X

بحث في التراث الأرثوذكسي

المثابرة

بتصرّف عن الأب جورج موريللي

إعداد الأب أنطوان ملكي

 

قال توماس ألفا آديسون “أغلب الناس يضيعون الفرصة لأنها تأتي مكتسية ثوب العمل”. يبدو أنّ الكثيرين في العالم يريدون النجاح، لكن القليلين يثابرون على ما يتطلبه تحقيق نجاحهم من الأعمال. للأسف، يعتقد البعض أنّ النجاح سوف يأتي لمجرّد أنهم يرغبون به. مع ذلك، في تفحّص سيَر كل الذين حققوا النجاح، يظهر فعلياً أنّ الأمر تطلّب مثابرة عظيمة واحتمالاً، ومقاومة لكل الحواجز والصعوبات وتخطياً لها. إلى هذا، الأشخاص الناجحون فعلياً لا يكتفون بالمستوى الذي بلغوه بل يثابرون إلى تحقيق كمال أعظم.
هذا التبصّر ليس منسياً في إيمان الكنيسة. هناك تحذير موجّه لنا من الله، إذ يخبرنا النبي إشعياء “ويحلّ عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة (المثابرة – الشجاعة)، روح المعرفة ومخافة الرب” (2:11). لاحظوا أنّ الحكمة تسبق المثابرة وتتبعها المعرفة. يوجّهنا الرسول بولس نحو نوع من المعرفة والحكمة التي نحتاج إليها إذ توجهنا نحو الهدف الأساسي لمساعينا: ” لان محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلّوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة. وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة ” (1تيموثاوس 10:6-11). الفضائح والأزمات المالية التي ضربت العالم واقتصادياته مؤخّراً تشهد لتأثيرات إهمال نصيحة الرسول بولس الملهَمة. فأقّل ما يُقال هو أنّ على الساعين إلى المجد العالمي أن يقوموا بذلك بطريقة ورعة صالحة. يشرح لنا القديس إسحق السرياني ماهية المثابرة بالنسبة للمسيحيين: “إن زماناً من التجارب نافع لكل إنسان: فالمجتهدون يُجرَّبون لتزيد ثروتهم؛ المتراخون يجرَّبون ليُحفَظوا من الأذى، المتغافون روحياً لكي يستعدوا لليقظة، البعيدون عن الله لكي يقتربوا منه، مرافقو الله لكي يقتربوا منه أكثر…” يقول الرسول بولس للرومانيين (5:15-7) أنّ هذا الهدف هو حفظ موهبة الله داخلياً: “وليعطِكم إله الصبر والتعزية أن تهتمّوا اهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب المسيح يسوع، لكي تمجّدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد، لذلك اقبلوا بعضكم بعضاً كما أنّ المسيح أيضاً قبلنا لمجد الله”.

admin:
Related Post