X

بحث في التراث الأرثوذكسي

خبرة القديسين

القديس نقولاي فيليميروفتش

ترجَمته عن الفرنسيّة بتصرّف السيدة مايا اسطفان*

82-  يقول بعض المنحرفين عن الإيمان إنّ بولس لم يفهم المسيح، بل إنّه أعلن إنجيلاً مختلفًا عن إنجيل المسيح. يا للسّخافة والجهل! فالمسيح كان حيًّا في بولس (غلا 20:2)، فأضحى بولس على شبه الله، وابنًا لله. هل يتكلّم المسيح ضدّ المسيح، أو الله ضدّ ذاته؟ لعلّ ذاك الّذي قال “ونحن جميعًا نشاهد مجد الرّب بوجه مكشوف، كما في مرآة، سوف نتجلّى فنصير على تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرّب الروح” (2 كو 81:3). لعلّه أخطأ في فهم المسيح؟ ماذا يريد المسيح سوى أن نعاين مجده ونتجلّى، ومن أشرار وديدان نصبح صورته؟

83-  هذا الرسول بولس المغبوط هو نفسه قد كتب إلى أهل كورنش: ” لأننا نسلك بحسب الإيمان، لا بحسب ما هو منظور (2 كو 7:5). ولكن بأيّ إيمان؟ الإيمان بالإنجيل. ولِمَن؟ للمسيح. فالإيمان به وبكلامه أثمن بكثير من الإيمان بما نراه بأمّ العين. فهو الّذي نزل من السموات، وصعد إلى السموات. هو وحدَه المرشِد والطريق. وهو العليم بأسرار لا يمكننا أبدًا أن نُدرِكَها لا بالنّظر، ولا بأيّ أبحاثٍ محسوسة. لهذا ينبغي أن نؤمن به، وبه وحدَه. لقد أَعلَنَ لنا ما في طاقتنا أن نحتمله، لا أكثر. وليس باستطاعة إنسانٍ من لحم ودم، قابلٍ للموت، أن يحتمل المزيد.

84-  أمّا الناس الّذين اقتنوا الروح القدس، فأدركوا ما يتخطّى إعلانات المسيح للرّسل. فهموا أكثر، ولكن ليس بالنّظر، ولا بالأمور الحسّيّة، ولا من تلقاء أنفسهم، بل بواسطة الله الروح القدس، الّذي سَكَنَ فيهم، بعد أن تابوا وتطهّروا من خطاياهُم. إنّ حاملي الروح هؤلاء أَغنَوا الكنيسة من خُبُراتهم، وما زالوا يزيدونها غنًى. أمّا المنحرفون الغربيّون، فيرفضون الخبرة الروحيّة القديمة الّتي عرفها أجدادهم… ولم يكتسبوا خُبُرات جديدة، فافتقروا. فيما تبقى الكنيسة الأرثوذكسيّة أمينة لخبرات القدّيسين القديمة، وتغتني باكتساب خبرات جديدة. “لأن من له يُعطَ ويُزاد، ومن ليس له، فالّذي له يؤخَذ منه” (2كو 17:5).

85-  إنّ المسيحيّين المستقيمي الرّأي يسعَون بلا توقّف إلى الاتّصال بالله اتصالاً مباشرًا. وأهمّ وسيلتان لتحقيق هذا التواصل هما المناولة الإلهية والصلاة الدّاخليّة. فنحن، عندما نتلقّى جسد المسيح ودمَه، نجدِّد كياننا كلّه ونحوّله إلى المسيح. نلبس المسيح (1كو10: 16-17 وغلا 3: 27-28 و19:4). هكذا يحتلّ المسيح مكان ذواتنا في داخلنا، شيئًا فشيئًا، فيحيا ويؤمن فينا، إلى أن يصبح هو الفاعل ونحن المفعول، إلى أن نتمكن من الهتاف مع الرّسل، وقد انفصلنا عن أنانيّتنا، وتألَّهْنا: “زال القديم وها حضَرَ الجديد” (2كو 17:5). في عمليّة الولادة الجديدة للإنسان هذه، تجد عقيدة تجسّد ابن الله من جسد العذراء أهمّيتها العمليّة لكل واحد منّا.

