X

بحث في التراث الأرثوذكسي

ضد الحقد*

لأبينا في القديسين نيقوديموس الآثوسي المتوشح بالله

لذلك نطلب أن تصحوا يا أيّها الآباء الجزيلي الإحترام ويا إخوتنا المحبوبين بالمسيح، تعالوا وأدركوا الأذي المسبّب لكم من العدو الشرّير. تخلّصوا من الضغينة. استأصلوا من أفئدتكم الحقد على الإخوة واغرسوا المحبّة فيها التي هي رباط الكمال كما يقول بولس المغبوط (كولوسي 14:3) .ما معنى رباط الكمال؟ يقول الذهبي الفم مفسّرًا إياهاما يريد الرسول قوله هو أن سائر هذه الأمور، أي الفضائل، هي موثوقة بجملتها بالمحبّة. مهما قد تذكر من مآثر حسنة بغياب المحبة هو لا شيء بل يذوب كليًّا. فإنه إذاما أنجز امرءٌ إنجازات عظيمة، مهما كانت، فهي بأجمعها باطلة إذاما لم تكن لها المحبّة.” أيها الآباء اهجروا (تخلوا) الإفتراءات على إخوتكم واستبدلوها بالمديح (بالتمجيد) وليتذكر كل واحد ما يقوله الرسول: “أخيرًا أيها الإخوة كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسرّ، كل ما هو صيته حسن، ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذا افتكروا.” (فيليبي 8:4)

نختم اعترافنا ودفاعنا بهذه العبارة المختصرة بل هي جريئة وحقّة. أيها الإخوة والآباء اذا لم تستأصلوا الضغينة من أفئدتكم ولم تغرسوا مُنمّين المحبة وإذا ما كنتم لا تكفّوا عن الإفتراءات ضد إخوتكم، فاعلموا – واغفروا جرأتنا هذه – أن مكوثكم في الجبال والتلال هو دون جدوى. فكل جهاداتكم النسكية وأتعابكم وكدحكم هي بدون جدوى. هل نتفوّه بما هو أعظم؟ وحتى لو كابدتم استشهاد جسدي من أجل المسيح لكن البغضاء في صميمكم ولا تحبّون إخوتكم، فباطل هو استشهادكم. وهذا ليس بكلامنا بل ليوحنا الذهبي الذهن والفم الذي يقول: “ليس من شيء أعظم أو مضاهٍ للمحبة ولا حتى الإستشهاد الذي هو أوّل سائر المآثر الصالحة. كيف يكون هذا؟ أنصت. محبة دون استشهاد تؤدّي بالإنسان أن يغدو تلميذًا للمسيح، لكن باستشهاد دون محبة فلا يسعه إحراز (بلوغ) هذا.

إذًا أيها الإخوة والآباء، متخلّين عن الضغينة والحسد كما والإفتراءات الشريرة ضد الإخوة، دعونا نتّخذ المحبة التي هي إيماءة وعلامة مميّزة لتلاميذ المسيح ولنحتضن السلام الواحد تجاه الآخر مع الإتحاد والإنسجام، بالطريقة هذه دعونا نقدّم صلواتنا بسلام إلى الله أمير السلام، الذي وهبنا السلام بواسطة دم صليبه، والذي يمنح السلام للقاصين والدانين حسب الرسول ممجدين بصوت متفق وقلب واحد اسم الآب والإبن والروح القدس الكلي القداسة، الإله الواحد المثلث الأقانيم الذي ينبغي له كل المجد إلى مدى الدهور. آمين.

* من كتاب اعتراف الإيمانلأبينا في القديسين نيقوديموس الآثوسي المتوشح بالله، نقلها إلى العربية رهبان دير حماطورة، قيد الطبع.

admin:
Related Post