته للأبرار سوف يمنحهم الحياة البدية، بينما في معاقبته للأشرار سوف يدينهم بالعذاب الأبدي، كما قال: ” «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ…” (متى 31:25-46) وكما يظهر البرق من الشرق إلى الغرب، هكذا سوف يكون ظهور ابن الإنسان “لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ” (متى 27:24).

Leave a comment