86-  كلّ مسيحيّ يستطيع أن يمارس الصلاة الدّاخليّة، ولكنّها أساسًا مطبّقة عند الرّهبان الأرثوذكس الّذين لا ينفكّون يردّدون في قلبهم: “يا ربيّ يسوع، ارحمني أنا الخاطئ”. هذه هي الكلمات الخمس الّتي يتكلّم عنها بولس الرّسول (1 كو 19:14). بهذه الصلاة البسيطة ولكن الكاملة، يمكن أن نحفظ وصيّة الرّب: “صلوا بلا انقطاع” (1تس 17:5). أمّا الثمار النافعة لهذه الصلاة، فيعرفُها كلّ مَن يُمارسها، وكلّ مَن عاشَرَ الرّهبان والرّاهبات الّذين يمارسونها، وكلّ من قرأة سيرة القديس ماكسيموس حَرّاق الأكواخ Kavsokalyvite)) وسيرة القدّيسَين أندراوس وباسيليوس المتبالهَين من أجل المسيح، وسواها من سِيَر الآباء والأمّهات القدّيسين وسواها من سِيَر الآباء والأمّهات القدّيسين على مدى تاريخ الكنيسة الطويل وإلى أيّامنا هذه.

87-  أمّا الثمرة الجوهريّة لهذه الصلاة، فهي أنّ نفس الإنسان تبقى على اتصال دائم بالله. ومن هذا الاتّصال، يشتعل في القلب حُبُّ الله، فنبلغ إلى الّلاهوى، وإلى عدم التّأثّر بهذا العالم وشهواته. تمتلك الإنسان رغبة متنامية في الموت على أسرع ما يُمكن ليلتقي الرّبّ الحلو في عالم الآخرة (في 23:1). فالقدّيس بافنوتيوس الّذي من بوروف Borov، لمّا شعر باقتراب أَجَله، هتف بفرح: “هوذا يوم الرّب، افرحوا يا معشَر البشَر فقد اقترب اليوم الّذي طالما انتظرتُه!” إنّ الشجاعة في مواجهة الموت، وكذلك الرّغبة عند الإنسان في مغادرة العالم بأسرع ما يُمكِن جعلتا من هؤلاء المتوشِّحين بالروح القدس أعظم الأبطال في تاريخ العالم.

88-  إنّهم يعيشون في هذا العالم، ولكن ليسوا من هذا العالم. هُم مواطنو السَّماء، ملائكة في الجسد. هم شبه آلهة، وابناءُ لله، و أبناءُ النّور عندما أراد المغبوط سمعان (21 حزيران) أن يترك الصحراء بعد نسك طويل قضاه فيها برفقة صديقه يوحنا، ليعود ويعيش بين الناس، ويعلّمهم، أسدى له يوحنّا النّصيحة التّالية: “احفظ قلبك من كُلّ ما تراه في هذا العالم. لا تَدَع قلبك يلمس ما تلمسه يداك. فإذا تغذّى فمك بالطّعام، لا يبتهجنّ به قلبك. وإذا مَشَت رِجلاك احفظ في داخلك السلام. إيّاك أن تقطع اتّصالك بالله ولا لحظة واحدة”!

89-  قال بولس المجيد إن الله شاء “أن يُعلِنَ ابنَه فيّ (غلا 16:1). ففهم بولس ذلك وتقصّى جيِّدًا الطريقة الّتي أتى بها المسيح وسكن فيه، حتى أضحى قادرًا أن يهتف: ” لستُ أنا أحيا بعد بل المسيح يحيا فيّ (علا 20:2). يا لبولُس! هذا الرّجل النّحيف الأحدب، الأصلع البطيء في الكلام، ذو اللّباس الفقير والغذاء البائس، الحسير النّظر، القصير القامة. خلف هذا المظهَر الغشّاش اختبأ إنسانٌ متألّه، وابنٌ لله، وملك، وكاهن. آلاف الآلاف أمثاله تتالَوا من بعده، وربوات الرّبوات في بني البشَر كانوا الآخِرين من خارج، والأوّلين من داخل. “ولم يكن العالم مستحقاًّ لهم”، كما قال بولس نفسه (عب 38:11). هؤلاء هم الّذين غلبوا ذواتهم والعالم، وأصبحوا الآن يسطعون كالشمس في الملكوت السماويّ، ويتهلّلون مع الملائكة حول ملك المجد، وهو حمل، ومخلّص العالم، يسوع المسيح.

