صوم السيدة

صوم السيدة

الراهب موسى الأثوسي

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

القديس غريغوريوس بالاماس رئيس اساقفة تسالونيكي اللاهوتي العظيم، رأى العذراء في رؤيا وكتب: “بأي كلمات بشرية نصف جمالك المنير من الله، أيتها العذراء والدة الإله؟ إن نعمتك يصعب تحديدها بالكلمات وبالأفكار. وحدها الرؤيا الإلهية تعطيها البريق والفرح والغبطة.”

جمال وجهها يأتي من نفسها الجميلة وقلبها الطاهر. إنه نور مفيض من الداخل مانحاً حشمة لا تضاهى وحسناً فائقاً. الجمال الصادر من طهارتها وحيائها وتواضعها اجتذب عين الله وجعلها أمَّ الإله والبشر.القديس نيقوديموس المتوشّح بالله يحثّ الجميع لتبنّي عقلية والدة الإله القديسة. لنهندم قلوبنا كما يليق لكي تسكن فيها فضائل والدة الإله حتى إذا ما رأينا هذه الفضائل عندنا نكتسب نِعم روحية وحسنات سماوية.

لقد وصلت أيام والدة الإله الخمس عشرة من شهر آب. أخبار الموت تأتينا من كل صوب وحدب. يومياً تصلنا نداءات لنذكر في الصلاة المرضى الذين في حالة حرجة، والموتى بمشاكل القلب والسرطان والأمراض المستعصية، وبأن نضيء لهم شمعة لدى والدة الإله العذراء.

العذراء مجروحة كثيراً إذ هي تعرف جيداً كيف تشارك الألم، وكيف تصل وتعزّي. في الأمسيات الدافئة في آب الجميل، التضرعات هي مثل بلسم يداعب القلوب المتألّمة وتجعلنا نشعر بمتعة رائعة كالندى اللطيف. عجائب الأيقونات المتعددة، مع القناديل التي لا تنام، شموع العسل التي لا تنطفئ، التقدمات الوافرة، الزخارف الفضية، التوبة، الدموع، السلامات، النذور، التعهدات، التضرعات والشكر: كثيرون يصومون ويعترفون ويتناولون.

إن وجه والدة الإله المقدّس والجميل مغرٍ. إنه يحرّكك لأن ترمي عليها أثقالك وألمك وأفكارك المرّة وطَبعَك وتعبك وتنهدات بؤسك. البلاد الأرثوذكسية مليئة بالكنائس والأديار والمناسك والمزارات التي لوالدة الإله. الزوار بالآلاف. في جبل اثوس، بستان العذراء، تسابيح عديدة للمدبّرة، المعزية، البوّابة، ذات الأيدي الثلاث، المديح، الحامية، القبلة الناعمة، السريعة الاستجابة، المفيضة الطيب، المرضِعة، والمستحقة الغبطة. كنيسة البروتاتون (الكنيسة الرئيسية في كارياس عاصمة جبل اثوس) تحتفل بالرقاد، كما الكثير من قلالي الأديار. والدة الإله هي المنجِدة السريعة للجبل المقدّس وهي تفرح بذلك. إنها المدافعة عن المسيحيين وهي تفرح بذلك.

هي الأجمل وجهاً وقلباً، الأكثر طهارة، الأرفع مجداً من الشاروبيم، وهي الأسمى من كل القديسين. لم يوجَد يوماً إنسان يفوقها قداسة، أو امرأة تفوقها صلاحاً. جوهرتها هي طهارتها، حياؤها، صمتها. لقد علّمت كثيراً بمثالها كما بحياتها الفاضلة. إن زماننا يحتاج إلى شخصيات ملهِمة ومعلّمة. لقد تعب البشر من الثرثرة، الوقاحة، المجون، الكبرياء، القبح، القذارة، والتعتيم. كلنا متعطشون إلى الانفتاح والصدق، والخجل، والصمت، والجدية، والنقاء، والتواضع الحقيقي. تقودنا الأيام الخمس عشرة الحالية في التأمل، في لقاء مع والدة الإله، إلى إعادة إحياء الفضائل المتداخلة، مع تقبيل أيقونتها والاستماع إلى حياتها وترتيل القطع الجميلة في قانونها التضرعي (الباراكليسي).

Leave a comment