الإسم الإلهي في الكتاب المقدس

الإسم الإلهي في الكتاب المقدس

الخورية سميرة عوض ملكي

الإسم الإلهي في العهد القديم

في العهد القديم، كما في حضارات أخرى قديمة كثيرة، يوجد تطابق عميق وأساسي بين نفس الإنسان واسمه الذي يدلّ على شخصه. أن تعرف اسم شخص ما، فهذا ينوب عن معرفته بالذات. أن تقوم بأمر ما باسم آخر، أو أن تدعو وتتوسط باسم شخص ما، من الأمور التي تنطوي على أهمية كبيرة. إذ عندما يُذكر الاسم، فهذا الاسم على الفور يستدعي نفسه، وكل ما ينطبق على الاسم البشري ينطبق أكثر، وبلا قياس، على الاسم الإلهي. فمجد الله وقوته حاضران في اسمه ويعملان باستدعائه. كان لدى يهود العهد القديم احترام خاص لاسم الله الرباعي الأحرف، أي يهوه، والذي لا يمكن لأحد أن يلفظه بصوت عالٍ، حسب تقليد حاخامي متأخر، إلى درجة أن هذا الاسم لم يكن يُذكَر بشكل مسموع حتى في العبادة في المجمع. وكان يُرى اسم الله كامتداد لشخصه، وكظهور لكيانه، وكتعبير عن قوته. وباستمرار التقليد نفسه، أبدت المسيحية، منذ البداية، احتراماً للاسم الذي اتخذه الله في تجسده: يسوع. ولفظة يسوع هي اختصار للفظة “يهوشاع”، وترجمتها يهوه المخلص. واسم يهوه هو الاسم الذي تتوَّجه عبارات الدعاء إليه. بينما في العهد الجديد فتتوجَّه إلى يسوع. وفي العهد القديم، يهوه هو المخلص وحده، بينما في العهد الجديد يسوع هو وحده المخلّص. وبالتالي فالدعاء عبارة وفعل إيمان لا يليقان إلا بالله الأحد الذي لا شريك له. وسنورد في ما يلي بعضاً من آيات العهد القديم للدلالة على أهمية هذا النوع من الدعاء.

–       الله هو الذي حدّد اسمه كما في خروج 15:3: “وقال الله أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم… هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور”.

–       هو الذي ذكر أنه يستجيب لاستدعاء اسمه كما في زكريا 9:13: “هو يدعو باسمي وأنا أجيبه. أقول هو شعبي”.

–       عدم دعوة اسمه هو إشارة إلى غيابه كما في أشعياء 7:64 : “ليس مَن يدعو باسمك أو ينتبه ليتمّسك بك لأنك حجبت وجهك”.

–       يدعو إرميا الله إلى سكب غضبه على الأمم الذين لا يدعون اسمه، كما في 25:10: “اسكب غضبك على الأمم التي لم تعرفك وكل العشائر التي لم تدعُ باسمك”.

–       هذا الاسم هو موضع تمجيد أيضاً، كما تتكرر الدعوة في مزامير داود. في المزمور 19:71: “مبارك اسم مجده إلى الدهر”، وفي المزمور 2:96: “باركوا اسم الرب من يوم إلى يوم بخلاصه”.

–       أيضاً في المزامير يظهر الاسم كموضوع للصلاة، كما في المزمور 55:119: “ذكرت في الليل اسمك يا رب”، وفي المزمور 4:63: “هكذا أباركك في حياتي.. وباسمك أرفع يدي”، وفي المزمور 3:99: “يحمدون اسمك العظيم والمهوب. قدوس هو”. وفي المزمور 50:17: “لذلك أعترف لك يا رب بين الأمم ولاسمك أرتل”.

–       هذه الدعوة باسم الرب والصلاة لاسمه قديمة في العهد القديم كما يخبر داود في المزمور 6:99: “موسى وهرون بين كهنته وصموئيل بين الذين يدعون باسمه… دعوا الرب وهو واستجاب لهم”.

الاسم الإلهي في العهد الجديد

هذا المفهوم للاسم في العهد القديم، مع الدعاء المرتبط به، عَبَر منه إلى العهد الجديد حيث يوجد العديد من النصوص التي تشير إلى أهمية قوة اسم يسوع واستدعاء اسم الرب.

وفي ما يخص قوة اسم يسوع، أتى في العهد الجديد:

–       إعلان يسوع نفسه في العشاء الأخير عن أن ما يُطلَب من الله باسمه يستجاب، كما في يوحنا 23:16و24: “إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم”.

–       هذا الاسم هو الوحيد الذي يخلّص كما يؤكّد القديس بطرس بشكل مهيب أمام اليهود، الذي بعد أن يذكر “اسم يسوع المسيح الناصري”، يعلن في أعمال 10:4و12: “لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص”.

فبالإضافة إلى الاسم الفعلي، الجوانب الأخرى من الصلاة ذات أساس كتابي أيضاً إذ يمكن ملاحظة أكثر من صلاة مشابهة في العهد الجديد:

–       صلاة الأعمى في لوقا 38:18 “يا يسوع يا ابن داود، ارحمني”.

–       صلاة العشّار في لوقا 13:18 “أللهم ارحمني أنا الخاطئ”.

–       صلاة البرص في لوقا 13:17: “يا يسوع يا معلّم ارحمنا”.

وقد صارت عبارة “يا ابن داود” في الاستعمال المسيحي “يا ابن الله” بصورة طبيعية. هكذا، يرى الدارسون والممارسون لهذه الصلاة أن صيغتها المتطورة، “أيها الرب يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ”، أُخذت كلياً من الكتاب المقدّس.

كما أن في مواصفات صلاة يسوع استجابة لعدد من الآيات الإنجيلية:

–       قِصَر هذه الصلاة وبساطتها هي استجابة لكلام يسوع في متى 7:6: “وحينما تصلّون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يُستجاب لهم”.

–       جذرها في العهد الجديد هو اسم يسوع الذي فيه، بحسب الكتاب، مجد الله وقوته. كما في فيليبي: 9:2-10: “لذلك رفعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء، ومَن على الأرض، ومَن تحت الأرض”.

–       قوة هذا الاسم تخضع الشياطين، كما في لوقا 17:10: “فرجع السبعون بفرح قائلين: يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك”.

–       قوة هذا الاسم تشفي الأعرج من بطن أمه، كما في أعمال الرسل 6:3: “فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب، ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قمْ وامشِ”.

ويُلاحَظ أن التقليد الأرثوذكسي المتعلّق بتكرار صلاة يسوع مستمَد من دعوة الرسول بولس، في ا تسالونيكي 17:5، إلى أن تكون الصلاة بدون انقطاع، مستعملاً العبارة اليونانية (ADIALEPTOS): “صلّوا بلا انقطاع”. أما كلامه في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 19:14: “أريد أن أتكلّم خمس كلمات بذهني… أكثر من عشرة آلاف كلمة بلساني”، فيتخذ في التفسير الأرثوذكسي التقليدي معنى الاشارة إلى صلاة يسوع العقلية. فقد اتخذت عبارة “خمس كلمات” على أنها تعني صلاة “أيها الرب يسوع المسيح ارحمني”.

المراجع

  1. اسبيرو جبور. الدعاء باسم يسوع. 1995.
  2. الأسقف كاليستوس وير. قوة اسم يسوع. ترجمة الأب بولس يازجي. منشورات دير السيدة – بلمانا. 1994.
  3. فن الصلاة. تعريب عدنان طرابلسي. 1994.

Leave a comment