90-  منذ ألفَي سنة تقريبًا والمسيح سيّد العالم يجني حصادَه، ومخازن قمحِه في السماء تكاد تمتلئ. دولتُه عددُ سكانها أكثر من دُوَل العالم كلّها مجتمعة. مملكتُه هي الأقوى، كلّ ما فيها يزداد نموًّا بالعدد وبالقوّة. هذه ثمرة أعراق المسيح وكَدُّه ودموعَه ودماؤه. ونحن المسيحيّين المستقيمي الرّأي على اتصال بملكوت المسيح هذا : نحن على تواصل والله الآب والابن، والروح القدس، ورؤساء الملائكة والملائكة والقوّات السماويّة كافّة، كما نتواصل مع الأبرار جميعًا وسائر الّذين أرضوا الله من أنبياء ورسل وشهداء وآباء متوشّحين بالله، ومعلّمي الكنيسة، والّذين عاشوا في البتوليّة من الرجال والنّساء، والنسّاك، وكلّ الّذين أحسّوا بالله جسديًّا، وحملوه في داخلهم، وفرحوا بالله، وصاروا شِبْهَ آلهة وأبناء لله.

91-  الذّبيحة غير الدمويّة… هي الجزء الافتتاحيّ من القدّاس الإلهيّ، والمقدِّمة منه. فيها تواصلنا مع الملكوت السماويّ، ومع مواطني السموات. فمن حول “الحمَل”[1]، يفصِّل الكاهن من القربانة جزءًا لوالدة الإله، – هي أوّلاً لأن الله تجسّد من حشاها – ثمّ للقدّيس يوحنّا المعمدان وسواه من الأنبياء، وللرُّسُل ولآباء الكنيسة، وللشُّهداء والمعترفين، وأمّهاتنا القدّيسات، والقدّيسين ماقتي الفضّة وصانعي العجائب كلّهم. يا لها من ثروة، ويا له من مجد! ثمّ من أجل المتوفّين من آبائنا وأمّهاتنا، وإخوتنا، ثمّ من أجل المسيحيّين الأحياء. يا لها من ثروة، ويا له من مجد! فالزّمان والمكان يضمحلاّن، ولا يبقى للجنسيّات والإنتماءات الأرضيّة من حساب، بل وحدَه حمل الله ومواطنوه. ثمّ توضع أجزاء القربان من أجلهم جميعًا في الكأس، الكأس الأكثر قدسيّة مع المشروب السماوّيّ، ونتناول منها. هذا هو اتصالنا بهم: إنّه اتّحادنا بهم. إنّه ملكوت واحد، وانتماء وطنيّ واحد، وإيمان واحد، وعائلة الله الواحدة (أفسس 4: 4-6).

92-  هذا كلُّه ليس عند المنحرفين عن الإيمان. فحتى لو حافَظَ بعضهم على الاحتفال بالقدّاس الإلهيّ، لا يقيمون الذبيحة أوّلاً… يريدون أنّ يعرفوا الله وحده، من دون قدّيسيه، حسب زَعمِهم. لا يودّون أن يرتبطوا سوى بالله وحدَه، من دون أبنائه. يرغبون في توقير المسيح، ويرذلون حصاده وغلال أتعابِهِ ودموعِه وآلامهِ وموتهِ. لا يريدون أيّ اتّصال بالله، وبآلاف وربوات الناس الّذين خلصوا وأرضَوا الله. ولكن المسألة هي أن نعرف هل يبغي الله اتحادًا مع الّذين يرذلون أولادَه. أم سيقصيهم عنه في غضبه، كما أقصَوا هُم أبناءَه.

