حتّى يستجيب الرّبّ

حتّى يستجيب الرّبّ

الأرشمندريت توما بيطار

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

كلّ منّا يتساءل: “لماذا، يا ترى، لا يستجيب الرّبّ، عندما نطلب إليه؟!” – الجواب نجده في هذا الإنجيل: “إن أنتم ثبتُّم فيّ وثبت كلامي فيكم، تطلبون مهما أردتم، فيكون لكم”.

إذا أردنا أن يعطينا الرّبّ ما نسأله عندما نطلب إليه، فعلينا أن نقوم بأمرين: الأمر الأوّل، يجب أن نثبت في الرّبّ، وأن يثبت كلام الرّبّ فينا! بكلام آخر، علينا أن نسلك في الوصايا الإلهيّة، أي علينا أن نسامح بعضنا بعضًا، ونرحم بعضنا بعضًا، ونحبّ بعضنا بعضًا… علينا دائمًا أن نكون أمناء للرّبّ في وصاياه. كلّ وصيّة من وصايا الرّبّ علينا أن نسلك فيها. هذا معناه الثّبات في كلام الله. ما لا يرضى عنه الرّبّ يجب ألاّ نفعله، مهما كان. وما يرضى عنه الرّبّ يجب، لا فقط أن نقبله، بل أن نغصب أنفسنا حتّى نقبله، لكي يباركنا الرّبّ. بهذه الطّريقة يثبت كلام الرّبّ فينا.

الأمر الثّاني، “إن أنتم ثبتّم فيّ…” ما معنى ذلك؟! – إذا أراد إنسان أن يعمل، مثلاً، في شركة؛ يتمّ توظيفه، في البداية، والانتباه له، لكي ما يُعرف ما إذا كان أمينًا، ويحتمل الضّيقات والقسوة. تتمّ مراقبته لمعرفة ما إذا كان سارقًا، أو مخادعًا، أو يترك عمله قبل الأوان، أو يغصب نفسه، عندما يتعب، حتّى يواظب على العمل، ويحفظ الأمانة للشّركة أو لا… يتمّ اختباره لمدّة من الزّمن؛ فإذا ما كان أمينًا للشّركة، تتمّ ترقيته. وإذا ما حافظ، بعد ترقيته، على أمانته؛ تتمّ ترقيته من جديد، حتّى يصبح، في النّهاية، مديرًا لهذه الشّّركة. أي إنّ هذا الإنسان يكون قد ثبت في الشّركة.

كذلك، إذا ما نحن قبلنا كلّ ما يرسله إلينا الله ، وشكرناه عليه، ولم نتذمّر إذا أرسل إلينا ما لا يعجبنا – مثلاً، إذا منحنا نجاحًا، نشكره. وإذا سمح بأن نفشل، أيضًا نشكره. إذا وفّقنا في عملنا، نشكره. إذا لم يسمح بأن نتوفّق في عملنا، أيضًا نشكره، ولا نتذمّر، بل نقبل. إذا كانت صحّتنا جيّدة، نشكره. وإذا كانت متوعّكة، أيضًا نشكره، ونقبل… – إذا قبلنا كلّ شيء من الرّبّ، فإنّنا، حينئذٍ، نثبت في الله. وإذا ثبت الإنسان في الله، وسلك في وصايا يسوع المسيح، عندها، بعد فترة اختبار – ربّما تدوم بضعة أشهر، أو بضع سنوات – إذا رأى الرّبّ أنّنا ثابتون، في كلّ ما للكلمة من معنى، فمهما طلبنا يكون لنا. مهما أردنا يكون لنا. الرّبّ يعطينا كلّ ما نطلبه إليه.

إذًا، المسألة متوقّفة، ليس على الرّبّ، بل علينا نحن إذا كنّا نقبل من يد الله كلّ شيء أو لا، إذا كنّا نطيعه في وصاياه أو لا.

آمين.

عظة  حول يوحنا 15: 1- 7، الجمعة 06 آذار  2009

Leave a comment