93-  المنحرفون عن الإيمان يدعون الكنيسة “مؤسّسة”، ويضعونها في مصفِّ سواها من المؤسّسات ، راغبين في توحيد مستقبليّ لا معنى له، وينظرونها نظرتهم إلى أيّ مؤسسة سياسيّة او اقتصاديّة او اجتماعيّة … ولكنّ الكنيسة ليست مؤسّسة إنها تُنجِب أولادًا. هي عائلة على مستوى رحب جدًّا، لا تنفكّ تهزّ الأسرّة لأطفالها لهذا يقول بولس الرسول إلى أهل غلاطية: “يا أولادي الّذين أتمخّض فيهم إلى أن يتكوّن المسيح فيكم” (غلا 19:4). على مدى العصور، ما زالت الكنيسة تلد أبناءً لله في آلام المخاض، أولادًا وبنات لله، وأسباه آلهة، وارثين مع المسيح في ملكوت الحياة الأبديّة والنور الخالد.

94-  أيّتها الكنيسة الأمّ! هكذا يدعو الأرثوذكسيّون الكنيسة… وهذا الاسم لا يليق إلاّ بالكنيسة، وهي تُسمّى “أُمًّا” بحقّ. فهي تلد أبناء الله وبناته. والعهد الجديد كلّه يتكلّم على التوليد، والولادة الجديدة، والولادة من جديد، من خلال المسيح والرسل، كما فيما بعد سيتكلّم عنها الآباء والأمّهات القدّيسون. طبعًا من الواضح أنّ الكلام هنا هو على الولادة الروحيّة، تلك الولادة الّتي لم يفهمها نيقوديموس(يو 3: 4-5)، ولكن فهمها ربوات وربوات من المسيحيّين من بعده، وأحسّوا بها في ذواتهم.

95-  ليس ولادة من دون تواصل، لا ولادة جسديّة، ولا ولادة روحيّة. الحبّ يعبَّر عنه بالتّواصل، وأعني الحبّ الجسديّ، كما الحبّ الروحيّ. إنّ الكنيسة الأمّ تلِدُ أبناءَها الرّوحيّين باتّصالها مع الله الرّوح القدس. كيف؟ كما وُلِدَ المسيح من العذراء الفائق قدسُها مريم. فمريم أيضًا سألت الملاك: “كيف يكون لي ذلك ولست أعرف رجلاً؟” (لو 1: 34-35) فأجابها الملاك: “الروح القدس يحلّ عليك، وقوّة العليّ تظلّلك. لذلك الّذي سيولَد منك سيكون قدّوسًا ويُدعى ابن الله”. أجل، المقصود هنا ولادة المسيح بالجسد، فيما نحن نتكلّم حول الولادة الروحيّة من روح الله بوساطة الكنيسة. ولكن “كلّ شيء مستطاع عند الله” (متى 19:26). فمن الّذي ابتكر الولادة أوّلاً سوى الله؟ فبما أنّه ابتكر الولادة الجسديّة، ابتكر كذلك الولادة الرّوحيّة. ولمّا ولّد تلك، ولّد هذه أيضًا. المهم أنّ الكنيسة كانت ولم تزل أُمًّا على مدى الدّهور. ما أعذب هذا الاسم: الكنيسة الأمّ!

96-97 بالنسبة إلى الرّباط ما بين الكنيسة على الأرض والكنيسة في السماء، اللاهوتيّون المنحرفون عن الإيمان يرفضونه وينكرونه… بين الله و الناس ليس من وسيط، كما يزعمون، ولا من شفاعة. يفتخرون بالصّلاة الى الله وحده…

إنّ كلمة “شفاعة” ظهرت أثناء الخلافات فيما بين الطوائف الغربيّة، أمّا الكنيسة الأرثوذكسية فتفسّر الرباط ما بين شعب الله في السماء، في أورشليم السماوية، وشعب الله على الأرض بالمحبّة، لا بالشفاعة. شعب الله في السماء له الحياة، والقوّة، والمحبّة بمقاييس أكبر منّا بكثير، فيما نحن يعيقنا الجسد. وبمحبّتهم لنا، يصلّون لأجلنا. ونحن محبّةً بهم، نحيي ذكراهم بالاحتفال على الأرض، ونقيم لهم كنائس، ونقرّب القرابين باسمهم، ونتوجّه إليهم بالأدعية، والتوسّلات، كما لو كانوا أقرباء لنا مشرّفين، أو أعضاء حاشية الملك الرّبّ، حتى يعينونا بمعونة إلههم وإلههنا.

98-  الكنيسة الأرثوذكسيّة تَعلَم، من خلال خبرتها الكبيرة، أنّ قدّيسي الله أحياء، يَرَوننا ويسمعوننا، ويساعدوننا. هم يساعدوننا سواءٌ علمنا ذلك أم لم نعلم. إنّهم بقربنا، ونحن نشعر بحضورهم، وهم بروحنا. هذا أيضًا ما شعره بولس الرّسول في أوائل أيّام المسيحيّة فأعرب عنه هكذا:

“بل قد أَتيتُم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحيّ اورشليم السماويّة، وإلى الله ديّان الجميع، والى أرواح الأبرار المكمَّلين” (عب 12: 22-23). هؤلاء ليسوا سوى الّذين خلّصهم الرّبّ عندما نزل إلى الجحيم. فماذا نقول اليوم، وقد مضى تسعة عشر قرنًا على بولس؟ كم تنامى وكثر شعب الله السّماويّ، وكم اغتنت أورشليم السماويّة من المُعَمَّدين!

99-  نحن نعلم أنّ القدّيسين كلّهم أبناء الله، أبناء الملك السماويّ، المشابهين لله بالنعمة والتبنّي، وأنّ كلّ الحياة والقوّة والمحبّة الّتي تنتقل منهم إلينا آتية من مصدر وحيد أزليّ، من الله الوحيد الواحد السرمديّ، الثالوث في وحدانيّة. فقد قال المسيح للعبرانيّين: “إذا لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال” ( يو 10: 38). فما هم القدّيسون، أي شعب الله الّذي لا يُعَدّ في أورشليم السماويّة، وما هم ربوات المُخَلَّصين والمحتفَل بذكرهم منذ ألفي سنة إلى اليوم إلاّ أعمال المسيح؟ فها نحن نسأل المنحرفين عن الإيمان: كيف تؤمنون بالمسيح، ولا تؤمنون بعمل المسيح هذا، العمل الإلهيّ العظيم؟

100- الانجيل بشرى الخلاص! حقًّا إنها البشرة الوحيدة العظيمة للبشر كافّة على الأرض، منذ أن عَصَت حوّاء وصيّة الله، وولدَت قايين، قاتِل أخيه، إلى يومنا هذا، وإلى منتهى الدّهور. هذه هي البشرى الّتي أعلنها الربّ يسوع المسيح للعالم. والحق إنّه هو البشرى. والكنيسة الأرثوذكسيّة حفظَت كمال الإيمان بهذه البُشرى، الإيمان بالمسيح. ولكنّ الحفاظ على هذا الكنز الفريد لم يتمّ من دون نزاع مرير من الداخل ومن الخارج. إلاّ أنّها ظفَرت، بمعونة الله ووالدة الإله وسائر القدّيسين. وهي لم تفعل ذلك لمجدها الخاصّ، بل لمجد المسيح، ليس لخلاص الشعوب كلّها وحسب، بل لأجل الأجيال الآتية كافّة، في كلّ أمم الأرض، اللّهم إن يقبل هؤلاء أن يفتحوا قلوبهم وأذهانهم ليروا أين يكمن خلاصهم.

إنّ مستقبل البشرّية لمرتبط بالأرثوذكسيّة لا مَحالة. “اسمعوا ايّها الشعوب كلّكم وارتعدوا، لأن الله معنا” (إشعيا 8: 9-10).

*  من “الإيمان و الحياة بحسب الإنجيل، بشرى الخلاص في الكنيسة الأرثوذكسيّة، ( مقتطفات من”مئويّة ليوبوستينيا” Lioubostinia)” ترجَمته عن الفرنسيّة بتصرّف السيدة مايا اسطفان، مراجعة راهبات دير رقاد السيدة – كفتون، المصدر الأساسي:

«Centurie de Ljubostinia» in Vélimirovitch, St Nicolas. La foi et la vie selon l’Evangile. Editions l’Age d’Homme (10 mai 2007). Col.Grands Spirituels Orthodoxes du XXe siècle. Traduit du serbe par Zorica Torzic.

 


[1] القسم الوسطيّ من القربان الّذي بشكل مربّع فيه صليب وعلامة المسيح IC XC NI KA هو الّذي يُقدَّس وقت الاستحالة في القدّاس.

admin:
Related Post